ناشد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، قادة العالم للالتفات ومعالجة الأسباب الجذرية للنزوح القسري كالاضطهاد والنزاعات التي تجبر الناس على الفرار من ديارهم بحثاً عن أماكن آمنة، وذلك بعد تزايد عدد اللاجئين والنازحين حول العالم في العام 2020.
وجاءت تصريحات المفوض السامي من مقر الأمم المتحدة في نيويورك بمناسبة صدور تقرير للمنظمة حول "الاتجاهات العالمية"، اليوم الجمعة، الخاص بالنازحين واللاجئين قسرياً حول العالم ويغطي العام 2020.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من انتشار جائحة كورونا وتقييد الحركة الذي واكبها إلا أن عدد الفارين من ويلات الحروب والعنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان وصل العام الماضي إلى 82.4 مليون شخص، وهي زيادة بنسبة 4 بالمئة مقارنة بالعام الذي سبقه وكان أصلاً قد سجل أعداداً قياسية كذلك وصلت إلى 79.5 مليون شخص.
وناشد غراندي المجتمع الدولي الالتفات لمعاناتهم وقال "وراء كل رقم من هذه الأرقام شخص اضطر لمغادرة دياره، وخلفه قصة من قصص النزوح والحرمان والمعاناة. يستحقون الدعم ليس فقط عن طريق المساعدات الإنسانية، بل عن طريق إيجاد الحلول لمحنهم".
وذكر المجتمع الدولي في هذا السياق باتفاقية اللاجئين لعام 1951 والميثاق العالمي للاجئين، وأنهما يشكلان الإطار القانوني والأدوات اللازمة للاستجابة لأوضاع النزوح.
وشدد على ضرورة توفر الإرادة السياسية لمعالجة الاضطهاد والنزاعات التي تجبر الملايين على النزوح.
وبحسب التقرير، فإن حوالي 42 بالمئة من النازحين هم من الفتيان والفتيات الذين دون 18 عاماً، وهي فئة أكثر ضعفاً من غيرها وتزداد معاناتهم خاصة عندما يستمر نزوحهم لسنوات بسبب استمرار الأزمات في المناطق التي نزحوا عنها.
ويولد الكثيرون لاجئين، وبحسب التقرير، فقد ولد بين الأعوام 2018 و2020 قرابة مليون طفل كلاجئ. ومن التوقع أن يضطر الكثيرون منهم العيش كلاجئين ولسنوات مقبلة.
وفي ظل ولادة الكثير من الأطفال خارج بلادهم، حثت المنظمة المجتمع الدولي على بذل جهود أكبر لمعالجة الأزمات الناجمة عن تلك الحروب والنزاعات ومحاولة إنهائها فحسب، بل كذلك لاتخاذ سياسات وقائية لمنع نشوبها أصلاً.
ولم تحل الجائحة دون استمرار النزاعات واتساع رقعة بعضها حتى في ذروة انتشار الوباء، على الرغم من أن حدة بعض هذه الصراعات خفت ولو لفترة وجيزة.
في المقابل، فإن أكثر من 160 دولة أغلقت حدودها أمام اللاجئين والنازحين. ومن بين تلك الدول هناك 99 دولة لم تتخذ أي خطوات استثنائية وتسمح بدخول الفارين وطالبي الحماية.
وتلفت المنظمة الانتباه إلى أن بعض الدول قامت لاحقاً بعمل أفضل لضمان حصول طالبي اللجوء على تلك السبل المختلفة وتقديم طلباتهم، خاصة بعد "تحسين مستوى التدابير الوقائية من انتشار الوباء كالفحوصات الطبية على الحدود وإصدار الشهادات الصحية أو الحجر الصحي المؤقت عند الوصول؛ وإجراءات التسجيل المبسطة وإجراء المقابلات عن بعد".
ويشير التقرير كذلك إلى ارتفاع نسبة وأعداد النازحين داخلياً، حيث ارتفع "عددهم بأكثر من 2.3 مليون شخص، مدفوعاً في الغالب بالأزمات في كل من إثيوبيا والسودان ودول الساحل وموزمبيق واليمن وأفغانستان وكولومبيا".
ويرصد التقرير خلال العام الماضي عودة 3.2 ملايين نازح إلى ديارهم وعلى مدار عام 2020، إضافة إلى 251 ألف لاجئ فقط. ويشير إلى أن هذه النسبة انخفضت عن العام الذي سبقه بنسبة 40.
في حين، سجلت عمليات "إعادة توطين اللاجئين انخفاضاً حاداً، حيث لم يتم إعادة توطين سوى 34,400 لاجئ فقط العام الماضي، وهو أدنى مستوى تشهده العملية منذ 20 عاماً، وذلك نتيجة لانخفاض عدد أماكن إعادة التوطين المتاحة، إضافة إلى وباء فيروس كورونا"، بحسب التقرير.
ويشير التقرير إلى أن جزءا من دول اللجوء قام بتجنيس قرابة 33,800 لاجئ خلال العام.
في الصدد، ناشد غراندي قادة الدول وذوي النفوذ "بوضع خلافاتهم، ووضع حد لنهج أحادي للسياسة، والتركيز بدلاً من ذلك على منع نشوء النزاعات وحلها وضمان احترام حقوق الإنسان".
ومن بين الـ 82.4 مليون نازح قسرياً حول العالم يوجد حالياً 20.7 مليون نازح تحت ولاية المفوضية مقارنة بـ20.4 مليونا عام 2019.
كما هناك 5.7 ملايين لاجئ فلسطيني تحت ولاية الأونروا، وليس ولاية المفوضية مباشرة. وحالياً يوجد 48 مليون نازح داخلياً، و4.1 ملايين طالب لجوء حول العالم.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أن أعداد النازحين قسرياً مستمرة بالإرتفاع للعام التاسع على التوالي. وييشير كذلك إلى أنه وخلال هذه الفترة تضاعف عدد النازحين قسرياً من قرابة 40 مليونا عام 2011 إلى أكثر من 82 خلال العام الماضي، مما يعني أن هناك اليوم واحدا بالمئة من البشر مهجرون.
وثلثي هؤلاء الذين هجروا عن ديارهم ينتمون إلى خسمة بلدان فقط، إذا ما استثنينا اللاجئيين الفلسطينيين المهجرين منذ أجيال. والبلدان الخمس هي "سورية (6.7 مليون) وفنزويلا (4.0 مليون) وأفغانستان (2.6 مليون) وجنوب السودان (2.2 مليون) وميانمار (1.1 مليون)".
وعلى عكس الشائع، بأن الدول الغربية هي موطن اللاجئين والمهجرين فإن واقع الحال يظهر أن "البلدان المجاورة لمناطق الأزمات والبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تستضيف الغالبية العظمى من اللاجئين حول العالم – وهو ما يقرب من تسعة من كل 10 لاجئين (86 بالمائة). ووفرت أقل بلدان العالم نمواً حق اللجوء لـ27 بالمائة من المجموع العام".
ويرصد التقرير أنه و"للعام السابع على التوالي، تستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين في العالم (3.7 مليون شخص)، تليها كولومبيا (1.7 مليون، بما في ذلك الفنزويليين المهجرين في الخارج)، وباكستان (1.4 مليون)، وأوغندا (1.4 مليون)، وألمانيا (1.2 مليون)".