إسرائيل تقتل يومياً أطفالاً في لبنان أكثر ممّن قتلتهم خلال حرب تموز 2006

27 سبتمبر 2024
من الأطفال النازحين إلى صيدا، جنوب لبنان، 23 سبتمبر 2024 (محمود الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تفاقم الأزمة الإنسانية في لبنان: تصاعد العدوان الإسرائيلي أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف، بما في ذلك 50 طفلاً في يومين، ونزوح جماعي وأضرار جسيمة في البنية التحتية، مما زاد من معاناة العائلات اللبنانية.

- تأثير النزاع على الأطفال والعائلات: ممثل يونيسف أكد أن الهجمات الإسرائيلية تُوقع الأطفال قتلى وجرحى بمعدل مخيف، مع تزايد القلق والاكتئاب بين الأطفال، واضطرار الأسر للاقتراض لتلبية احتياجاتها الأساسية.

- استجابة يونيسف للأزمة: يونيسف توفر إمدادات أساسية ودعماً نفسياً واجتماعياً للأطفال، وتحتاج إلى 39 مليون دولار لتنفيذ خطتها لعام 2024، لكنها لم تتلق إلا 7.6 ملايين دولار حتى الآن.

تحت عنوان "مأساة تلو الأخرى في لبنان مع ازدياد الموت والنزوح"، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تقريراً أفادت فيه بأنّ عدد الأطفال الذين يُقتلون يومياً في لبنان وسط العدوان الإسرائيلي الأخير عليه، يفوق العدد المُسجّل في خلال حرب تموز 2006، وذلك بأكثر من الضعف.

وكان نحو 400 طفل قد سقطوا في حرب تموز 2006 التي استمرّت 33 يوماً، ما يعني نحو 12 طفلاً يومياً. أمّا في الوقت الراهن، فبيّنت منظمة يونيسف أنّ 50 طفلاً سقطوا يومَي الاثنين والثلاثاء (23 و24 سبتمبر/ أيلول 2024) من هذا الأسبوع، وفقاً لمعطيات وزارة الصحة العامة اللبنانية التي تتوقّع مزيداً من جثث الأطفال تحت أنقاض المباني المدمّرة في كلّ أنحاء لبنان المستهدف بطريقة غير مسبوقة.

يُذكر أنّ الغارات العنيفة التي نفّذتها المقاتلات الإسرائيلية على جنوب لبنان والبقاع (شرق)، يوم الاثنين الماضي، أدّت إلى سقوط 492 شهيداً على أقلّ تقدير، إذ إنّ ثمّة عدداً من المفقودين، علماً أنّ من بين هؤلاء 35 طفلاً و58 امرأة. أمّا إجمالي حصيلة حرب تموز 2006 فقد قُدّر بنحو 1000 شهيد مدني، الأمر الذي يعني أنّه في يوم واحد سقط نحو نصف عدد الشهداء المدنيين المسجَّل في 33 يوماً، ما بين 12 يوليو/ تموز 2006 و14 أغسطس/ آب منه.

وأشارت منظمة يونيسف، في تقريرها الأخير، إلى أنّ "التصعيد (في الأعمال العدائية على لبنان) في الأيام الأخيرة أدّى إلى مقتل وإصابة الآلاف، وإلى نزوح جماعي"، بالإضافة إلى "أضرار جسيمة في البنية التحتية". كذلك فإنّ استهداف لبنان بغارات إسرائيلية مكثّفة "زرع خوفاً لا يمكن تصوّره" بين الناس في كلّ أنحاء البلاد.

وقال ممثّل منظمة يونيسف في لبنان إدوارد بيغبيدر إنّ "مع استمرار النزاع هذا الأسبوع، يزداد الدمار، وتتراكم المأساة تلو الأخرى"، مؤكداً أنّ "الهجمات على لبنان تُوقع الأطفال قتلى وجرحى بمعدّل مخيف، وتدمّر كلّ شعور بالسلامة والأمان لدى مئات آلاف الأطفال في كلّ أنحاء البلاد".

وقد رأت المنظمة أنّ ما يحصل "يأتي ليضيف أزمة جديدة إلى الوضع الهشّ الذي تعانيه عشرات آلاف العائلات في لبنان بالأساس". وقد تأثّرت العائلات في لبنان بسلسلة من الأزمات المتتالية، في السنوات الخمس الأخيرة، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي الذي بدأ في عام 2019 وما زال قائماً ويرفع معدّلات الفقر في البلاد، وانفجار مرفأ بيروت الهائل في الرابع من أغسطس 2020، وتداعيات أزمة كورونا الوبائية ابتداءً من عام 2020.

وفي مسح أجرته منظمة يونيسف في لبنان، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أظهرت أنّ أكثر من ثماني أسر من بين كلّ عشر أسر اضطرّت إلى اقتراض المال أو الشراء بالدَّين لتوفير احتياجاتها من المواد الغذائية الأساسية، وذلك بزيادة قدرها 16 نقطة مئوية على مدى ستّة أشهر. كذلك بيّنت المنظمة، من خلال المسح نفسه، أنّ 46% من الأسر في محافظة الجنوب أفادت أنّ أطفالها يشعرون بالقلق و29% منهم يعانون الاكتئاب.

من أزمة إلى كارثة في لبنان

وقد وصف ممثّل منظمة يونيسف في لبنان الوضع في البلاد الذي يتأرجح بالفعل على حافة الهاوية، بأنّه انتقل من أزمة إلى كارثة"، مشدّداً على "وجوب وقف معاناة الأطفال". وشرح بيغبيدر أنّ "الطريقة الوحيدة" لوقف معاناة أطفال لبنان هي من خلال "الوقف الفوري للتصعيد"، مضيفاً أنّ "من شأن نزاع واسع النطاق أن يكون له تأثير مدمّر على أطفال البلاد البالغ عددهم 1.3 مليون طفل".

وفي استجابة للوضع المتدهور بسرعة نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، أوضحت منظمة يونيسف في تقريرها أنّها توفّر، بالتعاون مع الحكومة اللبنانية إمدادات أساسية للملاجئ، بما في ذلك آلاف من عبوات مياه الشرب المأمونة ومواد تنظيف ولوازم تعليم وترفيه خاصة بالأطفال، وبطانيات وأكياس نوم، ومستلزمات نظافة شخصية للنساء والفتيات، وإمدادات للتغذية بما في ذلك مكمّلات غذائية وأغذية الأطفال. كذلك تقدّم المنظمة دعماً نفسياً واجتماعياً، بما في ذلك خدمات حماية الطفل والتعليم والأنشطة الترفيهية في مراكز إيواء عديدة.

في الإطار نفسه، أجرت منظمة يونيسف تصليحات ضرورية لمرافق مياه وصرف صحي متضرّرة، كذلك أرسلت 20 وحدة صحية متنقّلة لتوفير الرعاية الطبية واللقاحات المنقذة للحياة، وسلّمت 100 طنّ من الإمدادات الطبية الطارئة إلى المستشفيات التي تواجه نقصاً حاداً أو نفاداً في مخزونها. وأشارت إلى أنّ من المقرّر أن يصل 25 طنّاً إضافياً من إمدادات الطوارئ إلى لبنان في الأيام المقبلة، كذلك ثمّة عملية شراء قيد الإنجاز تشمل 53 طنّاً إضافياً من تلك الإمدادات.

وقد أكدت منظمة يونيسف، في تقريرها الأخير، التزامها بالاستجابة للاحتياجات المتزايدة. وبيّنت أنّها تحتاج إلى 39 مليون دولار أميركي لتنفيذ خطتها للاستجابة للنزاع لعام 2024، لكنّها لم تتلقّ إلا 7.6 ملايين دولار حتى الآن. ولفتت إلى أنّ ثمّة "حاجة ماسة إلى مزيد من التمويل لدعم أطفال لبنان في خلال هذا التصعيد المأساوي".

المساهمون