عمّمت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أخيراً، مطالب جديدة على المنظمات الإنسانية التي يتوزّع موظّفوها بين محافظتي إدلب وحلب، شمال غربي سورية، وُصفت بأنها استمرار لعمل الهيئة في التضييق على تلك المنظمات، وتدخّل جديد في خصوصيات موظفيها، ما قد يضطرها لرفضها وإيقاف عملها في إدلب، وذلك قد ينعكس سلباً على النازحين في المحافظة.
ورقة المطالب التي أُرسلت إلى المنظمات بشكل سري وقامت إحداها بتسريبها، تضمّنت مطالب بإرسال صورة شخصية لكلّ موظف يتنقّل بين محافظتي إدلب وحلب، إضافة إلى دفتر عائلي صادر عن حكومة الإنقاذ التابعة لها بالنسبة للمتزوجين، وإخراج قيد بالنسبة للعازبين، وصورة مصدّقة عن عقد العمل مع المنظمة.
وأكّد مسؤول في إحدى المنظمات الطبية العاملة في الشمال السوري، رفض الإفصاح عن اسمه أو اسم منظمته لـ"العربي الجديد" أنّ الشروط الجديدة أرسلها مكتب إدارة شؤون المنظمات التابع لحكومة الإنقاذ، التي تعتبر الواجهة المدنية والسياسية للهيئة، لكن المنظمات لم تستجب لتلك المطالب حتى الآن.
وأوضح أنّ معظم المنظّمات تهتم بخصوصية موظفيها ولن تطلع هيئة تحرير الشام على هذه البيانات، وقد تضطر إلى وقف عملها في إدلب إذا ما استمرت الهيئة في الضغط، ووصف هذه الخطوة بأنها استمرار لعمل الهيئة في التضييق على العمل المدني والإنساني في مناطق سيطرتها.
وأشار المسؤول إلى أنّ الهيئة أخبرت المنظمات أنّ الهدف من حصولها على هذه المعلومات هو استخراج بطاقات عبور للعاملين الذين يتنقّلون بين إدلب وحلب، كي لا يضطرّوا للوقوف على نقاط التفتيش التابعة لها وبخاصة نقطة "دير بلوط"، في ريف مدينة عفرين، شمالي حلب.
وأكّد أنها أخبرت المنظمات بأنّ المنظمة التي ترفض إعطاء البيانات سيُعامل موظفوها معاملة المدنيين، وسيتم تفتيشهم، وربّما يتأخرون لساعات بسبب الازدحام على المعبر، الذي يعبره يومياً آلاف الأشخاص.
وقال عامل آخر في منظمة تُعنى بالشأن الإغاثي لـ"العربي الجديد"، إنّ هيئة تحرير الشام تفرض إتاوات على المنظمات العاملة في إدلب، وهي تهدف من خلال المطالب الجديدة إلى معرفة حجم الرواتب التي تعطيها لموظفيها، من أجل إعادة تقييم تلك الإتاوات بحسب حجم القيمة المالية للمنظمة.
وأشار موظف في منظمة تُعنى بالتوعية والتعليم إلى أنّ هدف الهيئة من كلّ ذلك هو الظهور بمظهر المتحكم، وسعيها إلى امتلاك أدقّ التفاصيل عن الأشخاص العاملين في مناطق سيطرتها، وهذا يمنحها إمكانية التهديد والضغط والملاحقة متى شاءت، لأنّ امتلاك المعلومات يسهّل ويسرّع عملية ملاحقة كل شخص ترغب بمطاردته.
ولفت في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أنّ الهيئة تجبر المنظمات على إشراك أشخاص تابعين لها في كافة المشاريع التي يتم تنفيذها في إدلب، وربّما تهدف من خلال ربط نشاطات المنظمات بحكومة الإنقاذ وجعلها على تواصل دائم معها، إلى الاطّلاع على كافة المشاريع، مهما كانت صغيرة أو كبيرة.
وبحسب إحصائية غير رسمية، فإنّ هناك أكثر من 103 منظمات إغاثية وطبية وتعليمية وتوعوية تعمل في محافظة إدلب، معظمها تتّخذ من تركيا وريف حلب الشمالي منطلقاً لعملها.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على مناطق محافظة إدلب الخارجة عن سيطرة النظام بشكل كامل، وتفرض قبضة أمنية على السكّان والعمل الإنساني والسياسي والمدني، ما اضطر الكثيرين للجوء إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري في ريف حلب الشمالي وإلى تركيا.
وأكّدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير أخير، أنّ قرابة 2116 مواطنا سوريا ما زالوا قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لهيئة تحرير الشام، في ظلّ تفشي فيروس كورونا.