وكشفت المصادر أنّ بعض تلك الشركات مملوك من الباطن لقيادات عسكرية كبيرة وبعلم من قيادة المؤسسة العسكرية، فيما الأخرى مملوكة بشكل جزئي، من خلال تصدير شخصيات من أمثال رجل الأعمال محمد علي، على الورق، في حين تظلّ تلك القيادات في الخفاء، وتحصل على مبالغ وأرباح طائلة نظير علاقاتها داخل مؤسسة الجيش، التي تسهّل إسناد الأعمال المختلفة بالأمر المباشر لتلك الشركات في مقابل عمولات كبيرة يستفيد منها الجميع.
وقالت المصادر إنّ هناك شبكات مصالح باتت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقطاعات الاقتصادية للقوات المسلحة، مضيفةً أنّ "الأمر لا يقتصر على مجال التشييد والبناء فقط وإن كان هو المجال الأكبر، إذ يمتد إلى شركات جديدة ظهرت في مجال التوريدات الغذائية والأعمال الهندسية وقطاعات أخرى عديدة". وأوضحت أنّ الشركات باتت تحقق مكاسب بملايين الجنيهات نظراً لحصولها على أعمال ضخمة من الباطن من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والقطاعات الاقتصادية الأخرى بالمؤسسة العسكرية بالأمر المباشر، وبأسعار لا تتم مراجعتها، نظير عمولات ضخمة تبدأ من وزير الدفاع وحتى لواءات وقيادات عسكرية برتب أدنى، لافتةً إلى أن الرئيس المصري على علم بهذه العمولات، نظراً لكونه كان وزيراً سابقاً للدفاع وحصل عليها في وقت سابق.
وبحسب المصادر، فإنّ هناك إنشاءات خاصة بأسرة السيسي بخلاف التي كشف عنها رجل الأعمال محمد علي، نفذتها شركات أخرى وتمت كمجاملات نظير حصول تلك الشركات على امتيازات وتنفيذ مشاريع عملاقة بمليارات الجنيهات. وقالت المصادر إنّ هناك اتجاهاً للإطاحة بعدد من القيادات العسكرية الكبرى المسيطرة على القطاعات الاقتصادية في فترة لاحقة بعد هدوء العاصفة التي سبّبتها تسجيلات محمد علي، مشيرةً إلى أنّ هناك حالة من الغضب الكبير بين صفوف الضباط في الأسلحة القتالية المختلفة، الذين يواجهون العناصر الإرهابية في سيناء وغيرها، في حين يحصل ضباط وقيادات القطاعات الاقتصادية على أرباح ومكاسب طائلة.
وتلاحق القوات المسلحة اتهامات بالسيطرة على الحياة الاقتصادية المصرية عبر منافستها للمستثمرين والقطاع الخاص. وفي وقت سابق، حذّرت بعثة صندوق النقد الدولي الخاصة بمراجعة الإجراءات المتعلقة بقرض من الصندوق للحكومة المصرية بقية 12 مليار دولار، من تغوُّل القوات المسلحة وسيطرتها على الاقتصاد. فيما ذكر المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة العقيد تامر الرفاعي في تصريحات حديثة أن المؤسسة العسكرية تشرف على 2300 مشروع يعمل بها نحو 5 ملايين من العمال المدنيين والمهندسين.
يذكر أنّ أنباء كانت قد ترددت بقوة في وقت سابق من عام 2016، بشأن وضْع الفريق أسامة عسكر قائد الجيش الثالث الميداني، وقائد القيادة الموحدة السابقة لإقليم شرق القناة، تحت الإقامة الجبرية، بسبب فساد مالي بلغت قيمته ملياري جنيه تحصّل عليها بأشكال غير مشروعة، مستغلاً عمله وقيادته للجيش الثالث الميداني. وأكدت مصادر رفيعة المستوى في وقت سابق لـ"العربي الجديد" أن تلك المبالغ تم تحصيل بعضها عبْر عمليات حفر تفريعة قناة السويس التي كلفت الدولة نحو 60 مليار جنيه وقتها.
وكان السيسي أصدر في فبراير/شباط عام 2015، قراراً بإنشاء القيادة الموحدة لإقليم شرق القناة العسكري وتكليف الفريق أسامة عسكر بقيادته، معلناً خلال ندوة تثقيفية بمسرح الجلاء تخصيص 10 مليارات جنيه لتنمية سيناء ومكافحة الإرهاب فيها. وأمهل السيسي عسكر ثلاثة أشهر وقتها لتسليم سيناء "متوضية من الإرهاب" على حدّ تعبيره، إلا أنّ المهلة مر عليها نحو أربعة أعوام ولم يتغير شيء سوى الإطاحة بعسكر وتصاعُد وتيرة الضربات الإرهابية في سيناء والتي أسقطت عدداً كبيراً من الضباط والجنود المصريين.