تعرّض أطباء أفغان للضرب والشتم، الأسبوع الماضي، في "مستشفى علي جناح" الخاص بعلاج المصابين بكوفيد-19 في العاصمة الأفغانية كابول. كذلك قام بعض الأشخاص بتحطيم محتويات المستشفى بعدما توفي قريب لهم فيه، ظناً منهم أنّ الأطباء تلكأوا في علاجه. وبعد هذه الحادثة، أمر الرئيس الأفغاني أشرف غني بمعاقبة كلّ من أساء إلى الطاقم الطبي في ذلك المستشفى وفي كلّ أنحاء أفغانستان، مضيفاً في حديثه في جلسة مجلس الوزراء بعد يوم من وقوع الحادثة، أنّ الأطباء يمثّلون خط النار الأول ولا يحقّ لأحد أن يسيء إليهم.
وقد حظيت القضية باهتمام في وسائل الإعلام الأفغانية كما على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنّ الحادثة وقعت في قلب العاصمة وفي مستشفى كبير يلقى اهتمام الحكومة والجسم الطبي، في حين أنّ مطالب الأطباء في الأقاليم والعاملين في المستشفيات البعيدة النائية لن تلقى آذاناً صاغية، بحسب ما يقول أطباء. وفي الأول من الشهر الجاري، تعرّض عدد كبير من الأطباء والعاملين في المستشفى المركزي في مدينة كرديز، مركز إقليم بكتيا الجنوبي، إلى الضرب من قبل مسلحين بعدما توفي رجل قبلي في المستشفى.
وفي تفاصيل القصة، توفي والد أحد الزعماء القبليين ويُدعى شيرين جان، وهو رجل مسنّ. على الأثر، دخل مسلّحون من قبيلة شيرين إلى المستشفى وأقدموا على ضرب الأطباء والممرّضين والعاملين فيه، وحطّموا بعض محتوياته، وزعموا أنّ الأطباء لم يقدّموا الخدمات الصحية المناسبة له. وعقب وفاة الرجل وتعرّض الكادر الطبي والممرّضون إلى الضرب على أيدي المسلّحين، أغلق الأطباء المستشفى لأيام عدّة احتجاجاً على ما حصل معهم. لكنّ السلطات عادت وفتحته، وأُرغم الأطباء على مزاولة عملهم. وقد صرّح الطبيب خالقيار نيازي من المستشفى المركزي في كرديز، بعد الحادثة، بأنّ المريض جاء إلى المستشفى وهو في حالة حرجة، وقد تحرّك الطاقم كلّه من أجل معالجته لكنّه توفي. وسأل: "فما ذنب الأطباء؟".
بدوره، قال الطبيب محمد نبي الذي كان حاضراً عند مداهمة المسلحين المستشفى، في تصريح صحافي، إنّ المسلّحين ضربوا أطباء وعاملين في المستشفى وحاولوا كذلك خطف أطباء، موضحاً أنّ الذين يعملون هنا يفعلون ذلك في ظروف قاسية من أجل خدمة الناس، وعلى القبائل والحكومة أن تلعب دورها في هذا الخصوص، إذ لا يمكن للأطباء أن يستمروا في العمل من دون حماية.
من جهته، نفى الزعيم القبلي شيرين جان التهم الموجّهة إليه، وقال في حديث إعلامي في الثاني من يونيو/ حزيران الجاري، إنّ الأطباء قصّروا في حقّ والده لأنّه انتظر ثلاث ساعات في المستشفى من دون أيّ عناية، وفي نهاية المطاف أفاده الأطباء بأنّ لا أكسيجن في المستشفى، علماً أنّه كان في حاجة إليه.
أمّا الحكومة المحلية في الإقليم فقد وعدت باتخاذ خطوات فاعلة وجادة من أجل حماية الأطباء، وقال نائب حاكم الإقليم عبد الولي سهي في تصريح صحافي إنّ الحكومة لن تسمح لأحد بالاعتداء على الأطباء، وهم يأتون إلى المناطق النائية لخدمة المواطنين، معلناً تأسيس نقطة أمنية في داخل المستشفى من أجل حماية الأطباء مع زيادة عدد الحراس.
في سياق متصل، يواجه الأطباء في العاصمة الأفغانية كابول كما في الأقاليم، مشكلة أخرى هي مشكلة خطفهم مقابل المال. ويقول الطبيب صفي الله فاتح لـ"العربي الجديد" إنّ "بلادنا مليئة بالمشكلات، والأطباء يواجهون صعوبات جمّة، منها الخطف المنتشر في كابول وفي المدن الأخرى. وثمّة أطباء هربوا إلى الخارج حفاظاً على حياتهم". إضافة إلى كل ذلك، ثمّة أطباء محرومون من الرواتب الشهرية. على سبيل المثال، لم يستلم الأطباء والعاملون في مستشفى "ملكه ثريا" المتخصص في الأطفال والنساء في إقليم هلمند الجنوبي، رواتبهم منذ سبعة أشهر، كما أنّ المستشفى يواجه نقصاً في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وبهذا الخصوص، قال رئيس المستشفى محمد ولي همت في تصريح إنّ الأطباء والعاملين في المستشفى يواجهون ظروفاً معيشية صعبة. أضاف أنّ الإدارة رفعت تقريراً حول الموضوع إلى الحكومة المحلية، إلا أنّ الأخيرة لم تحرّك ساكناً إزاء القضية، مشيراً إلى أنّ المستشفى يواجه ظروفاً صعبة من هذه الناحية كما من ناحية الأدوية والمستلزمات الطبية. وتابع أنّ عدد طاقم المستشفى يصل إلى 100 شخص، وهو يقدّم الخدمات الطبية لمئات الأشخاص بشكل يومي. أمّا رئيس إدارة الصحة المحلية في الإقليم عبد الأحد حازم، فقال في بيان إنّ "المشكلة الأساسية هي في أنّ المؤسسات الأجنبية أوقفت تمويل المستشفى، إلا أنّ الحكومة المحلية تسعى جاهدة من أجل حلّ المشكلة".