نزل جيسون كانديكي وشقيقته إستر من الحافلة الصغيرة التي كانت تقلّهما، وارتميا في أحضان عمّهما وجدّتهما اللذَين راحا يبكيان خلال أوّل لقاء للطفلَين بأسرتهما منذ مقتل والدَيهما على أيدي مقاتلين كونغوليين قبل ستّة أعوام. ففي ذلك الحين، هاجم مسلّحون قرية مينغيلي التي كان الطفلان من سكانها في جنوب شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي منطقة يدور فيها قتال بين جماعات مسلحة منذ سنوات للسيطرة على الأرض والموارد، فيذهب ضحيّته مدنيون. وقد فرّ جيسون الذي يبلغ من العمر الآن 12 عاماً وإستر البالغة 14 عاماً إلى قرية أخرى وجدا فيها الرعاية.
وفي وقت سابق من العام الجاري، قُتل الأشخاص الذين كانوا يرعون الطفلَين الكونغوليَّين، في هجوم آخر. فأبلغ صديق اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالبيانات الخاصة بالطفلَين، وتمكّنت اللجنة من العثور على عمّهما جان إيلونغا كانديكي على بعد مئات كيلومترات في بلدة مانونو.
وفي الأسبوع الماضي، استقل جيسون وشقيقته إستر طائرة مع عدد كبير من الأطفال، متّجهَين إلى بيتهما الجديد. وتجمّع الجيران حولهما أمام باب البيت. وقال جيسون: "أنا سعيد جداً بعودتي إلى أسرتي الحقيقية. كان صعباً عليّ أن أفقد والدَي، والآن أنا سعيد جداً مع عمّي. أريد أن أذهب إلى المدرسة، وأن أدرس، وأن أكون طفلاً عادياً".
وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأنّها نظّمت 11 رحلة جوية بين السادس والثامن من يوليو/ تموز الجاري بين مناطق تنغانيقا وكاتانغا العليا وكيفو الشمالية وكاساي الشرقية وكينشاسا. وفي الإجمال، عاد 83 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 5 و19 عاماً إلى أقاربهم في الأسبوع الأخير.
Avec la @crrdc1, nous avons facilité le retour en famille de plus de 80 enfants, âgés de 5 à 19 ans.
— CICR Afrique (@CICR_Afrique) July 8, 2022
Ils avaient perdu contact avec leurs proches à la suite des violences armées dans le #Tanganyika au Sud-est de la #RDCongo.
Les familles doivent être ensemble !❤️ pic.twitter.com/MIOaMvBSMu
وفي هذا الإطار، قالت فلورنس أنسيلمو، رئيسة الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، إنّ "هذا العمل يستغرق وقتاً طويلاً، لكنّه بالتأكيد ضروري ولا يقدّر بثمن، لأنّه يسمح لنا بتقديم إجابات لأشخاص يعيشون في كرب".
لكنّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر تفيد بأنّ عدد الأطفال الذين ينفصلون عن أسرهم مستمرّ في الزيادة، خصوصاً في كيفو الشمالية حيث شنّت مجموعة "إم 23" (23 مارس) المتمرّدة هجوماً جديداً في الأشهر الماضية. وقد تكثّفت المواجهات بعدما اتّهمت حركة المجموعة حكومة كينشاسا بعدم احترام اتّفاق عام 2009، الذي كان يجب على الجيش أن يدمج يموجبه مقاتليها في صفوفه.
وفي وقت سابق، في أواخر يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت مسؤولة في الصليب الأحمر في العاصمة الأوغندية كمبالا أنّ أكثر من 800 طفل انفصلوا عن عائلاتهم في أعقاب قتال عنيف بين القوات الحكومية والمتمرّدين في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأوضحت أنّ تجدّد أعمال العنف في الأشهر الأخيرة أجبر عشرات الآلاف على الفرار من منازلهم في منطقة روتشورو، بالقرب من الحدود مع أوغندا.
وأوضحت المتحدّثة باسم الصليب الأحمر الأوغندي إيرين نكاسييتا، لوكالة فرانس برس، أنّ "فريقنا في أوغندا، وكذلك في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أبلغنا أنّ 800 طفل انفصلوا عن عائلاتهم في ظلّ تصاعد العنف في منطقة روتشورو". وتابعت أنّ 716 طفلاً غير مصحوبين بذويهم من جمهورية الكونغو الديمقراطية سُجّلوا حتى الآن في أوغندا فقط، فيما اجتمع 155 آخرون مع عائلاتهم.
وقد عبّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان صادر في الأسبوع الأخير من يوني/حزيرانو الماضي، عن أسفها، إذ إنّ الوضع الأمني في المنطقة جعل من الصعب البحث عن أشخاص مفقودين ولمّ شملهم بعائلاتهم. وأوضحت اللجنة أنّ الوصول إلى مناطق النازحين الأصلية محفوف بالمخاطر، كما أنّ أفراد الأسر في حالة تنقّل مستمرّ.
(رويترز، فرانس برس)