تخرّجت الفلسطينيّة ريمان مسعود (23 عاماً)، من الجامعة اللبنانية الدولية في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، بتخصّص الهندسة الداخلية. لكنّها، وبسبب جنسيّتها الفلسطينية، عانت من قلة فرص العمل. إلا أن ذلك لم يدفعها إلى الاستسلام. وكونها تتمتّع بموهبة الرسم، قرّرت توظيف هذا الشغف والموهبة في مجال الإنتاج، وأطلقت مشروعها "سمايلي ريمي"، الذي يركّز على الرسم من خلال المسامير. وهذه الشخصية التي ابتدعتها تهدف إلى رسم الابتسامة والأمل.
ريمان، التي تتحدّر من بلدة جنين في فلسطين، ولدت في لبنان بعدما اضطرّ أجدادها للجوء إلى لبنان إبان سنوات النكبة. تقول: "الفن شغفي. أحبّ الرسم والتعبير عن نفسي من خلال الرسم وابتكار أمور جديدة، كالرسم بالمسامير والخيطان بدلاً من الريشة والقلم، الذي أعتبره تقليدياً".
تتابع: "أؤمن بالقضيّة الفلسطينية وأتمنى أن تتحرّر بلادنا لنعود إليها. في هذا الإطار، أجد أن الفن هو الطريقة التي أستطيع من خلالها التعبير عن قضيتي والدفاع عنها، والتعبير عن قضايا أخرى تتعلّق بالمجتمع". تضيف: "بعدما فقدت الأمل في العثور على وظيفة، حاولت الاستفادة من موهبتي التي أمتلكها. لذلك، قررت إطلاق مشروع أستطيع من خلاله تحقيق طموحي وحلمي بالمشاركة في معارض عدة، بهدف عرض لوحاتي وإظهار موهبتي إلى العلن. وبتشجيع من أهلي وأصدقائي، أنشأت صفحة على فيسبوك نشرت من خلالها لوحاتي التي عبّرت من خلالها عن أفكار جديدة عدة".
تتابع: "أعمل دائماً على تطوير نفسي، وأتعلم أشياء جديدة لتطوير مشروعي أكثر بعدما بدأت ألمس نجاحاً أرغب بأن يستمر، فقد وصلت رسوماتي إلى معظم المناطق اللبنانية، وشاركت في معارض عدة في لبنان والخارج". وعن أسباب إطلاق مشروعها، تقول ريمان: "أطلقت مشروع سمايلي ريمي بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، وفقدان الأمل بالعمل في مجال تخصصي بعدما تخرجت من الجامعة، إضافة إلى السلبية التي تحوّلت إلى عدوى بين الناس. أردت أن يساهم مشروعي في زرع البسمة والأمل بين الناس من جديد. فأنشأت صفحتي على فيسبوك على أمل أن أساهم في زرع البسمة والإيجابية بين الناس حتى لا يستسلموا للواقع المعيشي الصعب الذي نعيشه جميعاً يومياً".
وتقول مسعود إنه من خلال شخصية ريمي التي ابتكرتها، بدأت تنشر عبارات عن السعادة والأمل، وقد شهدت هذه الصفحة تفاعلاً كبيراً من المحيط، "وباتت تصلني رسائل مليئة بالحب، بل وتشجيع للشخصية التي ابتكرتها، التي جمعت المتابعين حتى أصبحوا عائلة واحدة كلها تفاؤل وأمل". والهدف من ابتكار هذه الشخصية هو رسم ابتسامة على وجه كل من يتفاعل معها من خلال استخدام عبارات ودودة ونصائح تبعث على الطاقة الإيجابية. واختارت للشخصية شعار "أسعِد، تُسعَد". أما الهدف الثاني الذي تعمل عليه الشخصية حالياً، وسوف ينفّذ بعد انتهاء أزمة كورونا، فهو زرع البسمة على وجوه الأطفال، من خلال القيام بنشاطات ترفيهية.
تتابع ريمان: "شاركت في معارض عدة، كان بعضها في لبنان". وتتحدّث عن معرض ليلة صيدا التراثية، الذي أقيم في مدينة صيدا، إضافة إلى معارض أخرى خارج لبنان. وتذكر من بينها معرضاً أقيم في تونس تحت عنوان "الواقع المهني والنقابي الفلسطيني".
وعلى الرغم من أن ريمان أطلقت مشروعاً أحبته، ولاقت مشاركة وتشجيعاً كبيرين، إلا أنها ما زالت ترغب في العمل في مجال تخصصها. تقول إنها تعبت على مدى سنوات من أجل نيل شهادتها. إلا أن الفرص شبه معدومة في بلد يحرم فيه الفلسطيني من العمل بشهادته، علماً أنّه لا يستطيع العودة إلى بلده. كذلك، ما من فرص عمل في دول عربية أخرى. والهجرة إلى الدول الأوروبية أصبحت أكثر صعوبة.
وعن طموحها الذي تعمل عليه وتتمنى أن تحققه، تقول: "أرغب في الدمج بين تخصصي والرسم بالمسامير، وإيصاله إلى العالم. أريد أيضاً إنجاز لوحاتي في فلسطين، التي أتمنى العودة إليها لتحقيق أحلامي".
وكانت وزارة العمل اللبنانية قد أطلقت في يونيو/ حزيران عام 2019 حملة لمكافحة "العمالة الأجنبية غير الشرعية"، ومنحت أصحاب المؤسسات مهلة شهر لتسوية أوضاع عمّالهم غير اللبنانيين، قبل أن تبدأ بمداهمات أغلقت خلالها عدداً من المؤسسات غير المستوفية للشروط القانونية، كما أنذرت أصحاب مؤسسات أخرى بالحصول على إجازات عمل لعمالهم غير اللبنانيين، الأمر الذي أثار غضب الفلسطينيين الذين شعروا بأنهم مستهدفون خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.