آلة الشعير... حل ناجح لتحديات الزارعة في تونس

27 اغسطس 2022
توفر آلة محمد سويح كميات كبيرة من أعلاف الشعير في وقت قصير (العربي الجديد)
+ الخط -

في مدينة الهوارية بمحافظة نابل التونسية، أنشأ محمد سويح ضيعة (مزرعة) جمع فيها طيوراً نادرة تنتمي أساساً إلى مناطق استوائية، ما يجعل المتجوّل فيها يشعر بأنه في إحدى هذه المناطق الاستوائية. 
يربي سويح في هذه المزرعة الفريدة العديد من طيور الزينة والحيوانات النادرة التي لا توجد عادة في تونس، كما يزرع فيها أنواعاً من النباتات الاستوائية. وهو يشارك دورياً في المعارض العالمية للحيوانات النادرة، حيث يشتري بعض الطيور أو بيضها من أجل تجربة تربيتها في مزرعته. 
يقول لـ"العربي الجديد": "تأقلمت طيور استوائية عدة مع البيئة والطبيعة في تونس، بعدما وفرت لها كل الظروف المناسبة للتأقلم في موطنها الجديد. وقد جلبت نباتات وأشجاراً استوائية وغرستها في المزرعة كي توفر البيئة المناسبة التي تحتاجها الطيور". 

وبعد أكثر من ثلاث سنوات من اهتمامه بتربية الحيوانات والنباتات الاستوائية، واطلاعه على مشاكل الفلاحين، لا سيما في ما يتعلّق بتوفير الأعلاف للمواشي والطيور، فكر سويح ومجموعة من الشبان باختراع آلة لتوفير الأعلاف، التي يشكل عدم وجودها مشكلة في تونس، ويمنع دعم الفلاحين، ويجرى الاتجار بها في السوق السوداء واحتكارها، ما أدّى إلى احتجاج آلاف الفلاحين في السنوات الأخيرة للمطالبة بتوفير الأعلاف لمواشيهم، وتحديد سعر البيع، والتصدي للاحتكار. 
ونجح سويح، بالتعاون مع شبان، في اختراع آلة لإنتاج الأعلاف المستنبتة تعتبر الأولى  من نوعها في العالم العربي. ويصنفها بأنّها "سهلة الاستعمال، وتوفر الحرارة والماء والرطوبة والإضاءة الكافية لإنتاج الأعلاف، وتحديداً الشعير، طوال السنة، وليس في موسم واحد فقط". ويشرح أن "الآلة تحتاج فقط إلى وضع الشعير العادي الجاف في أطباق داخلها حيث تبقى طوال أسبوع لإنتاج الشعير المستنبت. ونحن لا نستعمل أيّ مبيدات أو مواد كيميائية خلال عملية الإنتاج، ونبيع الكميات للفلاحين بالكامل وبجذورها الخضراء، وبطول فوق 15 سنتيمتراً لكل سنبلة، علماً أن الكيلوغرام الواحد من الشعير الجاف يُنتج نحو 7 كيلوغرامات من الشعير الأخضر المستنبت". 

يُنتج كيلوغرام واحد من الشعير الجاف نحو 7 كيلوغرامات من الشعير الأخضر المستنبت (العربي الجديد)
يُنتج كيلوغرام واحد من الشعير الجاف نحو 7 كيلوغرامات من الشعير الأخضر المستنبت (العربي الجديد)

يضيف: "توجهنا في البداية إلى الفلاحين الصغار الذين يملكون رؤوس أغنام قليلة. وبتنا نوفر أعلافاً خضراء لهم تعوّض تلك المركبّة. وحاولنا جلب الفلاحين لشراء الأعلاف البديلة لتجنيبهم الأسعار المرتفعة للأعلاف المركبة في السوق السوداء تحديداً. والآلة بسيطة وفي المتناول وسهلة الاستعمال من قبل أي شخص، ولا تتطلب صيانة دورية. كما تعمل بتكنولوجيا متطورة تحصر التدخل البشري بوضع الشعير الجاف داخلها، قبل أن تعمل بمفردها طوال أسبوع للحصول على كميات الإنتاج المنشودة بطريقة غير معقدة، ولا تحتاج إلى أي تكوين مهني، ما يعني أن أي فلاح بسيط يمكن أن يستعملها". 
ويشير إلى أنّ تكلفة الآلة تصل إلى ألفي دولار، والشركة ما زالت تعمل لتوفير آلة بتكلفة أقل يناسب سعرها جميع الفلاحين من صغار المربين إلى أكبرهم. وحالياً نوفر الآلة لصغار مربي الماشية، لأنّ واحدة منها لا يمكن أن توفر كميات كبيرة من الشعير في وقت وجيز لفلاحين يملكون أعداداً كبيرة من المواشي. وفي كل الأحوال، توفر الآلة سنابل شعير خلال نحو أسبوع بعكس سنابل الشعير التي تُزرع في الأرض، وتحتاج حوالي ثلاثة أشهر من العمل أو أكثر للحصول على شعير". 

صيانة آلة إنتاج الشعير سهلة وفي المتناول (العربي الجديد)
صيانة آلة إنتاج الشعير سهلة وفي المتناول (العربي الجديد)

ويشرح أيضاً أنّه "يمكن استعمال الأعلاف للمواشي والأبقار وحتى الطيور، وعلى الفلاح أن يحتسب ربحه في حال اقتناء الآلة لتوفير العلف الأخضر، في مقابل تفادي العلف المركب الذي ارتفعت أسعاره بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، خاصة أنّها لا تستهلك الكثير من المياه والكهرباء، ما يجعل تكلفة الإنتاج أقل للفلاح مقارنة بشرائه الأعلاف المستوردة". 
ويوضح أن "الآلة استخدمت في زرع العديد من النباتات الأخرى غير الشعير. ونحن نحاول تجربة الكثير من أنواع النباتات لتوفير غذاء للطيور والمواشي، بعدما شهدنا إقبالاً كبيراً على ما ننتجه من أعلاف في وقت قصير، في وقت شهدت تونس هذا العام انخفاضاً كبيراً في نسبة الأمطار، ما أدّى إلى انعدام المراعي ورفع سعر الأعلاف مقارنة بالسنوات الماضية". 

ويُعاني قطاع تربية المواشي والدواجن من أزمة توفير الأعلاف. وعبّرت النقابة التونسية للفلاحين أخيراً عن استيائها من الزيادات المتواصلة في أسعار الأعلاف التي تستخدم لإطعام كل القطيع الحيواني من أبقار وأغنام ودواجن، كما نددت بالصمت الكامل لاتحاد الفلاحين في هذا الشأن، الذي يهدد قطاع تربية الحيوانات والأمن الغذائي، وقد يؤثر على نحو 100 ألف فلاح من مختلف القطاعات بسبب نقص الأعلاف، وارتفاع أسعارها بشكل كبير. 

المساهمون