لا تزال أصداء الاعتداء الذي تعرّض له عدد من السيّاح العرب القادمين من بغداد إلى محافظة أربيل في إقليم كردستان العراق، متواصلة، ولا سيما مع ظهور مقاطع مصوّرة جديدة وصور، تُظهر مجموعة من الشبّان الأكراد، يحملون الهراوات ويضربون السيّاح فيما اعتدى بعضهم على السيارات التي تحمل لوحات بغداد ومحافظات أخرى، إضافة إلى تداول مقطع مصور أظهر عمليات تحرّش ممنهجة بسيّاح عراقيين عرب، من قبل مجموعات عنصرية.
وفي أعقاب ذلك، أصدرت محافظة أربيل، بياناً تأسفت فيه لما حصل في الحادثة وقالت إن "ما حدث بعيد عن تقاليد الضيافة للمجتمع الكردستاني، حيث هاجم عدد من الشباب مجموعة من سيارات السياح القادمين من بغداد والمحافظات العراقية الأخرى لقضاء عطلة رأس السنة في أربيل"، مؤكدة أن "الشرطة وقوات الأمن اتخذت على الفور الإجراءات اللازمة واعتقلت 11 من المهاجمين الذين أحيلوا إلى القضاء".
اربيل: اعتقال ١١ مواطنا كُرديا هاجموا سياح عرب اثناء احتفالات رأس السنة ليلة امس Amooree عموووري
Posted by حي الجامعة on Friday, January 1, 2021
من جهته، اعتذر محافظ أربيل بالوكالة هيمن سيد قادر، عن الاعتداءات التي تعرض لها السياح العرب، قائلاً في تصريحاتٍ صحافية، إن "مجموعة من الشباب أقدموا على الاعتداء، نتيجة لحادث مروري وقع مع عجلة تحمل لوحة تسجيل لمحافظة خارج الإقليم لتحدث على إثرها مشادة وتلاسن وتتطور ليقدم هؤلاء الشبان على رشق عجلات السائحين بالحجارة ويهشموا زجاجها".
وأكّد أنّ "قوات الأمن لا تزال تبحث عن مطلوبين بهذه الحادثة من خلال رصدهم عبر كاميرات المراقبة، وأنّ التحقيقات مازالت جارية لتحديد هوية الباقين لإلقاء القبض عليهم وعلى الأشخاص الذين تسبّبوا بالحادثة"، نافياً وقوع أي "حالات وفاة بين السائحين الذين تعرّضوا للإصابة جراء الحادثة، ولكن أصيب عدد من أفراد الشرطة خلال الحادثة من بينهم ضابط"، بحسب قوله.
واليوم الأحد، أصدر رئيس حكومة الإقليم، مسرور البارزاني، بياناً عبّر فيه عن أسفه بسبب الحادثة، وتوعّد بالوقت نفسه بـ"إنزال أشدّ العقوبات بحقّ المتورطين".
من جانبه، أكّد المسؤول المحلي في أربيل، محمد خليل، لـ"العربي الجديد"، أنّ "رئاسة الإقليم أوعزت للحكومة المحلية في أربيل، بضرورة معاقبة كل المتسبّبين بالاعتداء على السيّاح العرب، لما في ذلك من تبعات اقتصادية وأخلاقية للإقليم"، مشيراً إلى أنّ "الحادث عرضي".
لكن عضو البرلمان العراقي، عالية نصيف، دعت المواطنين الذين تعرّضوا لاعتداءات عنصرية في محافظة أربيل، إلى الإسراع في تقديم شكاوى في محاكم بغداد ضدّ الجناة، كما دعت إلى عدم السفر إلى إقليم كردستان إلا في حالات الضرورة القصوى.
وذكرت نصيّف، وهي معروفة بمواقفها المعارضة لحكومة إقليم كردستان، أنّ "فيديوهات الاعتداءات العنصرية التي قامت بها مجاميع كردية في أربيل ضدّ العراقيين العرب، كشفت عن مستوى الجهل والهمجية والإجرام والتعصّب، والشيء المستفز أكثر هو عدم وجود أشخاص يتدخّلون بدافع الشهامة والغيرة ليمنعوا المجرمين من الاعتداء على الناس، إضافة إلى اختفاء عناصر الأمن بشكل مثير الريبة".
وأضافت في بيان أنّ "هؤلاء العراقيين العرب الذين تمّ الاعتداء عليهم، مواطنون عاديون، وليسوا قادة سياسيين، ولو حدثت في بغداد مجرّد محاولة للاعتداء، فالناس الذين في الشارع سيمنعون المعتدي ويدافعون عن المعتدى عليه بدافع الغيرة والشهامة وحماية الضيف، إضافة إلى أنّ الأجهزة الأمنية في بغداد وبقية محافظات العراق تتعامل بعدالة وتطبق القانون على الجميع، وتتعامل بحزم تجاه أية محاولات للاعتداء على الناس".
في المقابل أشارت مصادر في مديرية الأمن بمدينة أربيل بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى ارتفاع عدد من تمّ اعتقالهم بتهم الاستهداف العنصري إلى 13 شخصاً، جميعهم تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاماً، ويمثّلون مجموعة من الشباب الأكراد المؤيدين لانفصال الإقليم عن العراق ومناصرين لحركات مسلّحة أبرزها حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة".
وأضافت المصادر ذاتها أنّ "الأمن قد يتعامل معهم على أنهم جماعة منظمة تحمل أفكاراً تهدّد الاستقرار، وتتم محاكمتهم خارج إطار التحرّش أو التعرّض للسياح، خاصة وأنهم يتبنون أفكاراً عنصرية ضدّ قوميات أخرى"، كاشفة عن أنّه يشرف على التحقيقات شخصيات بارزة في الإقليم، بمسعى لعدم السماح لهذا الحادث بأن يضرب السياحة الداخلية بالإقليم.