الأردنيون مبتهجون برمضان بلا قيود كورونا
قبل حلول شهر رمضان، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية فيصل الشبول إن الحكومة أعدت أجندة لإقامة أنشطة اجتماعية وثقافية وسياحية وشبابية ورياضية خلال هذا الشهر، مع بدء مرحلة التعافي من وباء كورونا، فيما أنهى وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية محمد الخلايلة كل أشكال التباعد أثناء أداء الصلاة في المساجد، مع الحفاظ على شروط ومتطلبات السلامة العامة، وخاصة ارتداء المصلين الكمامات. وعموماً، تجاوز المجتمع الأردني كل إجراءات السلامة المتعلقة بكورونا، باستثناء الالتزام بالكمامة في بعض المجمعات التجارية التي تراقب هذا الأمر، وباتت تبعات الجائحة على السلوك الاجتماعية بلا أثر في الحياة اليومية.
يقول محمد المناصير لـ"العربي الجديد": "عادت نكهة رمضان هذا العام، وباتت لياليه ممتعة واستعادت قيمتها في العلاقات الاجتماعية والتواصل مع العائلة والأصدقاء". يضيف: "في العامين الماضيين كانت الأسر في عزلة كبيرة، وغابت الإفطارات الجماعية التي تضم الأخوة والأخوات وعائلاتهم. وفي العام الحالي عادت الموائد الأسرية الجميلة وسهرات رمضان التي تستمر حتى ساعات متأخرة، خاصة أن الدوام الرسمي يبدأ عند العاشرة صباحاً. أيضاً عاد الانتظام في أداء صلاة التراويح ذات القيمة الروحية الكبيرة. ولا تباعد بين المصلين اليوم، ويرتدي قليلون كمامات، والجميع مبتهج بالتخلص من جائحة كورونا وقيودها".
وتشير آمال سلامة في حديثها لـ"العربي الجديد" إلى أن ولائم رمضان عادت كما الحال قبل الجائحة، وربما في شكل أكبر، لأن البعض يريد تعويض ما فات في العامين الماضيين اللذين منحا مساحة أكبر للسيدات العاملات للراحة والتعبد. الإفطارات العائلية هذا العام أكثر بهجة، لكنها متعبة أكثر، خاصة للسيدات العاملات، كما أنها أكثر كلفة على الأسر ذات الدخل المحدود. من هنا يملك رمضان من دون كورونا مميزات، كما أنه كان إيجابياً على صعيد بعض العادات الاجتماعية خلال الجائحة.
ويلفت رائد الخطيب في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "سهرات رمضان وأجواءه الجميلة عادت، علماً أنني افتقدت السهرات الشبابة في المقاهي مع الأصدقاء خلال العامين الماضيين. وهذا العام عادت السهرات التي تستمر حتى الفجر، وليل رمضان وما بعد الإفطار مناسب للحركة وزيارة الأهل والأصدقاء، فيما لا يشعر الشخص في النهار بحرية الحركة، من دون أكل أو شراب". يتابع: "أعتقد بأن تقييد الحكومة حركة الناس وتصرفاتهم خلال العامين الماضيين كان مبالغاً به، لكن نستطيع اليوم القول إننا انتهينا من الوباء والقيود المتعلقة بالجائحة".
وتقول سارة العبادي لـ"العربي الجديد": "تخلصنا من كورونا وكل ما رافقه من إجراءات وقيود، فالحياة في ظل إجراءاته لا تطاق في أي شهر". تتمثل قيمة الحياة وحيويتها في العلاقات والمشاركة الاجتماعية مع الأهل والصديقات، والوحدة والعزلة تفقدان كل الأشياء قيمتها. رمضان أجمل هذا العام من العامين الماضيين بسبب الزيارات والإفطارات مع الأقارب، والحياة المفعمة بالحيوية.
وحول عودة المجتمع إلى عادات ما قبل كورونا، يخبر أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي "العربي الجديد" أن "نحو ربع الأردنيين لم يقتنعوا تماماً بخطر الجائحة والإجراءات التي رافقتها، واعتبروا أن مرض كورونا مؤامرة لا تستحق الاهتمام والمبالاة. والدليل على ذلك أن نسبة متلقي اللقاحات لم تصل إلى نصف عدد السكان". ويشير إلى أن "تشدد الدولة بتنفيذ التعليمات والقوانين وأوامر الدفاع المتعلقة بالجائحة هي السبب في التغير الظاهري للسلوك. ومع انخفاض حدة الحديث عن المرض، اعتبر كُثر أن المرض انتهى، وعادوا إلى العادات والتقاليد التي سادت قبل حدوث الجائحة".
يضيف: "يعتبر كُثر أنه لا يمكن تجاوز ولائم رمضان. وحتى من لا يملكون المال يستدينون من آخرين للإنفاق على هذه المظاهر الاجتماعية. كما عادت مناسبات العزاء والأفراح إلى سابق عهدها".
ويوضح أنه في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، يستطيع ربع السكان من الطبقة المتوسطة والميسورة الإنفاق وتقديم الولائم، لكن كُثراً من غير القادرين يحاولون مجاراة هذه الطبقة، ويحملون أنفسهم أعباءً لا تطاق، ما يؤكد وجود خلل في تغليب العادات والتقاليد على القدرات والإمكانات المادية، خوفاً من التعرض للوم وعتب ونبذ، والوصمة الاجتماعية أحياناً، ما يجعل البعض يقيم ولائم تطبيقاً لمقولة الموت مع الجماعة رحمة".
ويتحدث الخزاعي عن أنّ جزءاً لا يستهان به من الناس ملتزم بالسلوكيات التي رافقت كورونا وجلبت منافع اقتصادية واجتماعية وصحية، لكن تغيير سلوك المجتمع أمر صعب، إذ يتطلب العمل لتغيير الذهنية بدءاً بالأطفال والشباب الصغار، أما فعل ذلك مع كبار السن فأمر مستبعد لأنهم يعتبرون هذه التقاليد جزءاً من حياتهم، وتحافظ على مكانتهم في المجتمع، والتي لا يرغبون في التنازل عنها.