تتواصل عودة آلاف اللاجئين الأفغان من باكستان بالتزامن مع بدء فصل الشتاء الذي يشهد برودة قارسة في معظم المناطق الأفغانية، خصوصاً المناطق الشمالية، ويعيش معظم العائدين في مخيمات إيواء لأسباب متعددة، أهمها أن منازل أكثرهم متهدمة أو غير صالحة للعيش، ولا يملكون ثمن ترميمها بسبب تفشي الفقر بينهم، ومن يملكون بعض المال لا يمكنهم ترميم المنازل سريعاً، إذ تحتاج عمليات الترميم إلى وقت طويل، بينما الغالبية لا يمكنهم العيش في منازل مؤجرة بسبب ارتفاع قيمة الإيجارات منذ بدء موجات الإجلاء.
وتواصل باكستان إجلاء اللاجئين الأفغان، النظاميين وغير النظاميين، والذين تقدر أعدادهم بنحو ميلون و700 ألف لاجئ، وقد عاد منهم أكثر من 400 ألف لاجئ بالفعل، ويؤكد وزير الداخلية الباكستاني سرفراز بكتي أن حكومته بصدد إعلان جدول زمني لإجلاء كافة الأفغان الموجودين في باكستان، وأن البلاد لن تتحمل بقاءهم لمزيد من الوقت.
يقول الناشط عبد الحميد خان لـ"العربي الجديد": "معظم العائدين من باكستان لا يمكنهم دفع إيجارات المنازل؛ لذا يوثرون البقاء في المخيمات، وخاصة أن ذلك قد يوفر لهم بعض المساعدات مقارنة بمن يقيمون في منازل، وقد أعلنت حكومة طالبان منح قطع أراض للعائدين في بعض الولايات، وتوفير بعض المال، أو توفير نفقات انتقالهم إلى تلك الولايات، وتوزع بعض المساعدات الغذائية، لكنهم لا يحصلون على المساعدات بشكل متواصل إلا إذا قرروا البقاء في المخيمات".
يضيف خان: "هناك شريحة من العائدين لا تريد البقاء في المخيمات، وهؤلاء يواجهون مشكلة إيجاد منازل، وخاصة أن أصحاب المنازل رفعوا الإيجارات بشكل ملحوظ على الرغم من محاولات حكومة طالبان التصدي لذلك، لكن الإيجارات ارتفعت، خصوصاً في المدن الرئيسية كجلال أباد في الشرق، وقندهار في الجنوب، والعاصمة كابول. لا توجد في أفغانستان آلية محددة لتحديد قيمة إيجارات المنازل، ويحددها التوافق بين صاحب المنزل والمستأجر".
وقام بعض أصحاب المنازل بإخراج المستأجرين السابقين بغية الحصول على قيمة إيجار أكبر عبر التأجير للعائدين من باكستان، وبعضهم يملكون المال، أو يرغبون في العيش بمنازل وليس في المخيمات، حتى لو كان ذلك عبر اقتراض المال من الأقارب، ما فاقم أطماع أصحاب المنازل.
في المقابل، طالبت وزارة الداخلية في حكومة طالبان في بيان، جميع المسؤولين الأمنيين باعتقال كل من يجبر سكان منزل على مغادرته بغية الحصول على قيمة إيجار أكبر من العائدين من باكستان.
ورحب كثير من الأفغان بهذه الخطوة، خاصة من يعيشون في منازل مؤجرة. يقول زلمي خان لـ"العربي الجديد": "أسكن في مدينة جلال أباد التي تعتبر المحطة الأولى للعائدين من باكستان عبر منفذ طورخم، وأعيش في منزل مؤجر بمنطقة أنكور باغ بوسط المدينة مقابل 20 ألف أفغانية (284 دولاراً) شهرياً، لكن في منتصف الشهر الحالي، اتصل بي صاحب المنزل وأبلغني برفع الإيجار إلى 30 ألفاً، فرفضت، فطالبني بالخروج من المنزل خلال شهر".
يضيف: "في اليوم التالي، عرفت بقرار حكومة طالبان، فأبلغته بأنني لن أغادر، ويبدو أنه أيضاً عرف القرار، فلم يكرر الطلب. لكن العقد ينتهي في يونيو/ حزيران 2024، وأخشى أن صاحب المنزل سيخرجني حينها، وهذا ما يفعله كثير من أصحاب المنازل الذين يعجزون عن إخراج المستأجرين. مع انتهاء العقود، يلجأ هؤلاء إلى إخراج المستأجرين لتأجير المنازل لأناس جدد بغية الحصول على أموال أكبر".
ورغم اهتمام حكومة طالبان بعدم تفاقم أزمة الإيجارات، إلا أنه من الصعب التصدي لظاهرة ارتفاع إيجارات المنازل، والقرارات الحكومية المتخذة تساهم فقط في التصدي لظاهرة إخراج المستأجرين السابقين من أجل تأجير المنازل للعائدين من باكستان، لكن ارتفاع الإيجارات يظل أمراً قائماً، حتى أن المنازل الكائنة في أطراف العاصمة كابول، والتي لا يقبل كثيرون على استئجارها، أصبح لها قيمة كبيرة، ويستأجرها الناس بأرقام أكبر من السابق.
يقول عبد السلام، وهو أحد سكان مديرية بغمان في ضواحي كابول، لـ"العربي الجديد": "المنازل المتواضعة في المديرية التي كانت فارغة لسنوات مضت، يستأجرها الناس حالياً بأرقام جيدة، على سبيل المثال، المنزل المكون من غرفتين يستأجره الناس بسبعة آلاف أفغانية (99 دولاراً)، ونلاحظ ارتفاع قيمة الإيجارات كلما تزداد أعداد الأفغان العائدين من باكستان".