- دراسة من جامعة الإسكندرية أظهرت ارتفاع العنف ضد الأطباء، حيث تعرض 88% لعنف لفظي و42% لعنف جسدي، خاصة في المستشفيات الحكومية والجامعية خلال المناوبات الليلية.
- أوصت الدراسة بتنفيذ استراتيجيات وقائية تشمل تدابير أمنية وإصلاحات قانونية، وتغليظ العقوبات على المعتدين لحماية الطاقم الطبي.
سُجّل اعتداء جديد على الجسم الطبي في مصر أخيراً، طاول طاقماً طبياً في مستشفى الشيخ زايد آل نهيان، التابع لأمانة المراكز الطبية المتخصصة في محافظة القاهرة. وتُضاف هذه الواقعة إلى سجل من الاعتداءات على المستشفيات والطواقم الطبية في مصر، في "ظاهرة مشينة" بحسب وصف نقيب أطباء مصر أسامة عبد الحي.
وفي بيان أصدرته النقابة العامة لأطباء مصر اليوم الجمعة، أشارت إلى أنّ عبد الحي يتابع واقعة اعتداء ارتكبه أهل مريضة كانت تخضع للعلاج في قسم الرعاية المركزة بالمستشفى نتيجة إصابتها بجلطة دماغية، الأمر الذي أدّى إلى إصابة طبيب وإلى أضرار في القسم. وأفادت النقابة العامة لأطباء مصر بأنّ عبد الحي تواصل مع رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصّصة ومع عدد من المسؤولين، للتأكّد من تحرير محضر اعتداء باسم المنشأة الطبية المذكورة. وقد توجّه، مع الأمين العام المساعد للنقابة خالد أمين، إلى مستشفى الشيخ زايد آل نهيان للاطمئنان على وضع الطبيب المعتدى عليه، وتقديم كلّ الدعم له.
وفي حين أشارت النقابة، في بيانها، إلى أنّ نقيب أطباء مصر كلّف المستشار القانوني للنقابة بتقديم كلّ الدعم القانوني للطبيب المعتدى عليه، بالإضافة إلى متابعة سير التحقيقات المتعلقة بالاعتداء المؤسف الذي شهده المستشفى، نقلت عن عبد الحي قوله إنّ "الدولة حتى الآن لم تنجح في القضاء على ظاهرة الاعتداء على الأطباء والمنشآت الطبية". وقد شدّد النقيب على "ضرورة تعاون كلّ الأجهزة المعنية للقضاء على هذه الظاهرة المؤسفة".
وأوضح عبد الحي، بحسب ما نقل بيان النقابة، أنّ "ظاهرة الاعتداء على الأطباء والمنشآت الطبية ظاهرة مشينة وهمجية، من الواجب معاقبة مرتكبيها بأشدّ العقاب وبصورة فورية حتى يكونوا عبرة لغيرهم". وطالب بـ"ضرورة تغليظ عقوبة الاعتداء على المنشآت الطبية والعاملين فيها"، وتصنيفها "جريمة لا يجوز التصالح فيها بأيّ حال من الأحوال".
وحذّر نقيب أطباء مصر من أنّ استمرار هذا النوع من الاعتداءات يتسبّب في "وقف تقديم الخدمات الطبية إلى المرضى في المستشفى"، الأمر الذي "قد يودي بحياة بعضهم. كذلك سيدفع من تبقّى من الأطباء في مصر إلى الهجرة إلى الخارج بحثاً عن بيئة عمل آمنة"، وهو ما "يهدّد استقرار المنظومة الصحية بالكامل".
في سياق متصل، أشارت دراسة أجراها باحثون في جامعة الإسكندرية، التي تُعَد من كبريات جامعات مصر، إلى ارتفاع في نسبة انتشار العنف ضدّ الأطباء في مصر من منظور الطب الشرعي. وبيّنت الدراسة أنّ 88% من الأطباء تعرّضوا لعنف لفظي، و42% لعنف جسدي، و13.2% لتحرّش جنسي. وقد استطلعت الدراسة، التي نشرتها دورية "ساينتفك ريبورتس" العلمية، آراء 250 طبيباً في 13 محافظة مصرية ما بين يناير/ كانون الثاني 2023 وإبريل/ نيسان منه، مركّزةً على تجاربهم مع العنف في مكان العمل.
أضافت الدراسة، التي نشرتها كذلك وسائل إعلام مصرية في مايو/ أيار الماضي، أنّ 75.2% من المهاجمين استخدموا أجسادهم في الاعتداء، في حين استخدم 29.5% منهم أدوات حادّة، و1.9% أسلحة نارية. وعن أساليب الاعتداء الشائعة، تناولت الدراسة "الدفع أو السحب بنسبة 44.8%، ورمي الأشياء بنسبة 38.1%، والاعتداء بالقبضات بنسبة 30.5%"، في حين أُبلغ عن "حالات طعن بنسبة 4.8%، وعن جروح بأدوات حادة بنسبة 2.9%".
وقد تركّزت الإصابات في الأطراف العلوية بنسبة 43.8%، والجذوع بنسبة 40%، والرؤوس بنسبة 28.6%. وشفيت 90.5% من الإصابات تماماً، في حين تركت 7.6% منها ندوباً لدى الأطباء المعتدى عليهم، بحسب ما فصّلت الدراسة نفسها التي أكدت وقوع هذا العنف بصورة رئيسية في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان المصرية وفي المستشفيات الجامعية، وفي أثناء المناوبات الليلية في معظم الأحيان، إذ يكون عدد الموظفين أقلّ والإجراءات الأمنية أقلّ صرامة.
وأظهرت دراسة الباحثين في جامعة الإسكندرية تعلّق الاعتداءات بمعظمها بأقارب المرضى، بسبب نقص الإمدادات الطبية أو أوقات الانتظار الطويلة أو الضغط المتزايد على الأطباء بسبب ظروف المرضى. وعلى الرغم من العدوانية الزائدة، فقد اتّخذت نسبة 14.3% فقط من الأطباء المعتدى عليهم إجراءات قانونية. وأوصت الدراسة بتنفيذ استراتيجيات وقائية شاملة للعاملين في مجال الرعاية الصحية، تتضمّن تدابير أمنية في مرافق الرعاية الصحية وإصلاحات قانونية لضمان سلامة الطاقم الطبي.