الإقلاع عن الكحول... معركة جسدية ونفسية تستدعي تدخلات فعّالة

22 أكتوبر 2024
القيود على التسويق الأدوات الأكثر فعالية للحدّ من أضرار الكحول (كريستيان إيليك/ Getty)
+ الخط -

يتطلب الإقلاع عن الكحول نهجاً مدروساً لتجنب المضاعفات الخطيرة، خصوصاً لأولئك الذين سبق أن استهلكوا كميات كبيرة فترات طويلة. 
بعد اليوم الأول من التوقف عن شرب الكحول، يبدأ الجسم في التخلص من السموم تمهيداً لتعافي الكبد، لكن قد تكون أعراض الانسحاب مزعجة مثل التوتر والرغبة الشديدة بتناول المشروبات. ومع مرور الأيام، تتحسن الحالة الجسدية والنفسية تدريجاً، لكن بعض الأفراد يمكن أن يواجهوا أعراضاً حادّة مثل الهذيان الارتعاشي (حالة خطيرة تحدث نتيجة الانسحاب الحادّ من الكحول بعد فترة طويلة من الإدمان، وتشمل أعراضها ارتعاشات شديدة وهلوسات وارتباك وزيادة معدل ضربات القلب)، ما يستدعي الحصول على عناية طبية فورية.

يقول أندرو ميسل، مدير منظمة "تغيير الكحول" في المملكة المتحدة، لـ"العربي الجديد": "في العادة لا ينشأ الإدمان من العدم، بل ينتج غالباً من تجارب صادمة في الماضي، أو ضغوط حالية. من هنا يجب التعامل مع مشكلة إدمان الكحول عبر فهم العوامل النفسية المرتبطة بالإدمان من أجل مساعدة الأفراد على مواجهة الصعوبات التي دفعتهم إلى استخدام الكحول وسيلةً للتأقلم". 
يضيف: "لا يوجد حتى الآن فهم كامل لآثار زيادة توفير الكحول عبر الإنترنت، لكن تيسير الحصول عليها يمكن أن يزيد من معدلات الاستهلاك والأضرار". 
ويؤكّد الحاجة إلى مزيد من البحث للحصول على صورة أكثر وضوحاً، مشدداً على ضرورة وضع ضوابط صارمة لضمان عدم وصول الكحول إلى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، من خلال فرض آليات صارمة على الشركات التي تبيع المشروبات الكحولية عبر الإنترنت.
ومن بين التدخلات الفعّالة في السنوات الأخيرة، يشير ميسيل إلى "تطبيق الحدّ الأدنى لتسعير الوحدات (MUP) في اسكتلندا وويلز الذي ألزم السلطات بتحديد حدّ أدنى لسعر بيع الوحدات الكحولية، ما قلّل توفر المشروبات الكحولية الرخيصة والقوية التي يميل الأشخاص المعتمدون على الكحول إلى تناولها". 
ويرى ميسل أن "هذا الإجراء يجب أن يُطبّق على نطاق واسع في أنحاء المملكة المتحدة نظراً إلى فعّاليته في الحدّ من أضرار الكحول على المجتمعات".
من جهتها، تقول فانيسا هيبديتش، مديرة الاتصالات والسياسة في جمعية الكبد الخيرية في بريطانيا، لـ"العربي الجديد":  "الكحول هو السبب الرئيسي لوفيات أمراض الكبد في المملكة المتحدة، وهناك اعتقاد خاطئ شائع بأن مدمني الكحول يعانون وحدهم من تلف الكبد، لكن أكثر من واحد من كل خمسة أفراد يستهلكون الكحول حالياً بطريقة يمكن أن تعرض الكبد لخطر". تتابع: "تلعب الضغوط الاجتماعية والثقافية دوراً مهماً في جعل الإقلاع عن الكحول أو تقليص استهلاكه أمراً صعباً، علماً أن تناوله أصبح مقبولاً بشكل متزايد في ثقافتنا سواء كانوا في المنزل أو خارجه".
تضيف: "يعيش الناس في مجتمع يشجعهم على شرب الخمر بمستويات تعرّض صحتهم للخطر، وهناك في الوقت نفسه وصمة عار ثقافية تمنع الناس من التحدث عن ذلك والحصول على المساعدة التي يحتاجونها".

تلف الكبد المشكلة الصحية الأهم من إدمان الكحول (ريتشارد بايكر/ Getty)
تلف الكبد المشكلة الصحية الأهم من إدمان الكحول (ريتشارد بايكر/ Getty)

وتشير فانيسا إلى أن "جمعية الكبد البريطانية دعت الحكومة إلى تقديم استراتيجية شاملة للكحول، واتخاذ تدابير مشتركة للصحة العامة لمعالجة القدرة على تحمل تكاليف الكحول والترويج له وتوفيره من أجل الحدّ من تأثيره الضارّ. وتعتمد الجمعية على تبرعات تصل إلى موقعها الإلكتروني من أجل تقديم خدمات لأشخاص يعانون من أمراض الكبد أو معرضين لها". وهي تلفت إلى الدور الحيوي الذي يلعبه متخصصو الرعاية الصحية في دعم الأفراد خلال تعافيهم من إدمان الكحول، خصوصاً عندما تتعرّض صحة الكبد لخطر. ومن أهم وسائل المساعدة توفير بيئة خالية من الأحكام، كي يشعر المرضى براحة، ومناقشة استهلاكهم الكحول بصراحة". 
تضيف: "يوصي المعهد الوطني للتمّيز في الرعاية الصحية بإجراء فحص لتليّف الكبد أو فحص لمرونته لدى أشخاص يشربون كميات كبيرة من الكحول (أكثر من 50 وحدة للرجال و35 وحدة للنساء). وتشمل الفحوصات مراحل مبكرة قد تسمح بتغيير العادات ووقفها، لكن العديد من المرضى في المملكة المتحدة يواجهون صعوبة في الوصول إلى هذه الفحوصات". 

وتشير إلى أن وضع علامات واعتماد الحدّ الأدنى لتسعير الوحدات وترخيص الكحول والقيود المفروضة على تسويق الكحول من أكثر الأدوات فعالية في الحدّ من أضرار الكحول.
من جهتها، تقول سيوبهان هنا، من خدمات الاتصالات العليا لدى منظمة الكبد الخيرية البريطانية، لـ"العربي الجديد": "يملك الكبد قدرة فريدة على تجديد خلاياه، ما يعني أن التوقف عن تناول الكحول أو تقليل استهلاكه يمكن أن يُساعده على الشفاء". 
تتابع: "مرض الكبد قاتل وصامت، وتزداد معدلات الوفيات بسبب أمراض الكبد في المملكة المتحدة، إذ سجل أكثر من عشرة آلاف حالة وفاة سنوياً تعادل نحو 27 حالة يومياً. وقد تضاعفت معدلات الوفيات أربع مرات خلال الأعوام الخمسين الماضية". 

المساهمون