قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، إن السلطات المصرية ترحّل طالبي لجوء إريتريين، بينهم أطفال، من دون تقييم طلبات لجوئهم أو غيرها من احتياجات الحماية.
وفي 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، رحّلت مصر 24 طالب لجوء إريتريا بينهم أطفال.
وكان خبراء حقوقيون أمميون، ومنهم المقررون الخاصون المعنيون بإريتريا والتعذيب، قد احتجوا سابقا على إعادة 15 إريتريا قسرا في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، بينهم على الأقل سبعة طالبي لجوء، قائلين إن آخرين أُعيدوا "تعرّضوا للتعذيب، واحتُجزوا في ظروف عقابية شديدة، واختفوا".
وقال نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، جو ستورك: "على مصر الكف عن إجبار الإريتريين على العودة إلى بلد يواجهون فيه مخاطر جسيمة كالاعتقال التعسفي والتعذيب، والسماح لهم بالوصول الكامل إلى إجراءات اللجوء. على السلطات المصرية أن توقف فورا احتجاز المهاجرين الأطفال".
مصر: إعادة طالبي لجوء إريتريين قسرا https://t.co/7DUZJb2B9h
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) January 27, 2022
وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2021، استضافت مصر 20,778 طالب لجوء ولاجئا إريتريا مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولا توجد بيانات عن عدد طالبي اللجوء والمهاجرين الإريتريين غير المسجلين في مصر.
وتشير الحواجز المستمرة أمام اللجوء في مصر - الاعتقالات التعسفية والاحتجاز بحق طالبي اللجوء واللاجئين وغيرهم من المهاجرين، وعدم تمكن المفوضية من الوصول إلى بعض المحتجزين - إلى أن العديد من الإريتريين الآخرين في مصر الذين يحتاجون إلى الحماية يواجهون خطر الترحيل بشكل كبير. الإريتريون الـ 24 المرحّلون في 24 ديسمبر/كانون الأول غير مسجلين لدى المفوضية.
وتسمح السلطات المصرية للمفوضية، دوريا، بالوصول إلى طالبي اللجوء المسجلين واللاجئين المحتجزين، لكنها في كثير من الأحيان تمنعها من الوصول إلى طالبي اللجوء المحتجزين غير المسجلين.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن "ترحيل طالبي اللجوء الإريتريين بدون احترام الإجراءات الواجبة، ينتهك الحظر القانوني الدولي على الإعادة القسرية، أو الإجبار على العودة إلى دولة قد يواجه فيها الأشخاص تهديدات لحياتهم أو حريتهم، أو التعذيب، أو غيره من الأذى الجسيم".
ووثّقت المنظمة، الاعتقال التعسفي الذي استمر لأشهر في مصر في ظروف سيئة بحق تسعة طالبي لجوء إريتريين - ثلاث نساء، ورجلين، ويافعين غير مصحوبين بذويهما عمرهما 16 و17 عاما، وطفلين مصحوبين عمرهما 3 و7 سنوات. وكان رجال وطفل واحد من بين 24 شخصا رُحّلوا في أواخر ديسمبر/كانون الأول. البقية ما زالوا محتجزين.
وقال أقارب المحتجزين وقادة مجتمعيون إريتريون في مصر، لـ"هيومن رايتس ووتش": إنه لم يُسمح لأي من التسعة بالتواصل مع المفوضية أو الحصول على إجراءات اللجوء الرسمية. قالوا إن الشرطة المصرية أحضرت التسعة من أسوان، حيث احتُجزوا، إلى السفارة الإريترية في القاهرة، حيث تعرّف عليهم مسؤولو السفارة الإريترية على أنهم مواطنون إريتريون، وأصدروا لهم وثائق سفر صالحة فقط لإريتريا، وضغطوا عليهم للتوقيع على اتفاق عودة "طوعي"، وهو ما رفضوا القيام به.
كما قالت المصادر، إنه في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، أعادت الشرطة خمسة من التسعة إلى السفارة، إذ أجبرهم المسؤولون على توقيع وثائق - باللغة العربية، التي لا يمكنهم قراءتها - ربما تتعلق بترحيلهم.
وأكدت المنظمة، أن الحكومة القمعية في إريتريا تفرض على جميع المواطنين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما الخدمة الوطنية أو العسكرية إلى أجل غير مسمى، وغالبا ما تمتد إلى سنوات بعد الـ 18 شهرا المحددة في القانون. التجنيد في الخدمة الوطنية التي تنطوي على انتهاكات لأجل غير مسمى يبدأ في المدرسة الثانوية، حيث يُجنَّد كل عام آلاف طلاب المدارس الثانوية الإريترية، منهم الفتيات والفتيان دون سن 18 عاما. أي شخص في سن التجنيد يغادر البلاد من دون تصريح خروج يعتبر فارّا، ويخاطر بالتعرض للسَّجن في ظروف غير إنسانية في كثير من الأحيان، فضلا عن العمل القسري والتعذيب.
وكتبت "هيومن رايتس ووتش" إلى وزارة الداخلية المصرية، في 20 ديسمبر/كانون الأول 2021، تطلب معلومات عن طالبي اللجوء الإريتريين المحتجزين التسعة، ووصول المفوضية إلى المحتجزين، والسياسات ذات الصلة، والبدائل المتاحة لاحتجاز الأطفال. لم يرد مسؤولو وزارة الداخلية.
واعتقلت السلطات طالبي اللجوء التسعة في تواريخ مختلفة بين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2021 في أسوان بينما كانوا على وشك ركوب قطارات متوجهة إلى القاهرة للتسجيل لدى المفوضية. قال الأقارب إن ثمانية محتجزين في مركز شرطة دراو وُضعوا في غرف صغيرة ومكتظة، وحُرموا من الطعام والرعاية الطبية الكافية لحالات خطيرة، منها الحساسية والعدوى البكتيرية، وفي إحدى الحالات، فقدان الوعي المتكرر. اعتُقل رجل تاسع بشكل منفصل.
وأظهرت وثائق السفر التي بحوزة "هيومن رايتس ووتش" أنه كان بين المرحّلين الـ 24 ستة أطفال، وسبع نساء، وخمسة رجال. لم تتمكن المنظمة من التحقق من ملفات البقية. بحسب قادة مجتمعيين إريتريين، فإن الـ 24 شخصا كانوا محتجزين تعسفيا في ظروف غير إنسانية طيلة شهور في محافظة أسوان في عدة مراكز للشرطة وفي معسكر "الأمن المركزي" بمنطقة الشلال.
يشار إلى أن مصر طرف في كل من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 واتفاقية اللاجئين الأفريقية لعام 1969، والتي تحظر الإعادة القسرية للاجئين وطالبي اللجوء. كما أنها طرف في "اتفاقية مناهضة التعذيب" لعام 1984، التي تحظر الإعادة القسرية للأشخاص إلى بلدان توجد فيها "أسباب حقيقية" للاعتقاد بأن الشخص سيواجه مخاطر التعذيب.