تحلّ السنة الجديدة ومعاناة اللاجئين السوريين والأفارقة في لبنان، ماثلة في شوارع العاصمة وأمام مبنى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت. معاناةٌ تخطّت حدود اللجوء إلى حد التشرّد والنوم في العراء منذ أكثر من عام، بعد طرد مئات العائلات من بيوتها، لعجزها عن تسديد الإيجار، فافترش اللاجئون بأطفالهم ومسنّيهم أرصفةً باتت ملجأهم الوحيد، رغم تعرّضهم أكثر من مرة لفضّ اعتصامهم وإزالة خيامهم من جانب القوى الأمنية، كما للضرب والاعتقال ورمي ما تبقّى لهم من بطانيّات وفرش نومٍ وطعامٍ وشراب.
لعلّ عام 2020 كان الأصعب، خصوصاً بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية اللبنانية والغلاء المعيشي وانعدام فرص العمل، ما دفع بأكثر من لاجئ إلى إضرام النار في نفسه، حتى أنّ أحدهم فارق الحياة متأثراً بحروقه.
عبد الحميد عيسى، لجأ من سورية مع بداية 2013، فاستفاد من مساعدات المفوضية مدة 3 سنوات فقط، ليبقى وعائلته على مدى 4 سنوات من دون أيّ مساعدة تُذكر، باستثناء الحصول على مادة المازوت للتدفئة. يقول لـ"العربي الجديد": "لا مساعدات غذائية أو مالية، ويترتّب عليّ دفع إيجار البيت في بلدة الجيّة (الشوف، جبل لبنان، وسط) أو أنضمّ قريباً إلى إخواني المشرّدين". عيسى، الذي كان ينتظر ابنته الأرملة والأم لثلاثة أطفال، لإنهاء مقابلتها مع المفوضية، يضيف: "نحن 8 أشخاص في المنزل، وبالكاد نعيش، فالتقصير بحقنا كبيرٌ جداً، وأنا عاطل من العمل منذ فترة. الخمسيني الذي ينتابه الشك من أن تتغيّر أحوالهم مع حلول السنة الجديدة، يأمل "الفرج القريب"، ويقول: "كل أملنا أن نعود لبلادنا وأن نكون بأمان. فقد ضاقت بنا الحال هنا".
من جهتها، تتحسّر اللاجئة السورية يسرى محمد مدوّر، على أعوامٍ تمضي وهم في بؤرة الحرمان. وتقول لـ"العربي الجديد": "توفي زوجي، وأصبحتُ مسؤولة عن 4 أولاد وشقيقتين مطلّقتين تعيشان معي، إحداهما مع ولدها. نعيش في خيمةٍ من البلاستيك، كان قد شيّدها زوجي، غير أنّ مصيرنا مهدّد، فالخيمة معرّضة للسقوط أو حتّى الإزالة في أيّ وقت، علماً أنّني أستدين لأعيش وعائلتي، فنحن محرومون من المساعدات، وكلما جاء موعد المقابلة مع المفوضية، يؤجّلونه سنة". يسرى، لا تتعدّى أمنياتها "العيش باستقرار وسلام وتأمين لقمة عيش عائلتي وإعادة أولادي إلى مقاعد الدراسة".
الحال نفسها، ترويها لاجئة أفريقية، فضّلت عدم ذكر اسمها، مردّدةً: "كل ما أتمنّاه هو أن أنسى 2020 بكل مآسيه، أن أترك الشارع وأنسى عذاباته، وعذابات زوجي الذي كان يعنّفني قبل أن أحصل أخيراً على الطلاق". تضيف لـ"العربي الجديد": "أريد العيش كإنسانة، بعدما اختبرت حياة اللجوء والتشرّد على مدى أكثر من عام، أريد سنةً جديدةً لا تشبه إطلاقاً سنة 2020، أريد لابني الوحيد مستقبلاً آمناً وعيشاً كريماً".
ومن دير الزور، شرقي سورية، لجأت حنان يوسف، رفقة زوجها وأولادها إلى لبنان منذ خمس سنوات، فاستقرّت في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين، قرب بيروت. تقول لـ"العربي الجديد": "عجزنا عن دفع إيجار المنزل طوال أربعة أشهر، فزوجي مسنّ عاطل من العمل، لمعاناته من مشاكل صحية عديدة. ونعتاش على رأفة المحسنين وفاعلي الخير، وعلى ما يجنيه ابني (10 سنوات)، من بيع المناديل الورقية في الشوارع، علماً أنّه لا يملك أحياناً ثمن كمّامةٍ تقيه شر كورونا".
ويختصر عبد الباقر، اللاجئ السوداني، أمنياته لكلّ اللاجئين بـ"حياةٍ كريمةٍ وآمنة، تتوقف فيها معاملتنا بعنصريةٍ وبصورةٍ انتقائية، ويتمّ معها الإيفاء بالتزامات لبنان تجاه اللاجئين وبما نصّت عليه الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، فحقوقنا مكرّسة، وندعو إلى وقف اعتقالنا وتسريع إنجاز ملفاتنا لإيجاد حلّ جذري لقضيتنا".