توقّفت الخدمات الطبية والتمريضية والإدارية، اليوم الخميس، في مختلف مستشفيات المغرب على خلفية إضراب آلاف العاملين في القطاع الصحي، فيما تتّجه الأوضاع نحو المزيد من التصعيد والاحتقان احتجاجاً على ما وصفوه بـ"عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها"، وعدم التنصيص في مشروع قانون المالية على مركزية الأجور وصفة الموظف العمومي.
وبدأ العاملون في مستشفيات المغرب الحكومية من أطباء وممرضين وتقنيين وإداريين، باستثناء المشتغلين في أقسام المستعجلات والإنعاش، اليوم الخميس، تعليق أنشطتهم لمدة يومين، في حين وجد آلاف المرضى أنفسهم محرومين من العلاج، بعدما قرر التنسيق النقابي المكون من ست نقابات التصعيد ضد الوزارة الوصية على القطاع على خلفية تراجع الحكومة عن أهم النقاط في الاتفاق الذي وقّعته مع النقابات في 23 يوليو/ تموز الماضي، والتزمت بتنفيذه. ويتعلق الأمر بنقطتين جوهريتين وأساسيتين في الاتفاق المذكور، وهما مركزية المناصب المالية والأجور، والحفاظ على صفة موظف بالنسبة لكل مهني الصحة.
مطالب "شغيلة" مستشفيات المغرب
إلى ذلك، طالب التنسيق النقابي، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الخميس، بتفعيل اتفاق 23 يوليو، وفق المضامين التي تم التوصل إليها في شقها الاعتباري والمادي، معتبرا أن المسّ بالحقوق الوظيفية وبالوضعية المالية خط أحمر. كما أكد رفضه "كل أشكال المراوغة والتنصل من الالتزامات، وعلى الخصوص الحفاظ على صفة موظف، ومركزية المناصب المالية والأجور، والتي تقتضي من الحكومة البحث عن حلول قانونية ملائمة، وإن اقتضى الأمر القيام بالتعديلات التشريعية اللازمة".
من جهته، قال الكاتب العام للجامعة الوطنية لقطاع الصحة التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، محمد زاكيري، إنه بعد تعبيرها عن حسن نيتها عقب التوقيع، في 23 يوليو/ تموز الماضي، على الاتفاق مع وزير الصحة السابق خالد آيت الطالب، اصطدمت النقابات بأول امتحان للاتفاق من خلال قانون المالية للسنة القادمة الذي لا يستجيب لتطلعات نساء ورجال الصحة، على حد قوله. وأوضح المسؤول النقابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه في الوقت الذي كانت النقابات تنتظر الالتزام بمضامين الاتفاق من خلال مشروع موازنة 2025 وفق مبدأ استمرارية الاتفاقات الموقعة بين الحكومة والنقابات الصحية، أدخلت الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 23 المتعلقة بالمناصب المالية الواردة في المشروع "شغيلة" قطاع الصحة في دوامة من الشك.
وطالب زاكيري بحذف الفقرتين من مشروع الموازنة الجديدة "تعبيرا عن احترام الاتفاق وإبداء حسن النية"، مشيرا إلى أنّ المشروع يتضمن "تراجعا وردّة بالنسبة لشغيلة قطاع الصحة". ولفت إلى أن المطالب اليوم لم تعد متعلقة بتحسين الأوضاع أكثر مما هي مرتبطة بالمطالبة بالحفاظ على المكتسبات، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه "حتى اتفاق 23 يوليو 2024 لم يتضمن إلا الحد الأدنى من مطالب الشغيلة الصحية".
ويأتي ذلك، في وقت تتجه الأوضاع نحو المزيد من التصعيد، بعدما أكد التنسيق النقابي، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته الخميس، استعداده لاتخاذ خطوات نضالية غير مسبوقة في حال عدم الاستجابة لمطالبه، محملا المسؤولية كاملة للحكومة وللوزارة الوصية بخصوص الوضع المحتقن بالقطاع من جراء عدم الوفاء بالالتزامات الموقعة وتهديد المستقبل الوظيفي لآلاف مهنيي الصحة.
وفي السياق، أعلن التنسيق النقابي (يضم النقابة الوطنية للصحة، والنقابة الوطنية للصحة العمومية، والنقابة المستقلة للممرضين، والجامعة الوطنية للصحة، والجامعة الوطنية لقطاع الصحة، والمنظمة الديمقراطية للصحة)، استعداده لتنظيم إنزال وطني أمام مقر وزارة الصحة مصحوب بمسيرة باتجاه البرلمان قال إنه سيعلن عن تاريخه لاحقا. كما يعتزم التنسيق النقابي خلال الأيام المقبلة الإعلان عن برنامج نضالي تصعيدي يباشر بمقاطعة تنفيذ كل البرامج الصحية وتقاريرها، ومقاطعة الوحدات المتنقلة والقوافل الطبية، ومقاطعة برنامج العمليات الجراحية، باستثناء المستعجلة منها، ومقاطعة الفحوصات الطبية المتخصصة في المستشفيات، بالإضافة إلى مقاطعة عمليات تحصيل مداخيل فواتير الخدمات المقدمة، وكل المداومات ذات الطابع الإداري المحض.