أتى قرار استقالة نقيب أطباء محافظة قنا (جنوبي مصر) أيمن خضاري إسماعيل صادماً، لدرجة أنّ زملاءه وتلاميذه راحوا يضغطون عليه من أجل العدول عنه. وبالفعل، بعد ضغوط أطباء قنا وإصرارهم، خاطب إسماعيل النقابة العامة لأطباء مصر، أمس الخميس، في الخامس من يناير/ كانون الثاني الجاري، معلناً العودة عن استقالته من منصب نقيب أطباء قنا استجابة لرغبة زملائه.
وجاء في نصّ مخاطبة إسماعيل نقيب أطباء مصر حسين خيري أنّه "بناءً على طلب أعضاء المجلس بنقابة قنا، أرجو من سيادتكم التكرّم بالموافقة على استمراري في منصب نقيب الأطباء بقنا وإلغاء الاعتذار المرسل من قبل".
وكان إسماعيل قد تقدّم بطلب رسمي إلى النقابة العامة لأطباء مصر في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، يعتذر فيه عن الاستمرار في منصبه كنقيب لأطباء قنا وذلك لظروف خاصة به. وقد شرعت النقابة العامة للأطباء على أثر تلك الاستقالة في اتّخاذ الإجراءات اللازمة قانونياً لانتخاب نقيب جديد لأطباء قنا.
وفي الأوّل من يناير/كانون الثاني الجاري، كتب أمين عام نقابة أطباء قنا حسن أبو الحسن، في خطاب رسمي وجّهه إلى النقابة العامة لأطباء مصر، أنّ مجلس نقابة أطباء قنا تواصل مع إسماعيل وطلب منه الرجوع عن استقالته واستمراره في منصبه. وأفاد أبو الحسن بأنّ إسماعيل عدل عن الاستقالة، فيما أرفق بالخطاب محضر اجتماع مجلس نقابة أطباء قنا المنعقد في هذا الإطار.
ونظراً إلى عدم وجود خطاب موقّع من نقيب أطباء قنا حول العودة عن استقالته، وهو الوحيد الذي يحقّ له تقرير استمراره في منصبه من عدمه، فقد مضت النقابة العامة لأطباء مصر في إجراءات الانتخابات التكميلية إلى حين ورود خطاب رسمي من إسماعيل في هذا الشأن. وبالتالي، يترتّب على ذلك التوقّف عن إجراءات الانتخابات التكميلية واستمرار نقيب أطباء قنا في منصبه بحسب رغبته مع تأكيد مجلس نقابة أطباء قنا التمسّك باستمراره هذا.
ويمكن التنبؤ بأنّه في حال تمسّك إسماعيل باستقالته من منصبه، فإنّ عدداً كبيراً من الاستقالات كانت ستتبعها، خصوصاً وسط ظروف العمل القائمة وضعف الرواتب وافتقار الأطباء إلى مظلة تشريعية لحمايتهم.
وكان عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر ومقرّر اللجنة القانونية فيها أحمد علي قد أعلن حصر عدد الأطباء والطبيبات الذين تقدّموا إلى النقابة في عام 2022 بمستندات إنهاء خدمتهم من قطاع الصحة الحكومي في مصر واستخراج شهادة "طبيب حرّ" التي تعني عدم عمل الطبيب في أيّ جهة حكومية، بإجمالي 4261 طبيباً وطبيبة بمعدّل يومي يساوي 12 طبيباً وطبيبة. وإذا استبعدنا أيام العطل، يصير المعدّل اليومي 13.5 طبيباً وطبيبة.
أضاف علي أنّ هذا العدد من المتقدّمين بمستندات استقالتهم من العمل الحكومي هو الأكبر في الأعوام السبعة الماضية. ففي عام 2016، كان عدد الأطباء المستقيلين من العمل الحكومس 1044 طبيباً، وفي 2017 كان عددهم 2549 طبيباً، وفي 2018 كان 2612 طبيباً، وفي 2019 كان 3507 أطباء، وفي 2020 كان 2968 طبيباً، وفي 2021 كان 4127 طبيباً.
من جهتها، أفادت مقرّرة اللجنة الاجتماعية في النقابة العامة لأطباء مصر إيمان سلامة بأنّ 1453 أسرة لأطباء وطبيبات قضوا في العام المنصرم، تقدّمت إلى النقابة لصرف مستحقات هؤلاء المالية.
أمّا عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر ومقرّر اللجنة الإعلامية فيها أحمد حسين، فقد رأى أنّ تلك البيانات لا تعبّر بدقة عن الواقع وأنّ أعداد الأطباء والطبيبات الذين هجروا العمل في القطاع الحكومي أكبر بكثير، مبرّراً ذلك بأنّ ثمّة 2000 طبيب وطبيبة من الدفعات الحديثة لم يستلموا العمل في القطاع الحكومي ولم تمنحهم وزارة الصحة قرارات إنهاء الخدمة حتى الآن ولم يستطيعوا أن يستخرجوا شهادة "طبيب حرّ".
وأوضح حسين أنّ أسباب عزوف الأطباء عن العمل في القطاع الحكومي والعمل في مصر بصفة عامة معروفة لدى كلّ الجهات التنفيذية والتي لطالما سعت النقابة إلى هذه الجهات لمناقشتها وحلّ المشكلات المتعلقة بها. كما عدّد حسين أبرز هذه الأسباب: تدنّي الأجور، وغياب قانون عادل للمسؤولية الطبية، وسوء بيئة العمل، ومعوّقات تراخيص المنشآت الطبية الخاصة، والصورة السلبية التي تتعمد بعض وسائل الإعلام تناولها عن الأطباء.