دخلت حكومة المحاصصة اليمنية، مرحلة اختبار حقيقي بعد أداء اليمين الدستورية في مراسم شهدت غياب ممثل "التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري"، جراء اعتراضه على تمسّك مؤسسة الرئاسة بإقامة القسم الجمهوري في أراضٍ غير يمنية.
وفي وقت سابق السبت، أدى 23 وزيراً يمنياً، بينهم 5 من المجلس الانتقالي الجنوبي، اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي في العاصمة السعودية الرياض، فيما غاب وزير الإدارة المحلية عن حصة "التنظيم الناصري"، حسين الأغبري.
وأكد مصدر حكومي، لـ"العربي الجديد"، أنّ من المقرر أن تنتقل الحكومة الجديدة إلى العاصمة المؤقتة عدن، ظهر غد الأحد، من أجل البدء بممارسة مهامها، فيما يسود الغموض الموقف الذي سيتخذه "التنظيم الوحدوي الناصري".
إقامة مراسم اليمين في الرياض، رغم الضمانات السعودية بعدم وجود أي عوائق أمنية في عدن، مؤشر على نية الشرعية بعدم العودة إلى ممارسة مهامها من الأراضي اليمنية
ولوّح "التنظيم الناصري" بالانسحاب من الحكومة في حال أداء اليمين الدستورية في العاصمة السعودية، ومخالفة اتفاق الرياض الذي نصّ على أن تؤدي الحكومة الجديدة القسم في العاصمة المؤقتة عدن.
وذكر مصدر سياسي في الحزب، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم سيصدر موقفه مما جرى خلال الساعات المقبلة"، لافتاً إلى أنّ إقامة مراسم اليمين في الرياض، رغم الضمانات السعودية بعدم وجود أي عوائق أمنية في عدن، "مؤشر على نية الشرعية بعدم العودة إلى ممارسة مهامها من الأراضي اليمنية".
وخلافاً للتفكك الذي يهددها منذ اللحظات الأولى، ستجد الحكومة اليمنية الجديدة نفسها في مواجهة ملفات شائكة ومعقدة، على رأسها استعادة السيطرة في المناطق الخاضعة للشرعية من المجلس الانتقالي الجنوبي، وخصوصاً في عدن ولحج وأبين وسقطرى.
وبدلاً من إنجازه في المرحلة التي تسبق الحكومة، أضاف الوسطاء السعوديون عبئاً جديداً على الحكومة الشرعية بترحيل الجزء الأكبر من الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض إلى ما بعد وصول مجلس الوزراء إلى عدن، الذي سيجد نفسه مكبّلاً باستكمال الانسحابات وجمع السلاح الثقيل.
وتتصدر قضية إخلاء العاصمة المؤقتة عدن من الوحدات والمعسكرات التابعة للمجلس الانتقالي لائحة الملفات الشائكة على طاولة الحكومة الجديدة، التي ستلجأ إلى العمل على دمج التشكيلات العسكرية الموجودة بعدن في إطار وزارة الدفاع، من أجل إيجاد صيغة شرعية لوجودها داخل العاصمة المؤقتة.
ومن المستبعد أن تمتثل القوات الانفصالية لقرارات وزارة الدفاع، حتى في حال دمجها ضمن القوات النظامية، حيث يطالب المجلس الانتقالي الجنوبي بإخراج القوات التابعة للشرعية من محافظات جنوبية أخرى هي شبوة ووادي حضرموت.
وسيكون الملف الاقتصادي ثاني أبرز التحديات للحكومة الجديدة، وخصوصاً بعد الانهيار غير المسبوق للريال اليمني أمام العملات الأجنبية خلال الأسابيع الماضية، وفي ظل حالة الانسداد السياسي الذي سبق الإعلان عن الحكومة.
وبدأ الإعلان عن الحكومة وأداء القسم ينعكس إيجاباً على سوق الصرف. وقال صرافون لـ"العربي الجديد"، إنّ تعاملات السبت سجلت 750 ريالاً أمام الدولار الواحد، في تحسن ملحوظ بعد أن كان قد وصل إلى 930 ريالاً، الخميس قبل الماضي.
ثالث أبرز الملفات الشائكة أمام الحكومة، استعادة هيبة الدولة التي فقدت في المناطق المحررة منذ التمرد المسلح في عدن، وهو ما أفصح عنه الرئيس هادي بشكل خاص في اللقاء الأول معها، حيث طالبها بـ"الحفاظ على سمعة الدولة وهيبتها ورمزيتها وعدم إصدار أي تصريحات إعلامية تضر بسمعة الدولة".
وبسط المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على مؤسسات الدولة في عدن، وتحديداً منذ إعلانه ما يسمى "الإدارة الذاتية". ووفقاً لمراقبين، سيكون وزراء "الانتقالي" أمام محك حقيقي لاختبار نياتهم، وما إذا كانوا سيعملون باسم المجلس الذي يمثلونه ويرفعون أعلامه الانفصالية في مقرات الوزارات أو لا.
رابع التحديات، انضباط عمل الحكومة بشكل دائم من العاصمة المؤقتة عدن، وخصوصاً في ظل الانتقادات الواسعة التي طاولتها خلال السنوات الماضية بممارسة مهامها من العاصمة السعودية الرياض.
وشدد الرئيس هادي على هذه النقطة، وقال في اللقاء الأول مع الحكومة إنه "لن يكون هناك أي وزير يمارس عمله بعد اليوم من خارج الدولة والعاصمة المؤقتة"، في إشارة إلى اكتفاء الحكومة السابقة بممارسة مهامها من فنادق العاصمة السعودية.
وأضاف: "المهمة الأولى لكل وزير هي أن يكون قدوة لكل وزارته، ويداوم رسمياً وينسى السفريات، ويقرب منه الكوادر المؤهلة ويبني وزارته بناءً حقيقياً، لا وزارات في حقائب الوزراء، وأن تكون الوزارات فاعلة ولها هياكل حقيقية ودوام رسمي ومقرات معروفة للجميع".