أطباء يعملون تحت القصف، ومستشفيات استُهدفت بصواريخ بعيدة المدى، ذلك جزء من قصة المستشفيات الأوكرانية مع الهجوم الروسي، الذي بدأ في 24 فبراير/شباط 2022، ومن بينها المشافي الرئيسية في المدن الكبرى.
جال "العربي الجديد" بين المدن الأوكرانية للاطلاع على أوضاع المستشفيات الأوكرانية، وكانت البداية من مستشفى الصحة النفسية للأطفال في مدينة ميكولايف، جنوبي أوكرانيا، الذي قُصف بصاروخ بعيد المدى أتى على كل مبانيه، مع أن المستشفى خالٍ من المرضى الذين تم نقلهم إلى أماكن أخرى تحسباً لقصف محتمل.
أثناء القصف الذي استهدف مستشفى الصحة النفسية للأطفال في ميكولايف، كانت روسلانا هناك؛ فهي تعمل في القسم الإداري في المستشفى الضخم الواقع وسط مدينة ميكولايف.
تروي روسلانا، لـ"العربي الجديد"، كيف خُدعت حين ظنّت يوماً أن القوات الروسية قادمة إلى أوكرانيا لمساعدتهم كما كانوا يقولون؛ لكنها فوجئت بهم يستهدفون المنازل والمستشفيات والمباني المدني.
وأضافت روسلانا، لـ"العربي الجديد"، في ميكولايف، أنها حالياً لا تتمنى سوى رحيل القوات الروسية عن الأراضي الأوكرانية؛ بعدما ظهرت حقيقتها للجميع؛ خاصة حينما قامت باستهداف مستشفيات الأطفال.
وتتابع: "لك أن تتخيل ماذا كان سيحدث لمئات المرضى من الأطفال الذين كانوا هنا في هذه المستشفى قبل أسبوع فقط من استهدافها.. كانوا أطفالاً لا غير"، وكان يمكن أن يصبحوا في عداد الموتى.
ومن ميكولايف توجهت كاميرا "العربي الجديد" إلى مستشفى مدينة زاباروجيا المركزي وسط المدينة، الذي حُصّن بالكامل حتى يستطيع الأطباء العمل فيه، ورغم ذلك لم يسلم المشفى من الاستهداف، كما يروي الطبيب سلاف فاكارتشوك لـ"العربي الجديد".
وفي مقطع مصور أرسله الطبيب من داخل غرفة عمليات المشفى، يروي لـ"العربي الجديد" كيف يعمل الأطباء في زاباروجيا تحت القصف المستمر ليلاً نهاراً، ولا يتوقف الروس عن استهداف المشفى المختص بعلاج الأطفال، كما يقول فاكارتشوك.
وكشف الطبيب الأوكراني عن أن الأطباء في مستشفى زاباروجيا يقومون بجراحات دقيقة لأطفال فقدوا بعض أطرافهم في ظروف غاية في الصعوبة، فالحصار المفروض على المشفى وفي الوقت نفسه صوت أنين الأطفال الذي يدفع الأطباء للعمل رغم كل تلك الظروف.
وفي منطقة إربين شمال غربي العاصمة الأوكرانية كييف، أراد واين، القادم من الولايات المتحدة، الدخول إلى أحد مشافى المدينة لتصوير فيلم عن اللاجئين والمصابين هناك، حين تعرض لإطلاق نار في ظهره، فيما أصيب زميله برصاصة في رقبته.
ويروي واين لـ"العربي الجديد" كيف استطاع الهرب من إطلاق النار، الذي استهدف سيارتهم بجوار المشفى، الذي نُقل إليه عقب إصابته مباشرة، فيما لا يعلم شيئا عن مصير زميله.
هذه المشاهد لم تكن جديدة على فاديم، إذ عاشها في مدينته ماريوبول، حيث استُهدف مستشفى المدينة من قبل الروس حين كان داخلها أحد أقاربه، الذي لم ينجُ من الاستهداف الروسي للمشفى.
ويروي فاديم، لـ"العربي الجديد"، أنه رأى بنفسه القوات الروسية وهي تحرص على ألا يخرج أحد حياً من المستشفيات حتى لو كان مصاباً، فـ"القوات الروسية تراهم جميعاً أعداء يستحقون القتل"، بحسب قوله.
وبحسب وزير الصحة الأوكراني فيكتور لياشكو، فقد قُتل 10 أطباء وأصيب أكثر من 40، ودُمّر أكثر من 40 مستشفى بالكامل، فيما تضرر نحو 500 مستشفى منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.