بعد رفض متواصل من قبل إدارة جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، لتلبية مطالب نقابية لمجلس اتحاد الطلاب الذي تقوده الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابية لحركة حماس، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الاثنين، الحرم الجامعي واعتقلت 25 طالباً يعتصمون منذ ثلاثة أسابيع، في محاولة منهم لدفع إدارة الجامعة إلى تلبية مطالبهم إنّما من دون جدوى.
ومساء اليوم الاثنين، أفرجت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن 12 طالباً من الذين اعتقلتهم من حرم جامعة النجاح الوطنية فجر هذا اليوم، في حين أنّها أبقت الطلاب الـ13 الآخرين في قبضتها.
وطوال الأسابيع الأخيرة، لم تستجب إدارة الجامعة للوساطات من أجل إيجاد حلّ للأزمة القائمة، بدلاً من تعريض الطلاب للاعتقال، بحسب ما كان يحذّر الطلاب المحتجون. فالجامعة تشير إلى أنّ "مطالب مجلس الطلاب غير قانونية، وغير محقّة بالطريقة التي يطالبون بها"، بحسب ما صرّح نائب رئيس جامعة النجاح الوطنية للشؤون المجتمعية رائد الدبعي لـ"العربي الجديد".
ويطالب الطلاب المعتصمون إدارة الجامعة بإعادة النظر بالتقييم الأكاديمي "راسب - ناجح"، وتسهيل دفع القسط الجامعي وتكاليف التأمين الصحي الخاص بالطلاب ومخصصات الإنترنت التي يسدّدها الطالب في بداية كلّ فصل دراسي.
وتعليقاً على ذلك، قال الدبعي إنّ "الجامعة تكفل العمل النقابي، وهي على تواصل وحوار دائم مع الطلاب وممثليهم. وقد التقت مرّات عدّة بالمعتصمين وتناقشت معهم من أجل التوصّل إلى رؤية مشتركة. لكنّ مطالبهم لا تتحقق بهذه السهولة، فثمّة قضايا لها علاقة بخطوط أكاديمية حمراء، ولا تحصل بهذه البساطة، ومنها ما هو متعلق بجودة التعليم وأخرى ليست في يد إدارة الجامعة ولا مجلس الطلاب، بل تحكمها معايير دولية يتوجّب على الجامعة الالتزام بها".
وفي محاولة لإنهاء الخلاف القائم، التقى رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة نابلس سامح المصري الطلاب المعتصمين، واستمع مع آخرين من أعضاء المجلس إلى مطالبهم. وعندما توجّه وفد من مجلس إدراة الغرفة للقاء مسؤولي الجامعة، الأسبوع الماضي، لم يُسمح لهم بالدخول.
وقال المصري لـ"العربي الجديد": "ما كان يجب أن نصل إلى هذه المرحلة. كان حلّ مشكلة طلاب جامعة النجاح الوطنية في أيدينا، وكنّا قريبين جداً منه، واتّفقنا مع الطلاب. لكنّنا فوجئنا بمنعنا من الدخول إلى الجامعة، على الرغم من أنّ إدارة الجامعة على علم بزيارتنا كغرفة تجارة وصناعة نابلس".
أضاف المصري أنّ "اقتحام الاحتلال حرم جامعة النجاح الوطنية لم يفاجئ أحداً، ولا نستطيع تحميل الطلاب ولا إدارة الجامعة مسؤولية ذلك، فثمّة استباحة مطلقة من قبل الاحتلال"، لافتاً إلى أنّ "الاعتصامات في حرم الجامعة لم تكن سياسية بل طلابية ونقابية بحتة".
في المقابل، علّق الدبعي على وساطة غرفة تجارة وصناعة نابلس قائلاً إنّ "جامعة النجاح الوطنية ترحّب دوماً بكلّ جهد من المؤسسات المحلية، وتفتح أبوابها لاستقبال ممثّليها"، مشيراً إلى أنّ "لا دقة في خبر رفضنا استقبال الوفد، فثمّة اجتهادات من قبل البعض طُرحت بطريقة غير موفقة".
ولفت نائب رئيس جامعة النجاح الوطنية للشؤون المجتمعية إلى أنّ المؤسسة الجامعية كلّفت محاميها للدفاع عن الطلاب الذي اعتقلتهم قوات الاحتلال.
والطلاب المعتقلون هم رئيس مجلس اتحاد الطلاب محمد سلامة وممثلون عن الكتلة الإسلامية الجناح الطلابي لحركة حماس، وأفراد كتلة العمل الجناح الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والقطب الديمقراطي التابع للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى جانب آخرين.
تجدر الإشارة إلى أنّ قوات الاحتلال ما زالت تعتقل الرئيس المنتخب لمجلس طلاب جامعة النجاح الوطنية عمر ساري، ومعظم أعضاء مجلس الطلاب الذي تقوده الكتلة الإسلامية بعد فوزها في الانتخابات التي أُجريت في الصيف الماضي، وذلك في وجه كتلة الشهداء، الذراع الطلابية لحركة فتح.
في سياق متصل، قال الناشط الطلابي فلاح عيد لـ"العربي الجديد" إنّ "الاحتلال يستهدف التعليم في فلسطين كما يستهدف بقيّة القطاعات، وقد تدخّل في قضية نقابية لا علاقة لها بأيّ نشاط سياسي". ووجّه عيد "رسالة عتب" لإدارة جامعة النجاح الوطنية التي "لم تقم بما يلزم لإنهاء الخلاف، على الرغم من تحذير الطلاب المعتصمين من إمكانية استغلال الاحتلال الأحداث وإقدامه على اقتحام الجامعة واعتقالهم، وهو ما تمّ للأسف". وأكد عيد "نيّتة الطلاب مواصلة الاعتصام حتى تحقيق مطالبهم المحقة".
من جهتها، حمّلت حركة حماس، في بيان صحافي، الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية سلامة الطلاب، ودعت إدارة الجامعة لتحمّل مسؤولياتها القانونية تجاه طلابها المعتقلين من داخل أسوارها وتكليف فريق قانوني للدفاع عنهم. أيضاً، دعت الطلاب إلى الاصطفاف خلف ممثليهم في مجلس الطلاب الذين بذلوا كلّ جهدهم للدفاع عن حقوقهم المشروعة، بالإضافة إلى "الاستمرار في مقاطعة التسجيل حتى تلتزم إدارة الجامعة بمراعاة شؤون الطلاب في ما يخصّ إجراءات الدفع والتسجيل في ظلّ الظروف الراهنة".
وهذه ليست المرّة الأولى التي تقتحم فيها قوات الاحتلال جامعة النجاح الوطنية في نابلس. فهي عمدت إلى محاصرتها في 13 يوليو/ تموز من عام 1992 مدة 72 ساعة، بالتزامن مع عملية اقتراع لانتخاب مجلس اتحاد طلابها، من دون أن يُسمح للطلاب بالخروج أو الحصول على أيّ مواد غذائية. أمّا الحجة فهي وجود مطلوبين مسلّحين داخل الجامعة، الأمر الذي أفضى حينها إلى اتفاق حول فكّ الحصار في مقابل إبعاد قادة العمل الطلابي إلى خارج فلسطين.
وفي العام الماضي، تحديداً في 24 سبتمبر/ أيلول 2023، اقتحمت قوات الاحتلال جامعة بيرزيت الواقعة شمالي رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، واعتقلت ثمانية طلاب من بينهم رئيس مجلس اتحاد الطلاب كانوا معتصمين في حرمها، واعتدت على الحرس الجامعي، وألحقت أضراراً في مقارّها.