واليوم، تبدأ 195 دولة عملية المصادقة على تقرير حول السيناريوهات التي يمكن أن تساعد في الحد من ظاهرة احترار المناخ وآثارها المدمرة على الكوكب، فيما تبرز الحرب في أوكرانيا الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على منتجات النفط.
وبعد أكثر من قرن ونصف قرن من التنمية الاقتصادية باستخدام الوقود الأحفوري، اكتسب العالم حوالى 1.1 درجة مئوية في المتوسط مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية، ما أدى إلى مضاعفة موجات الحرّ والجفاف والعواصف والفيضانات المدمرة.
وبعد مفاوضات مغلقة محتدمة عبر الإنترنت استمرت أسبوعين، تختتم الجولة الجديدة من مناقشات الخبراء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الرابع من إبريل/نيسان بإصدار الجزء الأخير من ثلاثية تقارير، يفصل المعارف العلمية المتعلقة بالتغير المناخي.
"لنجدد التزامنا بكفالة سلامة الغابات من أجل كفالة سُبلِ عيشٍ أَصَحّ."
— الأمم المتحدة (@UNarabic) March 21, 2022
--الأمين العام @antonioguterres في رسالة بمناسبة اليوم الدولي للغابات
🔗 https://t.co/Q03tcWR9qa pic.twitter.com/SHwXH8WQcV
وقال ستيفن كورنيليوس، من الصندوق العالمي للطبيعة والمراقب في المفاوضات: "سيرسم التقرير صورة قاتمة حول إدماننا الوقود الأحفوري".
وكان التقرير الأول الذي نشر في آب/اغسطس 2021، قد سلط الضوء على تسارع الاحترار المناخي، متوقعا أن ارتفاع الحرارة بنسبة 1.5 درجة مئوية مقارنة بمرحلة ما قبل الثورة الصناعية قد يحصل بحدود العام 2030، أي قبل عشر سنوات مما كان متوقعا. وكان اتفاق باريس للمناخ المبرم في العام 2015 قد نص على السعي إلى حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية كحد أمثل.
أما التقرير الثاني الصادر في نهاية فبراير/شباط، والذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بأنه "موسوعة للمعاناة البشرية"، فقد رسم صورة قاتمة جدا للتداعيات الماضية والحاضرة والمستقبلية على سكان العالم والأنظمة البيئية، مشددا على أن التأخر في التحرك يخفض من فرص توافر "مستقبل قابل للعيش".
أما الفصول السبعة عشر وآلاف صفحات التقرير الثالث، فتتناول السيناريوهات الممكنة للجم الاحترار المناخي مع عرض الاحتمالات في القطاعات الرئيسية، مثل الطاقة والنقل والزراعة وغيرها، والتطرق إلى مسائل القبول الاجتماعي للتدابير المتخذة ودور التكنولوجيا، مثل امتصاص الكربون وتخزينه.
وأوضحت الخبيرة في اقتصاد المناخ سيلين غيفارش، التي شاركت في إعداد التقرير، لوكالة فرانس برس، أنه "نحن نتحدث عن تحول واسع النطاق لكل الأنظمة الرئيسية: الطاقة والنقل والبنى التحتية والبناء والزراعة والغذاء".
"الإنسانية عند مفترق طرق"
وأضافت أن تحولات كبرى يجب أن "تبدأ اعتبارا من الآن" إذا أردنا أن نكون قادرين على تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050، مشيرة إلى أن "الأوان لم يفت للتحرك" وتجنب الأسوأ.
وهذه التساؤلات التي تؤثر على تنظيم أساليب حياتنا واستهلاكنا وإنتاجنا، قد تثير مناقشات محتدمة خلال هذين الأسبوعين عندما تراجع الدول الـ195 سطرا بسطر وكلمة بكلمة "ملخص صناع القرار"، وهو التقرير العلمي الذي يضم آلاف الصفحات.
وقال ألدن ميير، المحلل في مركز الأبحاث E3G: "رسالة (الهيئة) بمجملها تفيد بأن العلم واضح للغاية وأن التداعيات ستكون مكلفة ومتزايدة، لكن لا يزال بإمكاننا أن نتجنب الأسوأ إذا تحركنا الآن. سيحدد هذا التقرير ما نحتاج إليه إذا ما كنا جديين في معالجة هذه المسألة".
لا يستطيع العالم السماح باستمرار تدهور صحة المحيطات. بدون اتخاذ إجراءات عاجلة ، مما يؤثر على صحة المحيط وقدرته على استدامة الحياة ، وسيؤثر ذلك سلبًا على حياة الناس وسبل عيشهم. 🌊#SaveOurOcean @UNDESASocial @UN_SDG @SustDev pic.twitter.com/Z0J16puWuM
— UNICairo-مركز الأمم المتحدة للإعلام (@UNICCairo) March 18, 2022
ويشدد ألدن ميير على أن التقرير الحالي "سيوفر معلومات مهمة تغذي النقاش الحاصل في أوروبا والولايات المتحدة بشأن التخلي عن الغاز والنفط الروسيين"، ويعرب عن أمله في أن تعطي الحرب الدائرة في أوكرانيا "على المدى الطويل دفعا أكبر للحاجة إلى التخلص من الغاز والنفط عموما".
بدورها، قالت كايسا كوسونين، من غرينبيس: "هذا تقرير حاسم ينشر في وقت حرج فيما تقوم الدول والشركات والمستثمرون بإعادة وضع معايير لخططهم من أجل تسريع عملية التخلي عن الوقود الأحفوري والانتقال إلى أنظمة غذائية مستدامة وأكثر مرونة".
وأضافت "الآن أكثر من أي وقت مضى، يجب أن توفر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أدوات ملموسة وعملية للإنسانية التي تقف عند مفترق طرق".
وتفيد الأمم المتحدة بأن الالتزامات الراهنة للدول ستؤدي إلى احترار "كارثي" يبلغ 2.7 درجة مئوية، لذا ينبغي على البلدان الموقعة على اتفاق باريس أن تعزز أهدافها في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول مؤتمر الأطراف السابع والعشرين حول المناخ في تشرين الثاني/نوفمبر في مصر.
وأشارت تارين فرانسن، من معهد الموارد العالمية، إلى أنه "مع أننا نعرف ما ينبغي القيام به منذ فترة طويلة" ولا سيما التخلي أولا عن مصادر الطاقة الأحفورية، فإن تحقيق الأهداف المنصوص عليها في اتفاق باريس "لا يمر عبر سبيل واحد"، وأضافت "التقرير سيعرض سبلا مختلفة وعلى قادتنا بعد ذلك أن يعتمدوها" وفقا للظروف الوطنية المختلفة.
(فرانس برس)