أهالي سيناء يشكون غلاء الأسعار
لم يعد أهالي سيناء، شرقي مصر، يشعرون بلذة شهر رمضان، في ظل الهجمات الإرهابية التي كان ينفذها تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قبل أن يتراجع وجوده من جراء العمليات العسكرية التي نفذها اتحاد قبائل سيناء بمعاونة جهاز المخابرات العامة والجيش المصري. إلا أن الغلاء ينغص على السكان فرحتهم بشهر الصيام، هم الذين تنفسوا الصعداء خلال الأشهر الماضية في ظل غياب الهجمات وأجواء الحرب التي عايشوها منذ عام 2013.
ويشكو الأهالي ارتفاع أسعار المواد التموينية والأساسية خلال الشهر الكريم، على الرغم من فتح أسواق "أهلاً رمضان" التي تباع فيها المواد بأسعار أقل بالمقارنة مع المحال التجارية. إلا أن تلاعب التجار بالأسعار ما زال قائماً، بالإضافة إلى أن كلفة وصول البضائع إلى سيناء تعد مضاعفة، في ظل الحاجة إلى التنسيق الأمني المسبق والتفتيش المتكرر للبضائع، على الرغم من الهدوء الأمني الذي يتطلب تخفيف الإجراءات الأمنية المتخذة بحق التجار والمواطنين على طريق سيناء باتجاه المحافظات المصرية الأخرى غرب قناة السويس.
ويأتي الغلاء في الأسعار وسط ضعف الاهتمام الحكومي بملاحقة محتكري البضائع والمتلاعبين في الأسعار، الأمر الذي يعزوه السكان إلى أسباب عدة أهمها ضعف الجهاز الحكومي في شمال سيناء، بالإضافة إلى الحجج التي يسوقها التجار كمبررات لرفع الأسعار بالمقارنة مع السوق المحلية، عدا عن السوق السوداء في شمال سيناء، الأمر الذي ينعكس سلباً على أسعار المحال التجارية الرسمية. وفي نهاية المطاف، فإن المواطن هو المتضرر الأكبر على الرغم من الحديث الحكومي الدائم عن تنمية سيناء وتحسين ظروف سكانها. إلا أن ذلك يبقى حبراً على ورق، في ظل استمرار معاناة المواطنين.
ويقول أحد سكان مدينة العريش لـ"العربي الجديد" إن سكان المدينة وبقية مدن وقرى المحافظة انتظروا طويلاً شهر رمضان، في ظل ظروف أمنية جيدة تمكنهم من عيش أجوائه بالشكل الذي اعتادوا عليه، قبل أن يفاجئهم الغلاء من دون أدنى مراعاة لمعاناة المواطنين ووضعهم الاقتصادي السيئ، وعدم توفر بدائل مناسبة ودعم لازم من قبل الجهات الحكومية والمسؤولة في المحافظة.
ويشير إلى أن ارتفاع الأسعار انعكس على كل تفاصيل الحياة، ويشمل الحلويات والمأكولات الجاهزة. وبات المواطنون يتجنبون إعداد الولائم والإفطارات الجماعية في ظل ارتفاع أسعار اللحوم والدجاج وغير ذلك، وخصوصاً لدى العائلات الممتدة التي كانت خلال سنوات ما قبل الإرهاب تلجأ إلى الذبائح لتأمين الطعام لعدد أكبر من الناس. إلا أن ذلك بات من الماضي في ظل الأحوال الاقتصادية السيئة، وتراجع فرص العمل، والارتفاع الجنوني في الأسعار، والسعي لتأمين المتطلبات الأساسية.
ويظهر من فارق الأسعار بين السوق والقوائم الاسترشادية، التي تنشرها الجهات الحكومية لأسعار البضائع والمواد التموينية، أن الحكومة غير معنية بتطبيق التسعيرة الملزمة للتجار كافة، حتى إن هناك شكاوى متكررة من المواطنين على المعارض التجارية التي ترعاها المحافظة، تحت اسم "أهلاً رمضان"، لعدم التزام التجار بالأسعار المسجلة على البضائع. فما هو معلن على مواقع التواصل الاجتماعي يختلف عما هو موجود على أرض الواقع، الأمر الذي أحبط المواطنين. وما من خط ساخن للإبلاغ عن الشكاوى المتعلقة بزيادة الأسعار من دون مبرر.
في هذا الإطار، يقول أحد بائعي الدواجن في المدينة لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن تحميل مسؤولية ما يجري للبائع أو التاجر"، لافتاً إلى أن المنظومة بأكملها تتحمل مسؤولية الغلاء الفاحش. يضيف أن غلاء أسعار الدجاج كان سببه ارتفاع أسعار الغاز والأعلاف، ما يعني أن المربي يشتري المستلزمات بسعر مرتفع عما كان عليه في المواسم السابقة، ما يدفعه إلى زيادة الأسعار على التجار، الذين يوزعونه بدورهم على محال البيع بالتجزئة بسعر مرتفع، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. ويجد المواطن نفسه مضطراً لشرائها وخصوصاً خلال رمضان. يضيف: "من الضروري أن يتحمل أحد المسؤولية عن الفرق في الأسعار، ولا يمكن أن يتم ذلك من دون تدخل حكومي لتدارك الموقف، وتحسين أوضاع المواطنين خلال شهر الصيام على الأقل حتى يتمكنوا من الاستمتاع بتفاصيله. ويطالب المواطنين بتحميل المسؤولية للجهات المعنية من دون لوم التاجر غير القادر على تحمل الخسارة.
يشار إلى أن كل مدن محافظة شمال سيناء كانت تشهد تصاعداً ملموساً في العمليات الإرهابية خلال شهر رمضان، واستهداف قوات الجيش والشرطة والمواطنين بدعوى تعاونهم مع قوات الأمن. وكان جزء كبير من هذه العمليات يقع داخل مراكز المدن، بما فيها مدينة العريش وهي عاصمة محافظة شمال سيناء. وكانت تقع خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين نتيجة وقوع الهجمات في المدن ورصاص الجيش العشوائي الذي كان يزداد مع زيادة الهجمات الإرهابية.