استمع إلى الملخص
- **تحسن مخزون السدود:** وصلت نحو 10 ملايين متر مكعب من المياه إلى سدود تونس، مما رفع المخزون إلى 546 مليون متر مكعب، وساعدت الأمطار في تعزيز المياه الجوفية.
- **تأثيرات الجفاف وتدابير الطوارئ:** تعيش تونس تحت تأثيرات الجفاف منذ 2019، مما دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير لترشيد استخدام المياه، ونقص المياه يحرم أكثر من 650 ألف تونسي من المياه الجارية.
لم تثر الأمطار الغزيرة الأخيرة القلق بين التونسيين، إنّما استقبلوا المتساقطات الأولى في الموسم الزراعي الجديد بتفاؤل، بعد مخاوف من نضوب مخزون السدود. وتتزامن هذه الأمطار مع بداية فصل الخريف بحسب "التقويم الفلاحي"، الذي يحلّ في بداية شهر سبتمبر/ أيلول، علماً أنّ هذا التقويم يُعتمَد منذ القدم في شمال أفريقيا بهدف تنظيم مواسم الزراعة والأعمال المرتبطة بها.
وشهدت محافظات تونس بمعظمها، بما في ذلك المحافظات الأكثر جفافاً من بينها، تساقُط كميات كبيرة من الأمطار، في الأيام الأخيرة من سبتمبر الجاري، أدّت إلى تشكّل سيول وإلى عودة الحياة إلى الأودية الجافة التي بلغت مياهها في ظرف زمني وجيز مستويات عالية. وكثيراً ما تخلّف السيول الناجمة عن الأمطار خسائر في مناطق عدّة، إذ تتضرّر أرزاق المواطنين فيها، غير أنّ التونسيين استقبلوا "أمطار الخريف" هذا العام بمشاعر مختلفة، فهي بدّدت الخوف من العطش الذي يتحكّم بتونس منذ تراجع مخزون المياه في السدود إلى كميات تكفي احتياجات البلاد لمدّة 60 يوماً فقط.
يقول الخبير في التنمية والموارد المائية حسين الرحيلي لـ"العربي الجديد" إنّ "نحو 10 ملايين متر مكعّب من المياه وصلت إلى سدود تونس في الفترة الممتدّة من 28 أغسطس/ آب الماضي والتاسع من سبتمبر/ أيلول الجاري، ليرتفع مخزون المياه إلى 546 مليون متر مكعّب"، علماً أنّ "إجمالي طاقة استيعاب السدود يُقدَّر بـ2.2 مليار متر مكعّب من المياه". ويؤكد الرحيلي أنّ "أوضاع السدود تتحسّن ببطء بعد التقلّبات الجوية الأولى التي شهدتها تونس هذا الأسبوع، في وقت إنّ الحاجة إلى المياه ما زالت كبيرة".
ويوضح الرحيلي أنّ "الأمطار الأبرز سُجّلت في محافظات بعيدة عن نقطة تركّز السدود في شمال غرب البلاد، الأمر الذي يفسّر عدم وصول كميات كبيرة من المياه إلى المنشآت". لكنّه شدّد على أنّ "الأمطار الأخيرة تساعد بصورة كبيرة في تعزيز مخزون المياه الجوفية، وتدلّ على انطلاقة مبكّرة للموسم الزراعي"، مضيفاً أنّ "تأخّر هطول الأمطار في العام الماضي حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني أدّى إلى تضرّر أعداد كبيرة من بساتين الزيتون وإلى تأخّر موسم بذر الحبوب".
ومنذ عام 2019، تعيش تونس تحت تأثيرات الجفاف، الأمر الذي دفع السلطات إلى اتّخاذ تدابير استثنائية لترشيد استخدام المياه في مارس/ آذار 2023، وقد مُدّدت تلك التدابير إلى أجل غير مسمى. وقبل نحو أسبوعَين، دعا المرصد التونسي للمياه إلى إعلان حالة طوارئ مائية، بعدما وصل تراجع مخزون السدود إلى نسبة 23.2% في الأسبوع الأخير من أغسطس الماضي.
وبيّن المرصد التونسي للمياه أنّ المخزون المائي في السدود تراجع إلى 545 مليوناً و683 ألف متر مكعّب، في مقابل 686 مليوناً و328 ألف متر مكعّب في الفترة نفسها من عام 2023. ويحرم نقص مخزون المياه ما يزيد عن 650 ألف تونسي، يعيشون في أرياف البلاد، من المياه الجارية في المنازل، مع العلم أن نصف هؤلاء يعيش بعيدا عن مصادر المياه وفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في العام الماضي. وفي حين تُعَدّ تونس من بين أكثر الدول التي يهدّدها تغير المناخ، فإنّها تحتل المركز الـ33 عالمياً من بين أكثر الدول التي تعاني من إجهاد مائي.