- نجيب الله خان وشمس الرحمن يعبران عن وجهات نظر مختلفة حول تعليم كبار السن، مع التأكيد على أهمية التعليم في بناء الشخصية وتحسين المجتمع، بينما تباطأت الجهود بعد سيطرة طالبان.
- قبل استيلاء طالبان، كانت هناك دورات تعليمية لكبار السن بدعم دولي، وفي فبراير 2023، أطلقت ولاية لوغار برنامجاً بتمويل من "يونيسكو"، مع محاولات لإقناع طالبان بأهمية تعليم الفتيات لتطور المجتمع.
في وقت تبدي حكومة حركة طالبان في أفغانستان ومؤسسات خيرية اهتماماً كبيراً بتعليم رجال كبار في السن، تختلف آراء المواطنين في المسألة التي يرى بعضهم أنها خطوة ضرورية جداً، باعتبار أن كل إنسان يملك حق التعلّم، أكان صغيراً أو كبيراً، بينما يعتبر آخرون أن أولويات الفترة الراهنة تتمثل في تعليم الجيل الجديد، خاصة الفتيات، اللواتي حرمن من هذا الحق منذ أن استعادت الحركة الحكم في أغسطس/آب 2021.
يقول نجيب الله خان، وهو زعيم قبلي في ولاية لوغار كان تخرّج من دورة لتعليم كبار السن قبل أن تسيطر "طالبان" على الحكم صيف عام 2021، لـ"العربي الجديد": "تعلّمت خلال الأشهر التي درست فيها كتابة الحروف وقراءتها، لكنني كنت أعرف جيداً أنني لن أستفيد من ذلك لأنني رجل لديّ أسرة وأعمال كثيرة، وبالتالي ليس الاهتمام بالتعليم من بين خياراتي، وإذا كنت أحب أن أتعلم يصعب أن أهتم بالتعلّم بالكامل لأنّ منحى حياتي مختلف، ولا بدّ أن ألتزم بمتطلبات رعاية أولادي، لذا لا وقت لدي لمواصلة الدراسة".
ويرى نجيب الله أنه بدلاً من صرف أموال، ولو قليلة نسبياً، لتعليم كبار السن، يجب أن تهتم الحكومة الأفغانية والمؤسسات الخيرية وكل المعنيين ببرامج دعم التعليم، بجيل الشباب الذي تعتبر حاجته ماسة للتعلم. ولو كنا في بلد غير أفغانستان، وتوفرت كل احتياجات الشباب، لكان العمل على هذا الجانب أمراً ممكناً، وبالتالي صرف الأموال والطاقات عليه".
في المقابل، يأمل شمس الرحمن، وهو رجل متقدم في السن يعيش في ولاية وردك، في أن تسنح له فرصة المشاركة في دورات تعليمية، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا ينحصر التعلم في سن محددة إذ يحتاج الجميع إليه، وصدق من قال إن التعليم يكون من المهد إلى اللحد، وإذا تعلمنا الكتابة والقراءة فهذا شيء كبير لأنه يسمح بالاطلاع على كتب ذات منفعة ويخدم مستقبل بلدنا، ويساعد في تربية الأولاد وتكوين أسرة سليمة وأمور غيرها".
يضيف: "يخطئ أناس في بلدنا في الاعتقاد بأن التعلم يهدف فقط إلى الحصول على وظيفة، وإذا لا تتوفر هذه الوظيفة فلا جدوى منه، لكن التعلم يساهم في بناء الشخصية، وهو ما يحتاج إليه الصغار والكبار معاً". ويذكر شمس الرحمن أن "الحكومات السابقة في أفغانستان كانت تهتم كثيراً بتعليم كبار السن، وصرفت على غرار مؤسسات دولية أموالاً باهظة في المجال. وحالياً يتواصل تعليم كبار السن لكن بوتيرة أقل".
وكانت الحكومة الأفغانية تنظم آلاف دورات التعليم بشكل دوري في أنحاء البلاد قبل أغسطس 2021، وكان أكثر من 400 ألف شخص من النساء والرجال الكبار في السن يتعلمون فيها. وأشرفت وزارة التعليم في أفغانستان (وزارة المعارف) على تطبيق برامج التعليم الخاصة بكبار السن، وخصصت قسماً داخلياً للعمل في المجال، كما موّلت مؤسسات دولية برامج جرى تطويرها من خلال مناهج خاصة عام 2017. واستمر الزخم القوي حتى سقوط حكومة أشرف غني. ويتواصل تطبيق بعض هذه البرامج حالياً بإشراف وزارة التعليم وإن بوتيرة أقل، باعتبار أن مؤسسات دولية كانت تنفذها قبل أن تغلق معظمها أبوابها بعد وصول "طالبان" إلى الحكم، ما خفّض مستوى الدورات.
وفي 24 فبراير/شباط الماضي، دشنت إدارة التعليم في ولاية لوغار المجاورة للعاصمة كابول برنامجاً تموّله منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو" لتعليم كبار السن، وأعلنت أن أكثر من 1200 شخص سيدرسون فيه.
وذكرت الإدارة، في بيان، أن "الحكومة تعمل ليل نهار لرفع مستوى التعليم والتثقيف لدى جميع المواطنين، فيما نسبة كبار السن غير المتعلمين عالية جداً في ولاية لوغار وولايات أخرى، لذا ثمّة حاجة ملحة لتدشين هذه البرامج، باعتبار أن هذا الأمر سيحدث تغييراً كبيراً في حياة كبار السن الذين عانوا كثيراً من الحرب".
في غضون ذلك، لا تزال زعامات قبلية إلى جانب علماء دين في أفغانستان تحاول، من خلال رسائل ومناشدات واجتماعات، إقناع قادة "طالبان" بتغيير موقفها الخاص برفض تعليم الفتيات، والذي أثار انتقادات محلية ودولية ضدها.
ويعتبر زعماء قبليون ورجال دين أنه من دون تعليم البنات لن يستطيع المجتمع التطور، ويطالبون حكومة طالبان بأن تستمع إلى آراء القبائل وعلماء الدين الذين جاؤوا إلى كابول من مختلف الولايات لإقناع مسؤوليها بهذا المطلب. كما يشددون على ضرورة إيجاد آلية للتواصل الدائم مع الحكومة من أجل إيصال المطالب بشكل سلس.