استمع إلى الملخص
- تواجه جهود التبرع تحديات مثل الرسائل المغلوطة والتعقيدات الإدارية، حيث يضع القانون الحالي عوائق أمام التبرع، مما يقلل من عدد المتبرعين المحتملين.
- تدعو الفعاليات الصحية والمدنية إلى تعديل القانون لتسهيل الإجراءات وزيادة المتبرعين، مع تعزيز دور المجتمع المدني وتطوير مراكز متخصصة لتحسين هذا المجال.
تحذر فعاليات صحية ومدنية في المغرب من تدني أرقام التبرع بالأعضاء وزرعها، ما يزيد معاناة آلاف المرضى، ويهدد حياتهم بسبب عدم توفر متبرعين.
وتفيد الجمعية المغربية لمحاربة أمراض الكلى وتشجيع التبرع بالأعضاء وزرعها بأن ممارسات زراعة الأعضاء لا تزال متخلفة رغم وجود التشريعات والبنى التحتية. وهي كانت أشارت، في بيان أصدرته بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالأعضاء في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى أنه "بالنسبة إلى عمليات زرع الكلى التي تكاد أن تكون الوحيدة التي تزرع في المغرب، لم تنفذ إلا 645 عملية معظمها من متبرعين أحياء".
تقول رئيسة جمعية "كلي" البروفيسورة آمال بورقية لـ"العربي الجديد": "لا يزال المغرب في مرحلة غير مشرّفة بالنسبة إلى التبرع بالأعضاء، فالنتائج ضئيلة حتى اليوم، رغم أن البلاد تملك الكفاءات والمراكز اللازمة. ولا يتجاوز عدد المتبرعين المسجلين 1200 شخص، وهو عدد قليل جداً مقارنة بالاحتياجات المتزايدة".
تتابع: "عدد المتبرعين الأحياء ضئيل، وحتى العائلات لا تتبرع بسهولة. باختصار لا يُبذل أي مجهود لإنقاذ أشخاص يموتون يومياً. وحتى اليوم أجريت 640 عملية زرع كلى فقط، في حين يبقى العدد أقل بكثير في ما يخص التبرع بباقي الأعضاء مثل القلب والرئة".
وتشدد بورقية على أن "الحاجة ماسة في المغرب لإجراء عمليات لزرع الأعضاء لآلاف مرضى الكلى والكبد والقلب والرئة، والحلول البديلة، مثل غسل الكلى، مكلفة ومرهقة وتحدّ بشكل كبير من جودة حياة المرضى".
تضيف: "يموت مئات من المغاربة سنوياً بسبب عدم توفر متبرعين بالأعضاء رغم وجود تشريعات تسمح بزرع الأعضاء منذ عام 1999. والسبب الأساس في عزوف المغاربة عن التبرع بالأعضاء هو جهل الأحكام الدينية والقانونية الخاصة بهذا الشأن، في ظل عدم التواصل مباشرة مع المتخصصين الذين ينتمون إلى مجالس علمية ورجال قانون وأطباء، واقتصار الأحكام المسبقة والتأويلات الخاطئة التي تروّج داخل المجتمع".
ويقول رئيس جمعية الرحمة لمرضى القصور الكلوي، ياسين العلمي، لـ"العربي الجديد": "لا نزال متأخرين جداً على مستوى التبرع بالأعضاء وزرعها بسبب عومل إكراه عدة في مقدمها غياب الوعي في المجتمع نتيجة عدم إيصال المعلومات الحقيقية إلى المواطنين، وتقصير التعليم والمجتمع المدني في تنفيذ مهمات التوعية الملاءمة، إضافة إلى الرسائل المغلوطة التي تروجها وسائل إعلام في شأن التبرع بالأعضاء، والتعقيدات الإدارية التي تواجه المتبرعين والمرضى. أيضاً يضع القانون رقم 16/98 الخاص بمنظومة التبرع وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية، عوائق لعملية التبرع، من خلال اشتراطه وجود طلب قبول مقدم بوهب الأعضاء من المتبرع قبل أن يصبح في حالة الموت الدماغي لدى المحكمة الابتدائية في المدينة التي تضم المستشفى المرخص له تنفيذ عملية الزرع، وربط هذا الشرط بقبول أفراد العائلة عند الشروع في التنفيذ".
ويتحدث العلمي عن أن جمعيات تبذل جهوداً في هذا الشأن لكنها تبقى غير كافية من دون إرادة سياسية حقيقية. ويشدد على دور المجتمع المدني بكل أطيافه في الانخراط في عملية تشجيع التبرع بالأعضاء.
من جهتها، تطالب بورقية بـ"ضرورة انخراط جميع المسؤولين والمهتمين بالقطاع في دعم التبرع بالأعضاء لأنه موضوع اجتماعي واقتصادي وديني وصحي يجب أن يعمل الجميع لتطويره. ومن أجل المساهمة في إنهاض التبرع بالأعضاء في المغرب يجب إجراء تعديلات على القانون المنظم لزرع الأعضاء، واعتبار جميع المغاربة متبرعين بالأعضاء في حالة الموت الدماغي مع منح غير الراغبين في ذلك حق التعبير عن رفضهم لدى المحاكم من خلال التسجيل بطريقة سهلة في سجل وطني خاص بهذا الأمر، أي تغيير الوضع القانوني الحالي الذي تربط الموافقة على التبرع بالأعضاء بالتسجيل مسبقاً لدى المحاكم المختصة".
وتلفت إلى أنه "في انتظار تغيير القانون لا بدّ من تسهيل الإجراءات الإدارية والاعتماد على الرقمنة في تسجيل الأشخاص. ونوصي بتغيير الآلية المعتمدة إلى تسجيل الرافضين وليس من يقبلون، واعتبار كل من لم يرفض التبرع بالأعضاء موافقاً عليه، وهو ما تفعله إسبانيا مثلاً. ونؤكد ضرورة التفكير في جمع الأطباء من ذوي الكفاءات العالية في مراكز خاصة بزرع الأعضاء من أجل العمل لتطوير هذا المجال".