استمع إلى الملخص
- يروي إدوارد وجيم تجاربهما مع التدخين، حيث يعاني إدوارد من مرض الانسداد الرئوي المزمن، بينما يستخدم جيم جهاز تهوية، مما يبرز الأضرار الصحية الكبيرة للتدخين.
- تشجع حملة "يناير الجاف" على الامتناع عن الكحول والتدخين، حيث يتسببان في أضرار صحية ومجتمعية كبيرة، بما في ذلك تكاليف الرعاية الصحية والإنتاجية.
كشفت إحصاءات أصدرتها وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في المملكة المتحدة أن التدخين يتسبب في وفاة نحو 80 ألف شخص سنوياً، بمعدل وفاة كل 6 دقائق. وتُسجل إنكلترا وحدها نحو 64 ألف وفاة سنوياً، بينما يواصل أكثر من 5.3 ملايين شخص بالغ التدخين، وتعريض حياتهم للخطر.
ورغم التحذيرات المستمرة والجهود المبذولة للحدّ من التدخين، أظهرت الإحصاءات أن نحو 50 مليون سيجارة تُستهلك يومياً في إنكلترا ما يعادل استهلاك كل مدخن تسع سجائر يومياً.
وأظهرت دراسة أجرتها جامعة كوليدج لندن، ونشرتها صحيفة "تايمز" في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن مضار التدخين أكبر مما كان يُعتقد. إذ خلص الباحثون إلى أن كل سيجارة تقلص نحو 20 دقيقة من العمر في المتوسط، وهو رقم يتجاوز تقديرات سابقة أشارت إلى خسارة 11 دقيقة فقط.
وأوضحت الدراسة التي استندت إلى بيانات دراستين طويلتي الأمد، أن "الرجال يخسرون نحو 17 دقيقة من حياتهم مع كل سيجارة، بينما تخسر النساء 22 دقيقة، والمدخنون الذين يختارون الإقلاع عن التدخين في 1 يناير/ كانون الثاني يمكنهم إنقاذ يوم كامل من حياتهم بحلول 8 يناير (بافتراض أنهم يدخنون 10 سجائر يومياً)".
ونقلت "تايمز" عن الباحثة في مجال الكحول والتبغ بجامعة كوليدج لندن، سارة جاكسون، قولها إن "الإقلاع عن التدخين يحمل فوائد فورية وطويلة الأمد بغض النظر عن العمر. وهناك العديد من الوسائل الفعّالة المتاحة، بدءاً بالعلاجات البديلة للنيكوتين إلى البرامج المجتمعية التي تدعم المدخنين في رحلتهم نحو الإقلاع".
وفي سياق متصل، تؤكد إحصاءات وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أن "التدخين يُلحق أضراراً بالغة بالصحة تفوق التصورات السابقة، إذ تسلب علبة سجائر تحتوي على 20 سيجارة المدخن نحو سبع ساعات من عمره. وعند الإقلاع عن التدخين في بداية العام الجديد يمكن أن يستعيد الشخص أسبوعاً كاملاً من حياته بحلول 20 فبراير/ شباط، وتجنّب خسارة نحو 50 يوماً في نهاية العام".
يروي إدوارد (89 سنة) لـ"العربي الجديد" حكايته مع التدخين التي بدأت عندما انضم حين كان في العشرينيات من العمر إلى صفوف الشرطة، ويقول: "كنتُ من جيل لم يكن على دراية بمخاطر التدخين، وأعطاني صديقي في القسم سيجارة. وحين سألته إذا كانت مؤذية طمأنني إلى أنها غير ضارّة، وأكد لي أنها ستشعرني بارتياح. واليوم أنا نادم على هذا القرار الذي قادني إلى الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، علماً أنني أعتقد بأن لعبي الغولف أسبوعياً وركوبي الدراجة يومياً إلى العمل، خففا من حدّة المرض. لولا الرياضة لكانت حالتي أسوأ بكثير. حالياً أكتفي بسيجارتين يومياً. في مثل هذا العمر، لا أجد شيئاً آخر أستمتع به".
أمّا جيم (82 سنة) فيروي تجربته مع التدخين بالقول لـ"العربي الجديد: "أقلعت عن التدخين قبل نحو عشرين عاماً بعدما أصبت بمرض الانسداد الرئوي، وتفاقمت معاناتي مع ضيق التنفس. ورغم أنني توقفت عن التدخين، دخلت قسم الطوارئ قبل عام في حالة حرجة، حيث توقّع الأطباء وفاتي إذا لم أستجب للعلاج. واليوم أستخدم جهاز تهوية غير جراحي من أجل تحسين تنفسي، وهو يعمل عبر دفع الهواء أو الأكسجين إلى رئتيه من خلال قناع يُوضع على الوجه، ما يساعدني على تخليص الجسم من ثاني أكسيد الكربون وتحسين مستويات الأكسجين، خاصة أثناء النوم".
تشجّع حملة "يناير الجاف" الأفراد على الامتناع عن استهلاك الكحول طوال شهر يناير، وهي تشكل فرصة للإقلاع عن عادات أخرى من بينها التدخين، باعتبار أنه يرتبط في شكل وثيق بشرب الكحول.
وتحذر الأبحاث من أن الجمع بين التدخين والكحول لا يزيد فقط من صعوبة الإقلاع عنهما، بل يزيد أيضاً مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان، ويُعتبر سرطان الكبد من أبرز هذه المخاطر، إذ يشكل تهديداً كبيراً للأشخاص الذين يدمجون بين هاتين العادتين الضارتين.
ولا تقتصر أضرار التدخين على الأفراد، بل تشمل المجتمع، إذ يتكلّف نظام الرعاية الصحية في المملكة المتحدة مليارات الجنيهات سنوياً لعلاج الأمراض المرتبطة به، مثل السرطان وأمراض القلب والرئة، كما يخفض التدخين الإنتاجية بسبب الغياب المتكرّر عن العمل والمضاعفات الصحية التي يعاني منها المدخنون.