أمان القامشلي في عهدة شبّان الأحياء

01 يونيو 2022
أهالي القامشلي يعانون من فلتان أمني (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

تطوع شبّان في مدينة القامشلي والقرى المحيطة بها، بالسهر ليلاً في الشوارع، لمحاولة الحدّ من عمليات السرقة التي تستهدف المنازل، بعدما خرج الأمر عن السيطرة خاصة في النصف الأول من العام الحالي. ولم تقتصر الجرائم التي وقعت في المدينة ومحيطها على السرقة فقط، بل تطورت إلى عمليات سطو مسلّح وقتل نفذتها عصابات، وسط حال فلتان أمني غير مسبوقة. في حي الكورنيش يبقى عمران الحسين مستيقظاً حتى الصباح لإيقاف أي عملية سرقة يمكن أن تحدث في الشارع الذي يسكن فيه. ورغم أنه اعتاد السهر، لكنه يجد الأمر خطراً بعدما شهد الحي جريمتي قتل بدافع السرقة وقعت ضحيتها امرأة في الخمسين من العمر ورجل حاول التصدي للصوص دخلوا منزله. 
ويحاول الحسين مع شبان من الحيّ التحقق من هويات من يدخلون الشارع إذا كانوا غرباء. ويقول لـ"العربي الجديد": "أصبحت جرائم السرقة أزمة حقيقية، إذ لا يمر أسبوع في المدينة من دون حدوث إحداها. وهي ليست مصدر الخوف الرئيسي أيضاً بل جرائم القتل، ما يشير إلى أن منفذي السرقات ينتمون إلى عصابات منظمة. وقد نمنع بعض السرقات، أو نحمي منازل على الأقل". 

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

ويشيد أهالي القامشلي بحماية الشبّان المنازل من السرقات والسطو، ويسألون عن أسباب الفلتان الأمني وحلوله ودور الأجهزة الأمنية التابعة لـ"قوات سورية الديمقراطية"(قسد) في وضع حد لهذه المشكلة التي تؤرق السكان منذ سنوات، ولا تزال عالقة دون حل.
من جهته، يروي محمد عادل شاهد لـ"العربي الجديد" تفاصيل مطاردة لص في حي الهلالية، ويقول: "خرجت من منزلي ليلاً بعدما سمعت صوت إطلاق نار، وفوجئت برؤية شخص يحمل مسدساً ويطارد سارقاً تزود بمسدس أيضاً وهدد بقتل أي شخص يقترب منه. ثم حدث إطلاق نار بعدما اقتحمت دورية تابعة لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) الشارع ونجحت في اعتقال السارق الذي تبين أنه يتردد على الحي منذ مدة، ويسرق دراجات نارية ومنازل. كان حامل المسدس يحاول اللحاق بالسارق والدفاع عن بيته، ما يؤكد أن الوضع سيئ جداً، ويولد الرعب والذعر في نفوس الأهالي، ما جعل حتى النساء وكبار السن يخرجون ليلاً لحراسة الحارات ومنع أي لص من الاقتراب".

شبّان في الشوارع لحماية المنازل (سلام حسن)
شبّان في الشوارع لحماية المنازل (سلام حسن)

ويؤكد إدريس الخلف من أبناء حي حلكو بمدينة القامشلي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تجمعات الشبان والدوريات التي ينفذونها تمنع اللصوص من سرقة منازل، وتلعب دوراً في إعادة الأمان إلى المدينة، لكنها ليست الحل الأمثل، لذا نطالب قوى الأمن الداخلي والإدارة الذاتية والأسايش بمعالجة الأمر عبر اتخاذ إجراءات جدّية وحاسمة". وربط الخلف بين الواقع المعيشي للناس في المنطقة وتزايد السرقات، ويقول: "يدفع الوضع الاقتصادي الصعب في البلد والوضع المأساوي الكثير من الناس للسرقة. هناك من ينبش النفايات من دون أن تتوفر له أي فرصة لتحسين وضعه فيلجأ إلى السرقة".
يتابع: "إذا رأيت شخصياً أحداً يحاول سرقة بيتي أو بيت جاري سأحاول ردعه بأي طريقة وصولاً إلى حد ارتكاب جريمة. أما أن يقتلني أو أقتله، وكمواطن أنا خاسر، وقد أخسر حياتي أو ممتلكاتي جراء الاستهتار الذي يحدث في المنطقة وعدم مبالاة الجهات المسؤولة. أتعبنا الواقع الذي نعيشه، فجرائم السرقة ليست وليدة أيام أو عدد قليل من الشهور، ونعيش ظاهرتها منذ سنوات، ونكرر طلبنا بوضع حدّ لها". 
من جهته، يعلّق الدكتور فريد سعدون من أبناء مدينة القامشلي، على "فيسبوك": "عاد شبان المدينة إلى حراسة بيوتهم بعدما تفشت ظاهرة السرقة والسطو المسلح، وذبح عدة أشخاص بسكاكين داخل بيوتهم بعد نهب أموالهم"، ويسأل: "هل نحن على أعتاب مرحلة الفلتان الأمني، وما أسباب تفشي الظاهرة، وأين قوى حفظ الأمن؟".

تجدر الإشارة إلى أنه في منتصف مايو/ أيار الماضي، ارتكبت جريمة قتل بدافع السرقة في حيّ الكورنيش بمدينة القامشلي، وكان الضحية رب أسرة تفاجأ بتهديد لصوص له بهدف سرقة أمواله وطعنوه بأدوات حادة. وسبقت ذلك جريمةُ قتل سيدة خمسينية طعناً في الحي ذاته في 3 إبريل/ نيسان الماضي، ما أثار غضب السكان الذين طالبوا بإجراءات إضافية لضبط الأمن وملاحقة اللصوص والمجرمين.
ويرحّب سكان من مدينة القامشلي بمبادرة الشبّان لحراسة البيوت من جرائم السرقة، ويؤكدون أنها الحل الوحيد لحماية المدينة التي يقطنها خليط من العرب والسريان والأرمن والأكراد، وتضم حالياً نازحين من مدن مختلفة.

المساهمون