رغم مخاطر القصف الإسرائيلي الذي يستهدف المؤسسات الصحية، يحاول أطباء تونسيون من تخصصات متعددة، تسريع الحصول على تصاريح لدخول قطاع غزة، بالتنسيق مع الجانب المصري، مطالبين بضرورة إعطاء الأولوية للكوادر الطبية استجابة لنداء الواجب الإنساني والمهني.
يقول منسق قافلة الأطباء التونسيين المتطوعين للذهاب إلى غزة، الجراح سليم بن صالح لـ"العربي الجديد"، إن "القافلة تضم 17 طبيباً من تخصصات متعددة، من بينهم عدد من الجراحين، وهم ينتظرون منذ أكثر من 5 أسابيع الضوء الأخضر لبدء العمل في مستشفيات غزة، أو في المستشفيات الميدانية على الحدود في رفح. منح تصاريح العبور للأطباء المتطوعين مهم جداً في هذه الفترة التي تشهد فيها المؤسسات الطبية في القطاع شبه انهيار بسبب القصف، ما يهدد أرواح الآلاف من المصابين الذين يمنعون من تلقي العلاج".
ويضيف بن صالح، الذي سبق أن شارك بقوافل صحية إلى فلسطين، أن "التدخل الطبي في زمن الحرب يتطلّب سرعة في اتخاذ القرارات، فضلاً عن التأقلم السريع مع مختلف الظروف اللوجستية التي يصطدم بها الأطباء، والطواقم الطبية التونسية جاهزة لتخطي تلك الصعوبات شرط السماح لها بدخول غزة. كل يوم تأخير في الحصول على تصاريح الدخول يقابله خسارة مزيد من الأرواح التي كان يمكن إنقاذها بإجراءات طبية بسيطة. حاليا، هناك فريق مكون من 17 جراحاً ينتظر دخول غزة للمساعدة في إجراء عمليات جراحية، والمسألة عاجلة، إذ لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي أمام ما يحدث، ونناشد دعم مختلف الجهات حتى نتمكن من الدخول في أقرب وقت ممكن".
وفي الثالث من ديسمبر/كانون الأول، استقبلت تونس أوّل دفعة من المصابين من جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، والذين جرى نقلهم من معبر رفح عبر طائرة عسكرية، وشملت تلك الدفعة 39 مصاباً تم إيواؤهم في مستشفيات حكومية ومصحات خاصة، وتتطلب حالات العديد منهم تدخلات جراحية عاجلة، وهم مصابون بكسور متعددة أو حروق ناجمة عن استعمال الكيان المحتل لقنابل الفسفور الأبيض المحظورة دولياً.
ويقول الطبيب التونسي المتطوع ضمن قافلة "ضمير العالم" الدولية، بولبابة مخلوف، لـ"العربي الجديد: "نقل جرحى العدوان على غزة لتلقي العلاج في دول أخرى ليس كافياً لتوفير الرعاية لمئات المصابين الذين يسقطون يوميا. ما يزيد عن 60 طبيباً تطوعوا ضمن المبادرة التي تشكلت لكسر حصار غزة، وهم جاهزون بمعداتهم للانتقال إلى غزة من أجل القيام بواجبهم الطبي هناك مهما كانت الظروف".
وأوضح مخلوف أنه "قُسِّم الأطباء المتطوعون إلى فرق طبية، وهم جاهزون للتوجه إلى القطاع فور التوصل إلى تفاهمات مع السلطات المصرية تسمح بتأمين دخولهم للقيام بواجبهم. قائمة الأطباء المتطوعين من تونس ستتوسع في حال إحراز تقدم بشأن الحصول على تصاريح الدخول، واستجابة السلطات المصرية لطلب الحصول على التأشيرات التي قُدِّمَت منذ أسابيع".
ويضيف: "تقدم العديد من الأطباء بإجازات مفتوحة من أماكن عملهم للقيام بمهمتهم الإنسانية على أكمل وجه في غزة فور السماح لهم بالسفر، وبينما دخل العدوان الإسرائيلي على غزة شهره الثالث، وإصابة المئات يومياً، يشعر الأطباء الذين أدرجوا أسماءهم على قوائم المبادرة بالأسف الشديد لعدم قدرتهم على التمكن من آداء واجبهم المهني والإنساني. توجه عميد المحامين التونسيين، حاتم المزيو، بطلب رسمي إلى السفارة المصرية في تونس لتسهيل حصول التونسيين المسجلين في قافلة ضمير العالم على تأشيرات، وعلى رأسهم الأطباء، للمشاركة في كسر الحصار على غزة عبر معبر رفح".
وتنتظر تونس استقبال دفعات جديدة من جرحى قطاع غزة، ويجرى التنسيق بينها وبين الهلال الأحمر المصري لتحديد عدد المصابين الذين يمكن نقلهم إلى تونس للعلاج.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزّة، فتحت هيئة الأطباء التونسيين باب التطوّع، واستقبلت أسماء عشرات الأطباء من تخصصات متعددة، ممن أعربوا عن استعدادهم لتقديم المساعدة الطبية في المستشفيات الميدانية بالتنسيق بين الهلال الأحمر التونسي ونظيره المصري.
وبحسب بيان للرئاسة التونسية أعقب اتصال هاتفي بين الرئيس قيس سعيد والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فقد أكد سعيد استعداد تونس للتنسيق مع السلطات المصرية والهلال الأحمر الفلسطيني، لاستقبال أكبر عدد من المصابين لتلقي العلاج، على أن يتولى وزيرا خارجية البلدين تنسيق ذلك.