أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد النازحين قسراً في العالم نتيجة الاضطهاد والصراعات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان تجاوز عتبة الـ108 ملايين في عام 2022، وفقاً للتقرير الصادر اليوم الأربعاء عن المفوضية بعنوان "الاتجاهات العالمية حول النزوح القسري 2022".
وأوضح التقرير أن عدد النازحين قسراً خلال العام الماضي زاد 19 مليون شخص مقارنة مع إحصائيات عام 2021، بينهم أكثر من 11 مليون شخص فروا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ويعد هذا أسرع وأكبر نزوح لمدنيين منذ الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم، مع ما يقرب من 3.6 ملايين لاجئ، معظمهم من السوريين، تليها إيران بـ3.4 ملايين لاجئ، ثم كولومبيا (2.5 مليون)، وألمانيا (2.1 مليون) وباكستان (1.7 مليون). لكن هناك أيضا 5.7 ملايين لاجئ أوكراني ينتشرون داخل أوروبا وخارجها.
تعتبر مفوضية اللاجئين، أن الأرقام السابقة تعبير عن اختلال الحصص غير المتكافئة (في استقبال اللاجئين) عالميا، وهو ما تشير إليه المتحدثة باسم المفوضية في "دول الشمال" ومنطقة البلطيق، إليزابيث أرنسدورف هاسلوند، بأن البشرية لا تزال تمارس "عدم تساو في تحمل مسؤوليات" انتشار اللاجئين، فعلى عكس الشكاوى التي ظلت ترتفع في القارة الأوروبية الثرية من نحو 2 مليون لاجئ/مهاجر قدموا إلى دولها منذ 2015 لم تُسمع أصوات حكوماتها وساستها حين جرى استقبال نحو 6 ملايين من أوكرانيا على مدار الأشهر الأولى من الحرب الأوكرانية في العام الماضي.
وبحسب التقرير، بلغ عدد الأشخاص عديمي الجنسية أو من جنسية غير محددة 4.4 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم بنهاية 2022، وذلك بزيادة قدرها 2 بالمائة عن نهاية عام 2021.
وأفرد التقرير حيزا لتصريحات المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، الذي أشار إلى وجود 35.3 مليون لاجئ عبروا الحدود الدولية بحثاً عن الأمان، بينما اضطر نحو 62.5 مليون شخص للنزوح داخل بلدانهم بسبب الصراعات والعنف".
وأضاف قائلا: "كانت الحرب في أوكرانيا المحرك الرئيسي لحالات النزوح في عام 2022. وقد ارتفع عدد اللاجئين من أوكرانيا من 27.300 شخص في نهاية عام 2021 إلى 5.7 ملايين في نهاية عام 2022"، مشيرا إلى أن الحرب في السودان سقطت من اهتمام وسائل الإعلام العالمية بعد إجلاء المواطنين الغربيين.
وكانت النزاعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وميانمار مسؤولة أيضا عن نزوح أكثر من مليون شخص داخل كل منها عام 2022.
غراندي: الحرب في السودان سقطت من اهتمام وسائل الإعلام العالمية بعد إجلاء المواطنين الغربيين.
وأفاد غراندي بأن معظم اللاجئين تستضيفهم دول منخفضة إلى متوسطة الدخل في قارتي آسيا وأفريقيا، وليس دول أوروبا أو أميركا الشمالية الغنية، وهو ما يوضحه التقرير بوجود نحو 16 بالمائة من مجموع لاجئي العالم في دول تشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا والسودان وأوغندا، والتي تمثل في مجموعها 9 بالمائة من سكان العالم.
وتعتبر المفوضية السامية هذه الاستضافة تعبيرا عن اختلال الحصص غير المتكافئة (في استقبال اللاجئين) عالميا. فالدول الأفريقية أصلا تعاني من فقر وتدني إمكانيات التعامل مع الأعداد المرتفعة من المضطرين لمغادرة أوطانهم لأسباب مختلفة، كما هي الحال الآن مع السودانيين وسط استعار القتال في بلادهم.
ورغم أن السوريين لا يزالون يحتلون قائمة اللجوء إلى خارج وطنهم بأكثر من 6 ملايين ونصف المليون لاجئ؛ فإن المرتبة الثانية بطبيعة الحال هي من الأوكرانيين، ويليهم الأفغان (5.6 ملايين)، ثم الفنزويليون ومواطنو جنوب السودان وميانمار والكونغو الديمقراطية والسودان (أكثر من 830 ألفا) ثم الصومال ودولة أفريقيا الوسطى.
وأضاف غراندي: "يواصل الناس في جميع أنحاء العالم إبداء أوجه استثنائية من السخاء تجاه اللاجئين، حيث يوفرون الحماية والمساعدة للأشخاص المحتاجين للمساعدة. ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم الدولي وتقاسم للمسؤولية على نحو أكثر إنصافا، خاصة مع تلك البلدان التي تستضيف معظم اللاجئين في العالم".
وأشار إلى أنه "قبل كل شيء، يجب القيام بالكثير لإنهاء النزاعات وإزالة العقبات بحيث تكون للاجئين خيارات قابلة للتطبيق من أجل العودة إلى ديارهم طواعية وبأمان وكرامة".
وفي ما يتعلق بطلبات اللجوء، كانت الولايات المتحدة الدولة التي استقبلت معظم الطلبات الجديدة في عام 2022 بقرابة 730400 طلب.
وقال غراندي: "أحد الأمور التي يتعين علينا القيام بها هو إصلاح نظام اللجوء كي يصبح أكثر سرعة وفاعلية".
ومع تزايد عدد طالبي اللجوء، تزداد التحديات التي تواجههم، وقال غراندي: "نرى المعوقات ونرى قواعد قاسية وصارمة بشأن الهجرة أو قبول اللاجئين. نرى في العديد من البلدان تجريم المهاجرين واللاجئين، وإلقاء اللوم عليهم في كل ما يحدث".
يذكر أن الولايات المتحدة وإسبانيا وكندا أعلنت عن خطط أخيرا لإنشاء مراكز للنظر في طلبات اللجوء في أميركا اللاتينية بهدف تقليل من يشقون طريقهم شمالا إلى المكسيك والولايات المتحدة، كما جدد قادة الاتحاد الأوروبي خلال الأسبوع الماضي الوعود المالية الخاصة بدول شمال أفريقيا أملا في وقف الهجرة عبر البحر المتوسط، بينما تصر الحكومة البريطانية على خطة أثبتت فشلها وهي إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، وهو إجراء تعارضه المفوضية.
لكن غراندي قال إن بعض المكاسب تحققت أيضا، في إشارة لما وصفه بـ"العلامة الإيجابية" في مفاوضات الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية جديدة للهجرة واللجوء، على الرغم من انتقادات منظمات حقوقية لها.
كما احتفى غراندي بحقيقة تضاعف عدد اللاجئين الذين أعيد توطينهم في عام 2022 ليصل إلى 114 ألف لاجئ، إلا أنه أقر بأن ذلك لا يزال يمثل "قطرة في محيط".
(الأناضول، أسوشييتد برس، فرانس برس، العربي الجديد)