الاحتلال يعقّد وصول المسنين من الضفة الغربية إلى الأقصى في رمضان
جهاد بركات
- الشروط المفروضة للدخول تشمل الحصول على تصريح خاص وبطاقة ممغنطة، مما يعكس العقبات البيروقراطية والتكنولوجية التي تحول دون ممارسة الفلسطينيين لشعائرهم الدينية.
- شهادات الفلسطينيين الممنوعين من الدخول تبرز الإحباط والألم، مثل علي القاضي البالغ 92 عامًا، وأم محمد المحرومة من تقديم العظات، وهند حجازي التي تصر على حق الوصول للمسجد الأقصى.
بينما أعلن الاحتلال الإسرائيلي أنّه سوف يسمح للرجال والنساء الفلسطينيين الذين تخطّت أعمارهم 55 عاماً و50 على التوالي بالدخول إلى القدس المحتلة، من أجل أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى في خلال شهر رمضان، عرقلت إجراءاته في الواقع ذلك، الأمر الذي يؤثّر سلباً على المسنّين منهم خصوصاً.
وفي يوم الجمعة الأوّل من شهر رمضان الجاري، ازدحم مسلكا حاجز قلنديا العسكري الإسرائيلي الواقع شمالي القدس بمئات الفلسطينيين من أهالي الضفة الغربية المحتلة، الذين سمح لهم الاحتلال التوجّه إلى المسجد الأقصى.
لكنّ الفلسطينيين المتجمّعين عند الحاجز مُنعوا بمعظمهم من الدخول، على الرغم من أنّ أعمارهم تلبّي شرط الاحتلال للدخول إلى القدس والوصول إلى الأقصى في أيام الجمعة من شهر رمضان، فثمّة إجراءات وشروط وصفها الذين بلغوا الحاجز بأنّها تعجيزية.
وفي هذا الإطار، راح مسنّون ومسنّات يطلبون مساعدة شبّان لتعبئة نموذج عبر تطبيق خاص بجيش الاحتلال على الهواتف المحمولة، إذ يشترط الاحتلال حصول هؤلاء على تصريح من خلاله من أجل "العبور". والتصريح الذي يُعَدّ واحداً من "الشروط التعجيزية" يصدره "منسّق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية" الذي يُعَدّ بمنزلة الحاكم العسكري.
كذلك يُعَدّ أساسياً شرط امتلاك البطاقة الممغنطة التي تحمل البيانات الشخصية الخاصة بحاملها، والتي تُمرَّر على أجهزة إلكترونية لكشف ما تحويه من معلومات. وهذه البطاقة التي تصدرها الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال والتي تُعرَف بـ"وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية"، يحصل عليها في العادة الأشخاص الذين يحتاجون إلى استصدار تصاريح مثل العمّال والتجار وكذلك المرضى، لكنّ الفلسطينيين بمعظمهم لا يحملونها.
الفلسطيني علي القاضي واحد من هؤلاء الذين كانوا ينتظرون عند حاجز قلنديا اليوم، وقد حمل بطاقة هويته التي دُوّن فيها تاريخ ميلاده: عام 1932. قال القاضي لـ"العربي الجديد": "أبلغ من العمر 92 عاماً، وقد وُلدت قبل تأسيس دولة الاحتلال. ومنع من هو في مثل عمري من الدخول من دون تصريح يعني أنّ الاحتلال يريد منع الجميع من الوصول إلى المسجد الأقصى"، علماً أنّه اعتاد عبور الحاجز في كلّ عام بإبراز هويته وتأكيد سنّه فقط.
وتابع القاضي: "نأمل من الله أن يُدخلنا المسجد الأقصى فاتحين، وأن ينصر المقاومة في قطاع غزة لأنّها إن انتصرت فلنا العزّة والكرامة".
بالقرب من مسلك النساء، وقفت الفلسطينية أم محمد البالغة من العمر 66 عاماً، وقد قدمت من رام الله ووجهتها المسجد الأقصى في القدس. وراحت المرأة تطلب من النساء الأخريات الدعاء لله، والاستفادة من وجودهنّ هناك. وأخبرت أم محمد "العربي الجديد": "كنت أذهب دائماً إلى المسجد الأقصى لتقديم العظات الدينية للمصليات، لكنّني مُنعت من ذلك منذ الحرب (على قطاع غزة)" حتى في خلال انتقالها إلى القدس من أجل تلقّي علاجها في أحد المستشفيات.
وأشارت أم محمد إلى أنّها كانت تأمل أن "يكون رمضان فرصة لي للعودة إلى الأقصى"، غير أنّ الجنود الإسرائيليين أعادوها وطلبوا منها تصريحاً على الرغم من امتلاكها بطاقة ممغنطة. وعندما طلبت من أحد الشبّان تسجيل طلب تصريح لها عبر تطبيق الاحتلال على هاتفها، "باءت العملية بالفشل. فقد أشار التطبيق إلى خلل في أحد الأرقام التي أُدخلت".
وإذ تساءلت أم محمد: "كيف يكون خطأً وأنا أحصل على تصاريح لتلقّي العلاج في القدس، واسمي ومعلوماتي كلها موثّقة؟"، رأت أنّ "هذا جزء من التعقيدات لمنع الناس من الوصول إلى الأقصى".
أمّا هند حجازي القادمة من نابلس والبالغة من العمر 75 عاماً، فقد جلست عند حافة جدار الفصل العنصري الذي يبقي الفلسطينيين بعيدين عن المساحة الداخلية للحاجز العسكري الإسرائيلي، فرفضت فكرة التصريح للوصول إلى الأقصى لأجل صلاة الجمعة، خصوصاً في شهر رمضان. وتشدّد حجازي لـ"العربي الجديد" على أنّ "للفلسطينيين والمسلمين الحقّ في الوصول إليه، لذا قرّرت البقاء والمحاولة مرّة تلو الأخرى"، مؤكدةً "سوف أعود في الأسابيع المقبلة للصلاة في الأقصى".