أساتذة المغرب... احتجاجات مع بداية العام الدراسي

16 سبتمبر 2021
تظاهرة للأساتذة المتعاقدين في المغرب (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

ينطلق العام الدراسي الجديد في المغرب في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بعد أن تم تأجيله لمرتين متتاليتين، وسط تحذير فئات تعليمية عدة بالعودة إلى الشارع للاحتجاج، مهددين بالتصعيد، تزامناً مع ما يعيشه قطاع التعليم من وضع استثنائي فرضه تفشي فيروس كورونا الجديد في البلاد.
واستبق أساتذة المغرب المتعاقدون بدء العام الدراسي بالتصعيد ضد وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، معلنين عن خوض إضراب وطني عن العمل يومي 15 و16 سبتمبر/ أيلول الجاري، وإضراب مناطقي في العاصمة المغربية الرباط لأساتذة جهتي الرباط-سلا-القنيطرة وبني ملال-خنيفرة، وإضراب وطني ثان أيام 23 و24 و25 من الشهر نفسه، تزامناً مع عقد جلسات محاكمة الأساتذة الموقوفين على خلفية المسيرات الاحتجاجية التي منعتها السلطات في 6 و7 إبريل/ نيسان الماضي.
وتعرّض 33 أستاذاً وأستاذة من "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد" للملاحقة القضائية من دون أن يتم توقيفهم، بتهم التجمهر غير المسلح بغير رخصة، وخرق حالة الطوارئ الصحية، وإيذاء رجال القوة الحكومية أثناء قيامهم بوظائفهم وبسبب قيامهم بها، وإهانة القوة العامة بأقوال بقصد المس بشرفهم والاحترام الواجب لسلطتهم.
ويقول عضو التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين عبد الله قشمار، لـ"العربي الجديد"، إن الخطوات الاحتجاجية تأتي لتؤكد أن معركة الأساتذة ما زالت مستمرة إلى حين تحقيق مطالبهم، في ظل استمرار وزارة التربية الوطنية ومعها الحكومة الحالية في الامتناع عن تحقيق مختلف المطالب، وأهمها دمج هذه الفئة ضمن أسلاك الوظيفة الحكومية. يضيف: "من المؤسف أن يتخذ المسؤولون مسلكاً آخر غير الحوار والتفاوض باللجوء إلى متابعة المحتجين السلميين والبالغ عددهم 33 أستاذاً وأستاذة، وثنيهم عن نضالهم عبر ردهات المحاكم"، لافتاً إلى أن التنسيقية سطرت برنامجها الاحتجاجي الجديد لاستكمال المسار النضالي السابق، والدفاع عن براءة الأساتذة المتابعين ثم التأكيد على مشروعية المطالب.

ويرى أن ما تفعله وزارة التربية الوطنية بين كوادر هيئة التدريس "يساهم بالأساس في تشييئها والحط من كرامتها، عبر تضمينها ضمن إطار مهني ونفسي هش. كما أن الإجراءات المجحفة التي تطبقها الوزارة الوصية من خلال تنزيل القانون الإطاري 51.17 تساهم وبشكل مباشر في خصخصة هذا القطاع الحيوي وجعله بين أيدي لوبيات القطاع الخاص".
يتابع قشمار: "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر الوضع على هذا النحو، والمفروض أن يتحمل المعنيون مسؤوليتهم ويساهموا في تقوية القطاع التربوي في مختلف الجوانب، وأبرزها إعلاء قيمة نساء ورجال التعليم".
ويأتي ذلك في وقت تدفع فيه وزارة التربية الوطنية نحو طي ملف "الأساتذة المتعاقدين" نهائياً، معتبرة أن التعاقد لم يعد موجوداً في القطاع التعليمي، مستخدمة توصيفاً قانونياً هو "أطر (كوادر) الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين".
وبحسب وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، تمت الاستجابة لمطالب الأساتذة المحتجين، ولم يعد هناك أيّ داعٍ للاحتجاج وترك المدارس. وقال إن "الحقوق نفسها مكفولة بالنسبة للمرسمين والمتعاقدين، إذ إن الترقية ممكنة والعديد من الفرص الإيجابية الأخرى"، رافضاً فكرة أن يكون التعاقد "فرضاً على أحد"؛ "فالأساتذة هم من اختاروا الوظيفة، في وقت طُرحت العديد من الوظائف في قطاعات أخرى عامة وخاصة".

مواجهات بين الشرطة المغربية والمتظاهرين (جلال مرشدي/ الأناضول)
مواجهات بين الشرطة المغربية والمتظاهرين (جلال مرشدي/ الأناضول)

وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، على لسان وزيرها، أنه تمت الاستجابة لمطالب الأساتذة المتعاقدين، ولم يعد هناك أيّ داعٍ للاحتجاج وترك المدارس، قررت الجمعية الوطنية لمدراء التعليم الابتدائي في المغرب التصعيد بتنظيم "اعتصامات الغضب" من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الواحدة ظهراَ أمام المديريات الإقليمية في 13 من الشهر الجاري، وكذلك داخل وأمام الأكاديميات الجهوية في 27 من الشهر نفسه، بالإضافة إلى اعتصامات أمام الوزارة المعنية، ما ينذر بالمزيد من الاحتقان والتوتر مع بدء العام الدراسي الجديد.
وحملت الجمعية، في بيان، وزارة التربية الوطنية والحكومة مسؤولية التعثر الذي سيعرفه العام الدراسي بعدما قررت مقاطعة جميع وسائل التواصل مع الوزارة وتمثيلياتها الجهوية والإقليمية، عبر مقاطعة البريد الورقي والإلكتروني تسليماً وتسلماً بدءاً من 8 سبتمبر/ أيلول، والاجتماعات التي تدعو إليها المديريات والأكاديميات، وعدم استقبال اللجان.
وبحسب الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم ـ التوجه الديمقراطي عبد الرزاق الإدريسي، "هناك تعنت من قبل الوزارة والحكومة وهروب إلى الأمام وتقاذف للمسؤوليات بين المسؤولين بشأن حل العديد من الملفات وتلبية مطالب الفئات المحرومة من الترقية بالشهادة ومن خارج السلم الذين يحتجون منذ عام 2011، والفئات الأخرى من مساعدين تقنيين وإداريين في الوزارة، بالإضافة إلى الكادر التخطيطي والتوجيهي، وحاملي الشهادات، والملحقين التربويين، وملحق الإدارة، والاقتصاد، والمدرسين بكل فئاتهم، وغيرها من المناصب التعليمية".

ويقول الإدريسي لـ"العربي الجديد": "قطاع التعليم في المغرب سيظل يتخبط في الواقع الذي يعيشه، إذا لم يتم حل مشاكل نساء ورجال التعليم، وإدراج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والاستجابة لكافة مطالب الفئات التعليمية، بدلاً من اعتماد سياسة عدم الإنصات وعدم الاستجابة للإضرابات التي تتكرر". ويوضح أن "الاحتجاجات ستستمر ما دامت مشاكل القطاع لم تحل، وخصوصاً بعدما تخلصت الوزارة من تعهداتها والتزاماتها السابقة في عدد من الملفات التي تم الاتفاق على حلها". ويرى أن ما يعيشه القطاع من توتر واحتقان، وما تتخذه الوزارة من قرارات انفرادية وغير مدروسة، فضلاً عن التراكمات التي يعيشها منذ سنوات، ستؤثر لا محالة على المنظومة التعليمية بشكل عام وعلى العام الدراسي الجديد بشكل خاص".

المساهمون