"فريق كرة القدم للأشخاص ذوي القامة القصيرة، فكرة جديدة لم يكن لها وجود في لبنان". هذا ما تقوله مؤسِسة الفريق الخاص، الفلسطينية ريما العينا التي أرادت عبر تحويل هذه الفكرة إلى واقع لإلقاء الضوء على قضية الأشخاص ذوي القامة القصيرة واحتياجاتهم، وأهمية محاولتهم إظهار قيمة أنشطتهم وحضورهم في لبنان، وكذلك توجيه نداء بضرورة التفات الدولة والمعنيين إليهم من أجل الحصول على حقوقهم غير الموجودة في الأساس.
يضم فريق "ذو الهمم" لكرة القدم للأشخاص ذوي القامة القصيرة 11 لاعباً مع حارس مرمى ومدرب ومساعد، وأربع فتيات في قسم الإدارة إلى جانب مؤسِسته ريما التي استلهمت فكرة تشكيله من خلال متابعتها مواقع التواصل التي تهتم بقضايا تخص الأشخاص ذوي القامة القصيرة، إذ تعرفت إلى أفراد في دول عربية شكلوا فريقاً لهذه الفئة، وتواصلت معهم وتفاعلت مع أنشطتهم وتجاربهم الرياضية، قبل أن تقرر تنفيذ مشروع تشكيل فريق في لبنان.
تقول ريما، اللاجئة من بلدة علما بقضاء صفد في فلسطين، والتي تبلغ 38 من العمر، وتقيم في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان: "فريقنا هو الأول للأشخاص ذوي القامة القصيرة الذين يزاولون كرة القدم في لبنان، وقد راودتني فكرة تأسيسه التي تحولت إلى واقع من أجل تسليط الضوء على هذه الفئة المهمّشة في لبنان، والتي لا تتمتع بأيّ حقوق، علماً أنني علمت من خلال وسائل التواصل أن قصار القامة يتمتعون بحقوق في باقي الدول، وأنهم استطاعوا تشكيل فرق لمزاولة اللعبة في مصر والعراق. وقد سافرت إلى مدينة شرم الشيخ المصرية بدعوة من فريق لكرة قدم لهذه الفئة هناك، وحضرت نشاطات للفريق المصري، ثم حصلت على شهادة تكريم من مسؤوليه. وانطلاقاً من غياب مؤسسة تهتم وترعى هذه الفئة، قررت أن أؤسس فريقاً كروياً للاعبيها كي نكرر تجارب فرق مماثلة أخرى، ونحاول نشر اسمنا في العالم كله، وليس في لبنان فقط".
تتابع: "بحثت في مرحلة أولى عن مدرب، واتصلت بأحدهم الذي يشرف على فريق للأطفال، وأخبرته بموضوع تأسيس الفريق، وطلبت منه استعارة ملابس للاعبين فوافق على ذلك. بعدها، بحثت عن لاعبين قصار قامة، واتصلت بعدد منهم في عكار وصيدا وبيروت، وباشرنا العمل لتأسيس الفريق، وهو ما حصل خلال ثلاثة أسابيع، علماً أنني أتكفل بتأمين المواصلات للاعبين على نفقتي الخاصة، لأن لا مموّل لنا، وأنا مصرّة على متابعة المشوار". وتوضح أن الفريق يتألف من 11 لاعباً من جنسيات متعددة وحارس للمرمى، ويضم جهازه الإداري أربع فتيات، ويشرف مدرب ومساعد له على التمارين كل يوم أحد في ملعب بمخيم البداوي.
تقول منسقة ومستشارة فريق "ذو الهمم" لكرة القدم لقصار القامة مروة زيتون، وهي من جنوب لبنان، لـ"العربي الجديد": "انضممت إلى هذا الفريق لأنه يمثلني، وكي نعمل يداً واحدة معاً من أجل تحقيق هدف كل شخص مثلنا من ذوي القامة القصيرة في النجاح والتحدي. ونعتبر أن قدرتنا على تحقيق ما نريده هي الأهم، وصولاً إلى الحصول على حقوقنا وإلغاء التهميش الذي نتعرض له، ونحصل على حقوقنا. بالطبع تنتظرنا تحديات كثيرة سنواجهها ونتصدى لها للوصول إلى ما نريده، علماً أننا ننظر إلى هذا الفريق باعتباره يشكل دعامة أساسية لنا في إظهار موهبتنا وقدرتنا على مواجهة الصعوبات وتخطيها بعزيمة وقوة وإرادة صلبة". تضيف: "يتشكل الفريق من لاعبين من جنسيات لبنانية وفلسطينية وسورية يتطلعون إلى إنجاز كل ما هو جميل من خلال نشاطهم، مع أملهم بنيل الدعم".
من جهته، يقول حسين كركي أحد لاعبي فريق "ذو الهمم"، وهو من جنوب لبنان ويقيم في بيروت: "التحقت بالفريق لتأكيد حقيقة أن الأشخاص ذوي القامة القصيرة يملكون روحاً رياضية عالية، وحتى نظهر قدرتنا على مزاولة كرة القدم، ونشجع الآخرين على سلوك طريقنا. وكذلك كي نسلط الضوء على أهمية وجودنا، لأنه لا أحد يرانا أو يتابعنا أو يهتم لشؤوننا وحقوقنا، فنحن مهمّشون من الدولة والمجتمع". يتابع: "أحلامنا كبيرة جداً وتشبه أي إنسان. نريد أن نثبت إمكاناتنا ووجودنا، ونحقق أهداف الوصول إلى أعلى المراتب، والمشاركة في نشاطات لعبة كرة القدم في كل دول العالم". يضيف: "يضم الفريق لاعبين من جنسيات عدة، وكلنا يد واحدة. وأنا من الجنوب وأقيم في بيروت، وآتي للتدرب في مخيم البداوي بطرابلس، كما يحضر لاعبون آخرون من أماكن مختلفة. ولا مشكلة في ذلك، فالأهم أن نحقق ما نريده عبر تسليط الضوء على قضيتنا".