للأسبوع الثاني على التوالي، يُسجّل العراق تصاعداً واضحاً في معدل الإصابات بفيروس كورونا، وسط إحصاء وفيات بين الأطفال في مدن عدة جنوبي البلاد، تقول وزارة الصحة إنه ناجم عن السلالة الجديدة من الفيروس، واستمرار فرض القيود التي أثارت جدلاً شعبياً واسعاً في البلاد، بسبب إخفاق الحكومة في توفير بدائل للعاملين بالأجر اليومي، تعويضاً عن فقدانهم للعمل، ما ينذر بموجة فقر جديدة على غرار منتصف العام الماضي، والتي وضعت وفقاً لوزير التخطيط خالد النجم نحو 1.4 مليون عراقي تحت خط الفقر بسبب تداعيات الوباء.
وحتى أمس الإثنين، سجّل العراق نحو 4 آلاف إصابة جديدة وتوفي 23 نتيجة الفيروس، ليرتفع إجمالي الإصابات في البلاد إلى 671 ألفاً وأكثر من 13 ألف وفاة.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "الإصابات الحالية تمثل جرس إنذار ما لم يلتزم المواطنون بقرارات حظر التجوّل وارتداء الكمامة وعدم الاختلاط خلال فترات الحظر الجزئي خلال الأيام المقبلة"، مبيّناً أنّ "المختبرات الطبية والصحية في بغداد، تواصل تسجيل ارتفاع بأعداد المصابين بالسلالة الجديدة من فيروس كورونا التي تستهدف الأطفال، وهي أكثر خطورة من النسخة المعروفة من الفيروس".
ووفقاً للبدر، فإنّ البلاد ستتجه إلى موجة أقوى، في حال عدم الالتزام من قبل المواطنين.
وبعد تصدر العراق، قائمة البلدان العربية الأكثر إصابة بفيروس كورونا، قررت السلطات في البلاد، الخميس الماضي، تطبيق عشرات القرارات لمواجهة الارتفاع، وتم تغريم المئات ممّن لم يرتدوا الكمامات بمبلغ 25 ألف دينار لكل شخص، (18 دولارا).
ومن بين القرارات التي اتخذها العراق، منع السفر لكافة أنحاء العالم، وحظر التجول أيام الجمعة والسبت والأحد، وكذلك الجزئي بعد الساعة الثامنة مساء ولغاية الخامسة من صباح اليوم التالي، كما قرّرت الحكومة إغلاق المراكز التجارية والمقاهي، ومنع التجمّعات والأنشطة الاجتماعية، وإغلاق دور العبادة ووقف حفلات الأعراس والمآتم والتجمعات بكل أنواعها، فضلا عن تغريم المخالفين 5 ملايين دينار عراقي.
ورغم التأكيدات الحكومية بشأن زيادة الأعداد المصابة بالسلالة المتحورة من كورونا، إلا أن ناشطين ومراقبين قالوا لـ"العربي الجديد"، إنّ قرارات خلية الأزمة في العراق، غير مدروسة، كونها تضر بمصلحة الفقراء وذوي الدخل المحدود، من دون أن تعمل الحكومة على معالجة الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الجائحة.
وفي السياق، قال الناشط المدني وليد عامر، من بغداد إنّ "غالبية البلدان العربية حصلت على دفعات أولى للقاحات كورونا، ولكن الحكومة العراقية لم تتمكن لغاية الآن من توفير أي نوع من أنواع اللقاحات"، موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحكومة العراقية تسعى لتأمين كميات من تلك اللقاحات من خلال التبرعات الدولية أو السفارات الموجودة في بغداد، وهذا الأمر من أوضح أمثلة الفساد وسوء الإدارة في العراق".
وأوضح أنّ "شريحة الفقر ستزداد في البلاد وتهدد عوائل كاملة، كون الحكومة لم توفر أي بدائل لسائق التاكسي ولبائع الرصيف ولعامل البناء وعمال المطاعم ومختلف عمال الأجور اليومية"، مطالباً الحكومة بتوفير "مساعدات عاجلة للشرائح المتضررة من خلال وزارة التجارة قبل أن يتسبب الفقر بنكبة أخرى في العراق"، وفقاً لتعبيره.
وفي الوقت الذي يشهد العراق أزمة صحية، أعلن ممثل الأطباء الدوريين المقيمين في العراق محمد منير، عدم تسلّم الأطباء رواتبهم منذ 6 أشهر، وتحديد موعد للإضراب العام. وذكر منير، في تصريحاتٍ صحافية، أنّ "الأطباء المقيمين في المستشفيات مضى عليهم 6 أشهر بدون راتب، مع استمرارهم بمزاولة العمل لـ24 ساعة في اليوم".
واعتبر ذلك "مشكلة كبيرة لا تخص الأطباء وحدهم، إنما تخص الشعب العراقي بشكل عام"، مضيفاً أنّ "2500 طبيب يزاولون عملهم بكل مهنية منذ 6 أشهر بدون راتب". وأشار إلى أنّ "الجهات المسؤولة تعطي وعوداً فقط، وقد جرى التواصل مع جميع الجهات المسؤولة في أعلى الهرم بهدف الحصول على مستحقاتنا، وأن الأطباء المقيمين في أنحاء العراق سيباشرون بإضراب عام في الأول من مارس/ آذار المقبل".
وكان وزير الصحة في العراق حسن التميمي، قد أكد، في وقتٍ سابق، أنّ "3.4 ملايين جرعة لقاح ستصل إلى العراق في 28 فبراير/ شباط الحالي، والأولوية ستكون لمنتسبي وزارة الصحة والأمنية وكبار السن".