وافقت اللجنة العامة في مجلس النواب المصري على طلب تعديل الدستور المقدم من أكثر من خُمس عدد أعضاء المجلس، ورفع تقريرها بخصوص الأمر إلى الجلسة العامة المقررة، اليوم الثلاثاء، للتصويت على إحالة الطلب للمناقشة أمام لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان، استناداً إلى أحكام المادة (226) من الدستور، والمادتين (135) و(140) من اللائحة الداخلية للمجلس.
وقال مصدر قيادي في ائتلاف الأغلبية (دعم مصر) إن موافقة اللجنة (تضم رؤساء اللجان النوعية والكتل البرلمانية للأحزاب) جاءت بالإجماع، باستثناء رفض ممثل الحزب "المصري الديمقراطي"، إيهاب منصور، وتسجيل رئيس حزب "التجمع"، السيد عبد العال، تحفظه على طلب التعديل، مشيراً إلى أن الاجتماع شهد حالة من الجدل حول مدى دستورية مناقشة المادة (226) المتعلقة بمدد الرئاسة.
وأوضح المصدر في تصريح لـ"العربي الجديد" أن أحد أعضاء اللجنة تحدث عن عدم دستورية مناقشة المادة، كونها تنص في فقرتها الأخيرة على "عدم جواز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات"، وهو ما رد عليه رئيس البرلمان، علي عبد العال (عضو سابق بلجنة العشرة لإعداد الدستور)، بالقول إن "هذا الأمر غير صحيح، ولا توجد إشكالية دستورية في مناقشة البرلمان للمادة".
إلى ذلك، واصلت القوى السياسية المعارضة لتعديلات الدستور تحركاتها في مواجهة تمريرها، خصوصاً أنها تهدف إلى استمرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحكم حتى عام 2034، إذ اجتمعت مجموعة من رؤساء وممثلي الأحزاب السياسية والبرلمانيين والشخصيات العامة، مساء أمس الإثنين، في مقر حزب المحافظين بضاحية المهندسين بالجيزة، لتدشين ما يُعرف بـ"اتحاد الدفاع عن الدستور".
وتستهدف تعديلات الدستور المصري بقاء السيسي في منصبه لمدة 12 عاماً أخرى بعد انتهاء ولايته في 2022، واستحداث مجلس أعلى لجميع الجهات والهيئات القضائية برئاسته، ومنحه صلاحية تعيين رئيس المحكمة الدستورية، ونائبه، واختيار النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، فضلاً عن اشتراط موافقة الجيش على تسمية رئيس الجمهورية لوزير الدفاع، وإضافة "حماية مدنية الدولة" إلى اختصاصات المؤسسة العسكرية الدستورية.
وحسب تدوينة للقائم بأعمال رئيس حزب "التحالف الشعبي"، مدحت الزاهد، على صفحته الشخصية عبر موقع "فيسبوك"، فإن الاجتماع "انتهى بالإجماع على رفض المساس بدستور 2014، والتعديلات الرامية لتأبيد حكم الفرد المطلق، وتبعية كل المؤسسات للحاكم الممتدة تحت ولايته، بما ذلك مؤسسات القضاء، بما يمثل إهداراً لتوازن السلطات، وامتداداً لمصادرة المجال العام، والعصف بالحريات".
وأفاد الزاهد بأن الاجتماع لم ينته إلى قرار بالمشاركة أو مقاطعة الاستفتاء الشعبي المرتقب على تعديلات الدستور، غير أن المجتمعين اعتبروها جميعها "غير دستورية" من حيث المبدأ، وتركوا هذه القضايا للتفاعلات اللاحقة، مشيراً إلى أن الاجتماع تناول سُبل مواجهة هذا العدوان، بما في ذلك المسار القانوني، والتنسيق مع كل القوى المعارضة لبناء كتلة ديمقراطية شعبية لحماية الدستور.
وشاركت في الاجتماع أحزاب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، و"تيار الكرامة"، و"المصري الديمقراطي الاجتماعي"، و"الدستور"، و"الإصلاح والتنمية"، و"مصر الحرية"، و"الاشتراكي"، و"الوفاق"، و"المحافظين"، فضلاً عن العديد من الشخصيات العامة، ومن أبرزهم: عبد الجليل مصطفى، وجورج إسحاق، وأحمد البرعي، ومجدي عبد الحميد، ومحمد عبد العليم داوود، وطلعت خليل، وسمير عليش.
من جهته، بين عضو لجنة وضع دستور 2012، محمد محيي الدين، أن "اتحاد الدفاع عن الدستور" يستهدف العمل مع ولصالح الشعب المصري بكافة انتماءاته السياسية، "ومقاومة العدوان السافر على الدستور بكل السبل الدستورية والقانونية، باعتبار أن التعديلات تستهدف ترسيخ حكم الفرد الواحد، والتغيير الكلي لفلسفة نظام الحكم القائمة على مبدأ توازن وتكامل السلطات العامة".
وأضاف محيي الدين، في بيان أرسله إلى الصحافيين عبر تطبيق "واتساب"، أن تعديلات الدستور المقترحة تهدف كذلك إلى القضاء على مبادئ تداول السلطة سلمياً، واستقلال القضاء، وحياد القوات المسلحة سياسياً واجتماعياً، وهو ما سيكون له بالغ الأثر السلبي حالياً ومستقبلاً على الشعب المصري، ومؤسسات الدولة المصرية "لن يستفد منه سوى أعداء وخصوم الوطن"، على حد تعبيره.
كان الكاتب الصحافي الموالي للنظام، ياسر رزق، قد كشف في مقاله المنشور أخيراً بصحيفة "أخبار اليوم"، أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية سيجرى في أواخر شهر إبريل/ نيسان أو مطلع مايو/ أيار المقبلين، بعد موافقة مجلس النواب عليها بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، منبهاً إلى ضرورة إسراع البرلمان في الانتهاء من مناقشة التعديلات، لأن إجراء الاستفتاء تزامناً مع شهر رمضان يُنذر بضعف إقبال الناخبين على التصويت.