أطلقت الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، نداءً لتمويل أكبر خطة استجابة إنسانية في تاريخها مقدمة لبلد واحد، بقيمة تصل إلى حوالي 5 مليارات دولار من أجل تقديم المساعدات الإنسانية لأفغانستان خلال العام الجاري.
وتشمل الخطة تقديم المساعدات الصحية، والغذائية، والزراعية، وعلاج سوء التغذية، والمأوى في حالات الطوارئ، وتوفير المياه والصرف الصحي، والحماية، والتعليم في حالة الطوارئ.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، مع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وأكد غريفيث أن هناك قرابة 23 مليون أفغاني بحاجة إلى مساعدات إنسانية داخل البلاد، أي أكثر من نصف الشعب الأفغاني. كما أكد أن الخطة ستساعد كذلك قرابة ستة ملايين أفغاني يعيشون في خمس دول جوار من بينها باكستان وإيران في الحصول على مساعدات طارئة.
وشدد المسؤولان الأمميان على أن "عدم التحرك ودعم الخطة سيعني دخول أفغانستان في وضع كارثي وتحمّل عبء إضافي لما تواجهه حاليا"، فيما أشارا إلى أن الأزمة الإنسانية في أفغانستان تعد واحدة من أسرع الأزمات تزايدا في العالم منذ سيطرة "حركة طالبان" على الحكم، على الرغم من أن أفغانستان كانت تعاني كذلك من أوضاع إنسانية صعبة قبل تولي الحركة الحكم.
وبحسب الأمم المتحدة يواجه نصف السكان في البلاد جوعًا حادًا، كما يوجد أكثر من تسعة ملايين أفغاني نازحين داخليا. وقال غراندي ردا على سؤال لـ"العربي الجديد"، حول ما إذا كان عدد النازحين قد جاء عقب تولي "طالبان" الحكم، أم أنه جاء جراء تراكم الحروب السابقة بما فيها مرحلة سيطرة "طالبان"، أكد أن "هذا الرقم (تسعة ملايين) نتاج عدد من الأمور خلال السنوات العشر الأخيرة من بينها النزاعات المستمرة والجفاف والفيضانات، إذ إن قرابة 3.5 ملايين من النازحين داخليا نزحوا بسبب النزاعات المستمرة في البلاد. ولكن لاحظنا أمراً لافتاً للانتباه وهو أنه ومنذ تولي طالبان للحكم عاد قرابة 170 ألف أفغاني إلى ديارهم".
وحول السبب وراء عدم عودة أعداد أكبر من الأفغان النازحين داخليا إلى مناطقهم وخاصة أن القتال الذي استمر لسنوات بين الحكومة الأفغانية و"طالبان" قد انتهى. قال غراندي: "هناك عدد من الأسباب، حيث ما زال البعض يشعر بالقلق حول أمنه وخاصة الأقليات. ولذلك من الضروري أن نستمر بالحديث عن حقوق الأقليات وضرورة تشكيل حكومة تشمل جميع أطياف الشعب الأفغاني".
وأضاف: "هناك أولئك الذين يشعرون بالقلق بسبب أمور أمنية أساسية في بعض المناطق حيث لم ينته القتال بين (طالبان) وجماعات أخرى. ولكن أعتقد أن الأغلبية لم تعد إلى مناطق سكناها لأن الخدمات الأساسية والعمل غير متوفرة. وجميعها أمور علينا العمل عليها، صحيح أنه علينا تقديم المساعدات الإنسانية ولكن تجب إعادة تحريك الاقتصاد؛ وهذا واحد من الأسباب الرئيسية لعدم عودة الناس إلى ديارهم. هذا ليس جديدا، حيث كانت هناك أوضاع مشابهة قبل صعود (طالبان)".
واستطرد قائلا: "أغلب النازحين داخليا نزحوا قبل تولي (طالبان) الحكم أخيرا. الآن علينا أن ننظر في الكيفية التي يمكننا فيها تحويل هذا النزوح الداخلي الضخم، وربما الأكبر في العالم، والبحث عن حلول ممكنة والحيلولة دون أن يتحول هذا إلى هجرة أو نزوح خارجي وهذا خطر قائم وممكن".
وحذرت الأمم المتحدة كذلك من خطر استمرار خروج ملايين الأطفال من المدارس، ومن انتهاك الحقوق الأساسية للنساء والفتيات، ومن خطر موت عشرات الآلاف من الأطفال بسبب سوء التغذية وانهيار الخدمات الأساسية.
وأكد غريفيث أن الأموال ستخصص لدفع رواتب العاملين في القطاع الصحي والذين يقدمون مساعدات إنسانية في هذا السياق. وقال إن "هناك تحركات للنظر في سبل يمكن من خلالها مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة وانعدام السيولة وأزمة البنوك الناجمة عن تجميد أموال المانحين كما تجميد الأموال الأفغانية في البنوك الأميركية والأوروبية".
وأشار إلى توجهه الأسبوع القادم إلى واشنطن لبحث تلك الأمور مع المسؤولين الأميركيين. وختم برسالة إلى المجتمع الدولي قال فيها: "لا تغلقوا الباب في وجه الشعب الأفغاني. إن شركاءنا في المجال الإنساني موجودون على الأرض ويقدمون المساعدات على الرغم من التحديات. ساعدونا للحيلولة دون انتشار الجوع والمرض وسوء التغذية والموت على نطاق واسع من خلال دعم المخطط".