يطلب الستيني الفلسطيني عمر النمر من ابنه تشغيل محرك الحافلة التي يمتلكها كل يوم حتى لا يتعطل بفعل حالة الركود التي يعاني منها منذ مطلع آذار/ مارس الماضي، بسبب وباء كورونا الذي يتفشى في قطاع غزة بشكل متصاعد.
وتعطلت الجامعات ومراسم الأفراح التي كانت تشكل مصدرٍ رزقٍ أساسي لأصحاب حافلات النقل. وقال النمر لـ"لعربي الجديد"، إن "تعطل العمل لا يجلب له الخسارة فقط، بل يجبره على دفع خسارة مضاعفة من صيانة وضرائب مختلفة وغيرها من الالتزامات، حتى أصبحت أفكر جدياً ببيع الحافلة، والجلوس في البيت بلا عمل، وبلا إرهاق ذهني ونفسي".
وتعرضت 28 شركة في قطاع غزة تضم نحو 400 حافلة وقرابة 500 عامل وسائق لخسائر فادحة منذ بدء الجائحة التي فرضت عليهم الجلوس في بيوتهم، وعدم تحريك حافلاتهم التزاماً بقرار الجهات الحكومية منع هذا النوع من مركبات النقل لما تشكله من خطورة بسبب عدد ركابها.
وسجلت وزارة الصحة في غزة، 78 وفاة بفيروس كورونا، كما سجلت 16755 إصابة، من بينها 6903 إصابات نشطة، تحتاج 258 منها إلى رعاية طبية، و96 في مرحلة الخطر.
ومنذ بدء الجائحة تغيب عن شوارع القطاع المحاصر الحافلات، سواء المتوسطة أو الكبيرة، وهي وسائل نقل أساسية في غزة، ونظراً للكثافة السكانية العليا على مستوى العالم في القطاع، لا تجد الجهات الحكومية حلاً لحلحلة الأزمة التي يعيشها السائقون، كما اتخذت مؤخراً قرارات أكثر صرامة لمواجهة الفيروس، فمنعت استمرار عمل المحال التجارية بعد الساعة الخامسة مساءً، فيما يستمر حظر التجوال بعد الساعة الثامنة مساءً.
ورغم العودة الجزئية لدوام المدارس وفق برتوكول خاص أعدته وزارة التربية والتعليم، إلا أن طلب الأهالي على الحافلات لنقل أبنائهم لم يعد شائعا بسبب تخوفهم من انتقال العدوى. ويقدر أصحاب الحافلات خشية الأهالي على أبنائهم رغم محاولاتهم اتخاذ تدابير السلامة اللازمة، لكنّ دعوة بعض الأهالي إلى اقتصار حمولة الحافلة من الطلاب على نصف العدد لم تلق ترحيباً من السائقين، كونّها تعرضهم لخسارة أكبر من التوقف التام عن العمل.
وتفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي عقوبات تمنع إدخال قطع الغيار الخاصة بالحافلات وأدوات الصيانة اللازمة، كما منعت بعض ملاك الحافلات من استيراد حافلات جديدة إلى غزة.
وأكّد رئيس جمعية أصحاب شركات النقل العام في قطاع غزة، أنور أبو علبة، أنّ محاولات الجمعية مع وزارة النقل والمواصلات لا تتوقف من أجل ضمان عودة تدريجية لعمل الباصات في ظل الجائحة، وأوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ ما استطاعوا الحصول عليه هو الإعفاء من ضريبة الترخيص للنصف الثاني من العام الحالي، لكنه اعتبر أن "القرار غير كافٍ في ظل استمرار الوباء، وعدم وجود سقف زمني لانتهائه، أو السيطرة عليه".
ومنذ حلول جائحة كورونا قامت بعض الشركات بتحويل عدد كبير من سائقيها من نظام العقود إلى نظام العمل اليومي، ودعا رئيس جمعية النقل، إلى ضرورة دمج سائقي الحافلات في كشوف المنح والمساعدات نظراً لما يتعرضون له من خسائر، وفقدانهم لمصدر دخلهم الأساسي.