قدّم أطفال بريطانيون من أصول فلسطينية عريضة موقّعة من قبل أكثر من 2500 طفل، مساء الأربعاء، لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، مطالبين بالتدخل العاجل لوقف استهداف الأطفال والإعلان عن وقف فوري لإطلاق النار في غزة. ولم تقتصر جهودهم على ذلك، بل أرسلوا نسخة إلكترونية من العريضة إلى زعيم المعارضة كير ستارمر، بعد فشلهم في تحديد موعد معه.
وتزامن تسليم العريضة مع اعتصام حاشد نظّمه التحالف المؤيد لفلسطين في بريطانيا أمام مكتب سوناك، إذ دعت العائلات إلى التضامن مع غزة. وتخلّل الفعالية التي استمرّت نحو ساعة، كلمات دعم بريئة لأطفال غزة من قبل عدد من نظرائهم الصغار.
أطفال بريطانيا: العالم يقف مكتوف الأيدي أمام مأساة غزة
عبّر هؤلاء الأطفال بكلمات حرّكت مشاعر الحاضرين، عن واقع غزة، حيث قال فراس، الذي يبلغ من العمر 11 عامًا، بنبرة حزن وغضب: "كل عشر دقائق، يفقد طفل بريء حياته في غزة، بينما يقف العالم يشاهد مكتوف الأيدي... حكومتنا شريكة في هذه المأساة". وأضاف: "فقدت ابن عمي يزن، الذي لم يتجاوز عمره 10 سنوات، ومجرد التفكير في فقدان المزيد من أفراد العائلة يجعل الأمر لا يُطاق". كذلك، وصف مأساة أربعة رضَّع وجدوا في ظروف مروعة في مستشفى الناصر. وأعرب عن حنينه العميق لغزة، حيث تعلم السباحة وقضى أوقاتًا جميلة مع جدّته. لكنّه أردف، أنّه يخشى العودة إلى مكان لم يعد يستطيع التعرف عليه بسبب الأوضاع الصعبة والمأساوية.
وفي مشهد مؤثر على الجانب الآخر، تظهر تالين رضوان، الطفلة البالغة من العمر 10 سنوات، التي تتحدث عن ذكرياتها السعيدة في غزة. وتتأمل أوقات الفرح التي عاشتها هناك، حيث كانت تلهو مع أبناء عمومتها وتستمتع بالأطباق الشهية التي تحضرها جدتها، مثل "الدوالي" و"المقلوبة". لكن اليوم، نرى هذه الطفلة تعبر بحزن عن التحول الكبير في هذه الذكريات، حيث حلّ الوجع وانفطار القلوب مكان الفرحة.
رسالة أطفال: كم جيلًا يجب أن يُشرَّد وكم روحًا بريئة ستُزهَق؟
بدوره كتب مراهق فلسطيني، رسالة تعبّر عن الحزن العميق والخسارة الكبيرة التي مني بها خلال الحرب في غزة، حيث فقد أكثر من 40 فردًا من أحبائه، بينهم 20 طفلًا، لافتاً إلى أنّ أعمار الضحايا تتراوح بين 3 أشهر و18 عامًا وأنّ كلا منهم تلاشت أحلامه تحت صدى الانفجارات والخراب. وبنداء إنساني صادق، يتساءل: "كم جيلًا يجب أن يُشرَّد، وكم روحًا بريئة ستُزهَق؟" راجياً، أن يحظى أطفال فلسطين بحقهم في مستقبل أفضل، خالٍ من الحروب.
بعد ذلك، نطق هؤلاء الأطفال بكلمة واحدة بصوتٍ موحّد يهزّ الضمائر الإنسانية: "كفى". وطالبوا بوقف إطلاق النار وبإحلال السلام في أرض تعبث فيها ألعاب الكبار المدمرة بأحلام البراءة. ويسلّط هذا الصوت الموحد الضوء على رغبة الأطفال في تغيير واقعهم المؤلم وأملهم في بناء مستقبل يحمل لهم حياة أفضل.
تبقى ردود الأفعال غير واضحة حتى اللحظة، حول كيفية تفاعل الحكومة البريطانية مع هذا النداء الإنساني الصريح من قبل هؤلاء الأطفال الذين عبّروا عن قلقهم العميق إزاء فقدان الأرواح البريئة في ظل العدوان العنيف على غزة. وطالبوا الحكومة البريطانية بالضغط على إسرائيل لوقف القصف الجوي والبري والبحري على قطاع غزة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى هذا القطاع المحاصر.
وأشاروا إلى أنّ القصف الإسرائيلي المتواصل، يؤدي إلى استشهاد نحو 300 فلسطيني يوميا، معظمهم من الأطفال، ويتسبّب الحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل في معاناة إنسانية لا توصف في غزة وتجعل السكان يفتقرون لأبسط مقومات الحياة الأساسية من الماء والغذاء والدواء.
ومن المتوقع أن الضغوط المتزايدة على الحكومة ستدفعها إلى التصريح بموقف رسمي، خاصة في ظل الانتقادات المتزايدة والدعوات المستمرة من قبل المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني.