قدّم 32 نائباً في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران، مشروعاً لمواجهة الهجرة السرية إلى البلاد، لمناقشته في اللجان المتخصصة وإخضاعه للتصويت لاحقاً، على أمل أن يحظى بثقة غالبية أعضاء البرلمان ويتحول إلى قانون يساهم في الحد من دخول المهاجرين الأجانب إلى إيران بطرق غير شرعية. هذه الخطة أثارت انتقادات رسمية في أفغانستان، كون غالبية هؤلاء المهاجرين أفغاناً.
المشروع، الذي نشرته وكالة "فارس" الإيرانية، ويحمل عنوان "تنظيم الرعايا الأجانب غير القانونيين"، يتألّف من 12 بنداً. وبحسب البند الأول، فإن "أي رعية أجنبية تدخل إيران من دون ترخيص أو تقيم فيها، تفرض عليها عقوبات من الدرجة الأولى، تشمل السجن أكثر من 25 عاماً، وغرامة مالية قدرها نحو مليار ريال (4 آلاف دولار)، وضبط أموالها. وفي حال وجدت المحكمة أن هذه العقوبات لا فائدة منها، تحكم بطردها من البلاد".
وفي البند الرابع، ينصّ المشروع على فرض عقوبات من الدرجة الخامسة على الإيرانيين الذي يقدّمون تسهيلات لدخول هؤلاء "المهاجرين غير الشرعيين"، تشمل السجن من عامين إلى 5 أعوام، وغرامات مالية، وحرمان من الحقوق الاجتماعية من 5 إلى 15 عاماً، والحرمان الدائم من الوظائف للأشخاص الاعتباريين، فضلاً عن ضبط الأموال وعوائدها.
إلا أن البند الأكثر جدلاً، وهو السابع، فيجيز إطلاق النار على السيارات التي تقل المهاجرين غير الشرعيين "في حال هربت من نقاط تفتيش الشرطة، وكان هناك ظناً قوياً بحملها رعايا غير شرعيين"، مضيفاً أن إطلاق النار "يكون وفق الضوابط المنصوص عليها في قانون استخدام السلاح".
ويُؤكّد البند السابع أنّه "في حال دخول رعايا غير شرعيّين إلى إيران، وراعت الشرطة الضوابط، فلن تدفع دية"، في إشارة إلى أنه إذا ما قتل أو أصيب أحد هؤلاء الرعايا بعد إطلاق النار، فلن تدفع الدية لهم ولأسرهم. كما يشير البند التاسع إلى أن "الحوادث التي تؤدي إلى وفاة الرعايا غير الشرعيين إثر انقلاب السيارة أو حادث مروري تشمل المادة 3 السائق الناقل للرعايا وبقية العناصر المؤثرة في التهريب يتحملون المسؤولية ولا تتحمل شركات التأمين والدولة مسؤولية" للتعويض.
كما ينص مشروع القانون على "ضبط كل ممتلكات الرعايا غير الشرعيين، عدا الأموال الشخصية التي حملوها معهم لدى دخول البلاد"، ملزماً الرعايا الشرعيين في إيران بتقديم "كشوفات عن الأموال والممتلكات التي اكتسبوها في إيران لدائرة شؤون الرعايا بالمحافظات".
مخاوف
وأثار المشروع مخاوف من استهداف المهاجرين الأفغان الذين يدخلون إيران بطرق غير شرعية، إذ شهدت السنوات الماضية حوادث أدت إلى مقتل بعض هؤلاء أثناء دخولهم إيران واجتياز نقاط التفتيش. وأعرب كثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي عن قلقهم من أن يطاول هذا المشروع، في حال تحوّل إلى قانون، عمالاً إيرانيين أكراد ينقلون البضائع على الحدود الغربية للبلاد (مع العراق)، علماً أن المشروع ذكر الرعايا الأجانب غير الشرعيين فقط. ويُشار إلى مقتل عدد من هؤلاء خلال السنوات الماضية برصاص القوات الإيرانية أثناء عملية نقل البضائع المهربة إلى الداخل.
ينص مشروع القانون على ضبط كل ممتلكات الرعايا غير الشرعيين
وخلال العام الحالي، أثار مقتل عدد من المواطنين الأفغان، في حادثين منفصلين على الحدود الإيرانية ـ الأفغانية، في مدينة يزد الإيرانية، غضب مواطنين وتيارات سياسية في أفغانستان، وتجمع كثيرون من الأفغان أمام الممثليات الإيرانية، تنديداً بهذه الحوادث.
وقُتل مطلع شهر مايو/ أيار الماضي عدداً من المواطنين الأفغان غرقاً في نهر هريرود (على الحدود الإيرانية الأفغانية)، قيل إنهم كانوا في صدد الدخول إلى الأراضي الإيرانية بشكل غير شرعي. وفي وقت اتهمت كابول قوات حرس الحدود الإيرانية بإلقاء هؤلاء اللاجئين في النهر بعد احتجازهم، رفضت الخارجية الإيرانية هذه الاتهامات، معلنة عن استعدادها للتعاون مع الحكومة الأفغانية في التحقيق لمعرفة ملابسات الحادث.
حادثٌ آخر وقع يوم الثالث من يوليو/ تموز الماضي في مدينة يزد وسط إيران، وقد تعرضت سيارة كانت تقل عدداً من اللاجئين الأفغان لإطلاق نار، كانوا قد دخلوا إيران بطريقة غير قانونية.
وأدى حادث إطلاق النار إلى إضرام النار في السيارة، وقتل على إثره ثلاثة من المواطنين الأفغان. وبعد زيارته مدينة يزد، قال السفير الأفغاني عبد الغفور ليوال إن شرطة المدينة أقرت بإطلاقها النار نحو السيارة.
انتقادات
ولقي المشروع البرلماني الإيراني للحدّ من الهجرة السرية انتقادات رسمية في أفغانستان. وقال وزير شؤون المهاجرين الأفغانية بالوكالة، نور رحمان أخلاقي، في مجموعة تغريدات، إنه أطلع على المشروع، معرباً عن أسفه لتضمنه "نقاط مرعبة". إلا أنه شكر "الجمهورية الإسلامية على استضافة اللاجئين الأفغان سنوات طويلة".
ودعا أخلاقي مجلس الشورى الإسلامي في إيران إلى التعامل مع المشروع "على أساس الحقوق الإسلامية وحقوق الإنسان وحسن الجوار".
يُشار إلى أنّ إيران هي من الدول الأكثر استقبالاً لللاجئين الأفغان، وقد استقبلت الملايين منهم خلال تسعينيات القرن الماضي، قبل أن يقرر الآلاف منهم مغادرة إيران خلال السنوات الأخيرة، بسبب التراجع الحاد للعملة الإيرانية خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تشهدها إيران على خلفية العقوبات الأميركية الشاملة.
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في 8 مايو/ أيار 2019، إن أكثر من 3 ملايين أفغاني يعيشون في إيران في الوقت الراهن.
ويأتي التركيز الإيراني على وقف الهجرة السرية إلى إيران وترحيل مهاجرين سريين في وقت ترى طهران أن هؤلاء ينقلون ما بين ما بين 3 مليارات و580 مليون دولار، و5 مليارات و960 مليون دولار سنوياً من إيران، بحسب عراقجي، في وقت يشهد احتياط إيران من النقد الأجنبي تراجعاً كبيراً بسبب العقوبات وفرض حظر أميركي تام على صادراتها النفطية التي تشكل مصدراً رئيسياً لإيرادات إيران من العملة الصعبة.