فرض عدد السكّان الكبير، ضغوطاً على الكوادر الطبية في مدينة الرّقة شمال شرقي سورية، كون أعداد العاملين في القطاع قليلة، ويفاقم ذلك صعوبات من ناحية التمويل وتوفير الأجهزة والمعدات النوعية.
الدكتور فراس ممدوح الفهد، رئيس منظمة "صناع الأمل" الإنسانية، تحدث لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، عن واقع القطاع الطبي في الرقة، وما يعانيه من مشاكل، مُعدّداً المستشفيات والمستوصفات التي تقدم الخدمات للسكان في الوقت الحالي، وهي "المشفى الكبير العام الوطني"، ومستشفى "الهلال الأحمر"، الذي يقدّم خدمات علاج الأطفال وفيه قسم حواضن وعيادات نسائية وولادة، وتدعمه في الوقت الحالي منظمة إيطالية، إضافة إلى مستشفى "التوليد العام" قرب دوار النعيم في المدينة.
كما توجد مستوصفات طبية، منها مستوصف "المشلب" الذي تموّله منظمة "أطباء بلا حدود"، وكذلك مستوصف مدعوم من قبل منظمة "بهار" بالقرب من مركز الاتحاد النسائي سابقاً، ومستوصف "الرشيد" بحي مفرق الجزرة غربي الرقة، و"العيادات الشاملة"، الذي يستخدم في الوقت الحالي لعلاج مصابي فيروس كورونا، وكذلك مستوصفات بالريف الغربي والشرقي والشمالي للمدينة، ومستوصف "الدرعية"، ومستوصفات أخرى قليلة.
ويعود تواضع الخدمات الصحية، بحسب الفهد، إلى "قلّة الدعم الدولي للقطاع الصحي في الرقة، خاصة منذ بداية 2021، وكذلك العدد المتزايد جداً للنازحين من كل المناطق، فضلاً عن البيروقراطية بالعمل، وانتشار المحسوبية عند بعض العاملين في هذا القطاع".
وأكد الفهد أنّ "عدد الكوادر الطبية في الرقة لا يلبي إطلاقاً الأعداد الضخمة جداً لقاطني المدينة وريفها، حيث أصبح هناك مطلب ملح لتوسعة المستشفى الوطني وتوسعة أقسامه وتفعيل قسم الأطفال، وغيرها من التخصصات غير الموجودة، وكذلك جلب أجهزة نوعية كجهاز الرنين المغناطيسي والقسطرة القلبية".
وأشار إلى أنه يبذل جهوداً في محاولة افتتاح مستوصف جديد في الرقة، كخطوة لتخفيف الضغط عن باقي المستوصفات، موضحاً أنه "لا توجد إحصائيات حول عدد الأطباء وباقي الكوادر الصحية في مدينة الرقة في الوقت الحالي".
وفي الإحصائيات الأخيرة لمجلس الرقة المدني، بلغ عدد سكان مدينة الرقة نحو 300 ألف شخص، فيما تجاوز عدد النازحين المقيمين فيها 3200 نازح.
ويرى الطبيب السوري أنّ "المطلوب هو تنفيذ المنظمات الطبية الدولية تعهداتها، بدعم القطاع الصحي في الرقة وتعزيز العمل بضمير أكثر لدى استقبال النازحين من المخيمات وبذل كل الجهود لخدمتهم".
وفي 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أعلن عن وفاة الشاب عمار الحلبي (27 عاماً) نتيجة خطأ طبي، خلال إجراء عملية جراحية في مستشفى "الرسالة" في الرقة. واتهم بعض سكان المدينة الكادر الطبي المشرف على الشاب بالتقصير والإهمال. وذهب المواطن خالد بن زيد للقول، إنّ "مستشفيات الرقة تحولت للتجارة، فلا يهم الكوادر الطبية فيها صحة المريض وهمها الوحيد هو المال".
وتعليقاً على هذه الحادثة، قال الفهد "بالنسبة لوفاة الشاب (رحمه الله) لم تتكرر كثيراً مثل هذه الحوادث، كون القطاع الطبي بالرقة لحد الآن يتميز بالخبرات العالية للعاملين فيه، ومع ذلك يجب معرفة وسؤال المريض قبل إجراء أي عملية أو علاج عن الحالة السريرية والتاريخ المرضي له، والتداخلات الدوائية وغيرها من الأمور".
وكان الطفل عدنان محمد عدنان، البالغ من العمر ثلاثة أعوام قد توفي نتيجة خطأ طبي في إبريل/نيسان 2019، بعد نقله إلى مستشفى "الفرات" في مدينة الرقة. حيث حمّل ذوو الطفل الأطباء مسؤولية تدهور حالته الصحية ومن ثم وفاته.
وأوضح مصدر محلي، لـ"العربي الجديد"، أنّ المستوصفات في الرقة "بالكاد لديها قدرة على استقبال كافة المراجعين، في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف العلاج في العيادات الخاصة بشكل كبير يحرم الفقراء من التوجه إليها".
وتعرضت المنشآت الصحية في الرقة لخراب واسع، في الوقت الذي نزحت عنها الكوادر الطبية خلال سيطرة تنظيم "داعش" قبل خروجه منها في خريف 2017.