أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" حملة لتقديم الرعاية الصحية على مدار الساعة في المناطق الريفية والنائية في أفغانستان، مؤكدة أن الأوضاع المعيشية الصعبة تؤثر على الأطفال بشكل مباشر، وأن الوضع يزداد خطورة مع بدء موسم البرد، إذ تعاني البلاد من تدهور الرعاية الصحية، وشح الأدوية.
وأوضحت المنظمة، في بيان، أن "أفغانستان لا تزال واحدة من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للأطفال، حيث الوصول إلى المرافق الصحية بعيد المنال، ما يؤدي إلى تسجيل البلاد أحد أعلى معدلات وفيات الأطفال عالمياً، رغم أن أسباب كثير من تلك الوفيات يمكن تفاديها في حال توفر مستشفيات وعلاج".
ويشير البيان إلى أنه "على الرغم من أن تلك الظروف آخذة في التحسن، وخصوصاً بالنسبة للأطفال، ففي عام 2018، توفي 4 من كل 10 أطفال أفغان قبل عيد مولدهم الأول، في ما يمثل انخفاضاً كبيراً مقارنة مع عام 1990، حين كانت النسبة وفاة 6 من بين كل 10 أطفال. لكن ما زالت أعداد كبيرة من العائلات تفقد أطفالها، خاصة حديثي الولادة، ويمكن تفادي غالبية الوفيات من خلال توفير الرعاية الصحية المناسبة في الوقت المناسب".
وأعلنت "يونيسف" أن برنامج تقديم الخدمات الصحية لأطفال المناطق الريفية والنائية يجري بالتنسيق مع المرافق الصحية المحلية، وأنه يضم 27 ألف طبيبة وممرضة في 23 ألف مرفق صحي، ويهدف إلى تقديم الخدمات على مدار الساعة، بالتعاون مع مؤسسات دولية أخرى.
وقالت المنظمة إن "بدء هذه المبادرة الجريئة والرائدة تحقق بفضل مساعدة الصندوق الإنمائي لإعادة إعمار أفغانستان والبنك الدولي وشركاء آخرين. رعاية صحية على مدار 24 ساعة تعد مبادرة الأمل والصحة والسعادة في آن واحد للمجتمعات التي تعاني من نقص الخدمات الصحية، خاصة في مناطق شمال أفغانستان".
ويرحب طبيب الأطفال، وفي الله نيازي، بالمبادرة، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنها "ضرورة ملحة في المناطق الريفية الأكثر احتياجاً، لكننا نطالب بأن يقتصر الاهتمام على مناطق شمال البلاد، وأن يمتد إلى الجنوب والشرق، فالأوضاع الصحية في المناطق الريفية باتت أكثر تردياً مقارنة بالأعوام الماضية".
بدوره، يقول الناطق باسم وزارة الصحة، شرافت زمان عمار، لـ"العربي الجديد"، إن "أعداد المصابين بالأمراض الموسمية، وتحديداً التهاب الصدر والرئة والتيفوئيد، أكبر مقارنة بالسنوات الماضية، ومعظم المصابين دون الخمس سنوات، لكن من حسن الحظ أن عدد الوفيات أقل مقارنة مع العامين الماضيين".
ويتوقع عمار أن يزيد عدد الإصابات خلال الأسابيع القادمة؛ موضحاً: "ما زلنا في بداية موسم البرد"، لكنه يؤكد في الوقت نفسه، أن "لدى الحكومة استعدادات لمواجهة تلك الأوضاع، ونناشد المنظمات الدولية والمجتمع الدولي أن يساعد حكومة طالبان لتجاوز هذا الوقت العصيب".
ويشير المتحدث باسم وزارة الصحة إلى أن "آلاف الأطفال في أفغانستان يعانون من الالتهاب الرئوي، بسبب سوء التغذية الذي يؤدي إلى ضعف بنيتهم، إضافة إلى البرد والرطوبة وأمراض أخرى، ما يعرضهم للخطر. أما كبار السن، فإنهم معرّضون لأمراض مثل السل، كما أن تدخين السجائر وإدمان المخدرات من بين الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم الأمراض".
من جانبه، يقول طبيب الأطفال، محمد ظاهر، لـ"العربي الجديد"، إن "ضعف المناعة أحد أهم الأسباب التي تعرّض الأطفال إلى الأمراض الموسمية، خاصة التهاب الرئة، وخلال هذا العام سيكون الوضع أخطر، وهناك أعداد كبيرة من الأطفال تراجع المستشفيات حالياً، ومعدلات الفقر والبطالة ارتفعت بنسب كبيرة، وبات الآباء غير قادرين على توفير الدفء المناسب لأطفالهم، ما يجعلهم بالتالي معرضين لمخاطر برد الشتاء الذي لا يملكون وسائل كافية للوقاية منه، كما أنه من الصعوبة توفير الغذاء الجيد الذي يقوي جهازهم المناعي، ويوفر لهم الدفء المناسب، وبالتالي فالوضع أكثر خطورة من ما تعلنه الحكومة".
يضيف ظاهر: "هذه الحالة السائدة في العاصمة كابول والمدن الرئيسية مثل جلال آباد ومزار شريف وهرات وقندهار، بينما الأوضاع في المناطق الريفية أكثر خطورة، فمعاناة الأطفال فيها أكبر، فهم معرضون لكثير من الأمراض الموسمية، في ظل عدم وجود الرعاية الصحية الكافية، وعدم توفر الأدوية، وفي غالبية الأحيان لا يمكن للمواطنين إيصال أطفالهم المصابين إلى المستشفيات في الوقت المناسب لتلقي الرعاية الصحية، وبالتالي فإن ما تسجله وزارة الصحة من أرقام غير معبر عن الواقع، وهي في الأغلب تركز على المدن، وليس على المناطق الريفية والنائية، وعدد وفيات لا يمكن التنبؤ به حالياً، فما زلنا في بداية موسم الشتاء، والبرد الحقيقي لم يبدأ بعد".