كشفت عائلة الأسير المقدسي أحمد مناصرة، مساء اليوم الأربعاء، أنّ نجلها يمرّ بحالة صحية صعبة نتيجة إصابته باضطرابات نفسية على خلفية عزله، مطالبة بضرورة العمل على إنهاء ذلك العزل الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ظروف قاسية.
وأشارت العائلة في بيان صحافي، إلى أنّ ابنها أحمد مناصرة منذ اعتقاله في عام 2015، واجه ضغوطات كبيرة من سلطات الاحتلال عند قتل أعز أصدقائه، ابن عمه الشهيد حسن مناصرة، علماً أنّه اعتُقل وهو طفل في الثالثة عشرة من عمره. وقد عُرف حينها وما زال بوسم "مش متذكر"، فيما عُدّ رمزاً لأطفال فلسطين.
وسجّلت عائلة مناصرة "تحفظنا الشديد على بعض المنشورات والأخبار التي نُشرت أخيراً في وسائل الإعلام وبعض صفحات التواصل الاجتماعي عن الأسير أحمد، من دون موافقة العائلة واحترام خصوصيتها، أو استشارتها أو الحصول على إذن منها، ومن دون توخي الدقة في مراعاة اختيار المصطلحات والمعلومات. ونحن إذ نفترض حسن النية في وسائل الإعلام وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّنا نرجو اعتماد العائلة أو من يمثلها في نقل أيّ خبر أو معلومة تتعلق بالأسير أحمد مناصرة، واحترام معاناته وعطائه لوطنه".
وذكرت العائلة أنّ ابنها أحمد، الذي اعتقل في سنّ الطفولة، "تعرّض لضرب مبرح، بما في ذلك كسر لجمجمته، ما تسبّب في ورم دموي داخل الجمجمة، كما تعرّض لأقسى أنواع التعذيب الجسدي والترهيب النفسي واستخدام أسلوب التحقيق الطويل من دون توقف والحرمان من النوم والراحة". أضافت العائلة أنّ أحمد "تعرّض لضغوطات نفسية كبيرة لا يحتملها طفل في هذا العمر، ونتيجة للتعذيب الجسدي والتنكيل النفسي، عانى وما زال يعاني من صداع شديد وآلام مزمنة وحادة تلازمه حتى اللحظة".
وبهدف الانتقام من الطفولة الفلسطينية الصامدة، قالت العائلة إنّ الاحتلال عزل أحمد في معظم فترات أسره وذلك في ظروف صعبة جداً لا يمكن احتمالها، وجعله وحده يعاني من آلام الرأس الحادة والضيق النفسي والحرمان من الاختلاط مع باقي الأسرى لأوقات طويلة. أيضاً حرمان عائلته من زيارته بحجة العقاب، وفصله تماماً عن باقي الأسرى، وحظر عنه العلاج المناسب الكفيل بتخفيف الألم، الأمر الذي أدّى إلى ظهور اضطرابات نفسية تفاقمت مع استمرار عزله واقتلاعه من بيئته وأهله ورفاقه في السجن.
أضافت عائلة مناصرة أنّه "بعد أن علمت العائلة بحالة ابنها حاولت من خلال محاميها ومؤسسات حقوق الإنسان إدخال طبيب واختصاصي في الطب النفسي لمعرفة تطوّرات حالته. وبعد وقت طويل وجهود قانونية وحقوقية ومهنية لمتخصصين نفسيين واجتماعيين حثيثة، تمّت زيارته من قبل متخصصة في الطب النفسي، التي قررت بعد زيارته أنّه يعاني من اضطراب نفسي نتيجة ظروف الاستبداد والعنف، منها الكسور في الجمجمة، ونتيجة عزله في زنزانة ضيقة وعدم السماح له بالاختلاط مع باقي الأسرى".
وأوضحت العائلة أنّ الأدوية التي يتناولها أحمد غير مناسبة له وتفاقم حالته النفسية سوءاً، بالتالي هو بحاجة إلى تشخيص مهني سليم ومعالجته بأدوية مناسبة وإنهاء عزله في الزنازين، وشدّدت على أنّ العلاج الأمثل يتمثّل في حاضنة اجتماعية بغرف السجن أو بالفضاء الخارجي، تساعده في تجاوز الأزمة النفسية التي ساعد بل وعمل الاحتلال على تفاقمها بالعزل والعلاج غير المناسب والإفراط في تناول الأدوية المخدّرة والمنومة.
وتابعت عائلة مناصرة أنّها حاولت مع الطاقم القانوني كما مع الطاقم الطبي الجسدي والنفسي والطاقم الاجتماعي تنفيذ توصيات المتخصصة النفسية بعد زيارتها الوحيدة واليتيمة، لكنّ سلطات الاحتلال لم تستجب وواصلت حرمانه من الأدوية الصحيحة وأبقته في ظروف عزل تامة، وقد جرّدته من أدنى الحقوق وحرمته من زيارة الأهل أو مخاطبتهم عبر الهاتف، وجعلته "رفيقاً لجدران الزنزانة الضيقة يتألم ويتوجع وحده ويتكلم مع نفسه ويعيش حالة من التخيلات والأحلام التي لا يقوى أمامها الإنسان".
واستهجنت عائلة مناصرة ادّعاء الاحتلال بأنّ عزل الأسير أحمد جاء لحمايته وباقي الأسرى بسبب تدهور حالته النفسية، مؤكدة ثقتها المطلقة من جديد بـ"حاضنة مجتمع الأسرى لكلّ الحالات المرضية وخاصة في المتابعة مع الأسير، والحرص على إعطاء الأدوية في الوقت المناسب وبالجرعة المناسبة". بالنسبة إليها، فإنّ الخطر الذي يواجهه سببه ومصدره الاحتلال والاحتلال فقط، وعزله عن باقي الأسرى هو عقوبة قاسية، وكأنّ السجن وحده لا يكفي لمعقابته.
ورأت عائلة مناصرة أنّ حالة ابنها تأتي من ضمن منظومة شاملة طوّرها الاحتلال لمعاقبة الأسرى جسدياً ونفسياً وعائلياً في آن واحد، وحمّلته كما أذرعه المختلفة مسؤولية ما آلت إليه حالة أحمد الجسدية والنفسية والوجدانية.
ولفتت العائلة إلى أنّ الظروف التي يعيشها ابنها أحمد هي "نفسها التي يعاني منها الأسرى المرضى في داخل معتقلات الاحتلال، وأنّ هذه الحقيقة وهذا الواقع الأليم يحتّمان على عائلات الأسرى والشهداء والشعب الفلسطيني والمؤسسات القانونية الأهلية والرسمية المحلية والمؤسسات الدولية أن تضع استراتيجية واحدة موحّدة في مواجهة احتلال النفس والجسد والبيت والأرض الفلسطينية والتصدّي لانتهاكات الاحتلال بحقّ الأسرى عموماً والمرضى خصوصاً".
وشدّدت عائلة مناصرة على أنّ وسم "مش متذكر" سيبقى "كلمة السر لصمود أطفالنا أمام وحشية الاحتلال وهمجيته وأمام كلّ محاولاته لاحتلالنا نفسياً وهدمنا من دواخلنا. وسيبقى أحمد رمزاً للطفولة الفلسطينية الصامدة وسيتجاوز، بدعمكم ومؤازرتكم والتفافكم، هذه الأزمة بل سيردّها إلى نحر الاحتلال".
تجدر الإشارة إلى أنّ أحمد مناصرة، البالغ من العمر اليوم 20 عاماً، محكوم بالسجن تسعة أعوام ونصف عام، وقد تعرّض لضغوطات قاسية، وظهر في تسجيل فيديو في خلال التحقيق معه وهو طفل (13 عاماً)، يردّ على أسئلة المحقق بـ"مش متذكر"، فأصبحت تلك العبارة وسماً على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالإفراج عنه، لكن من دون جدوى.