أصيبت طالبات مدرسة "خيام" في منطقة برديس، شرق العاصمة طهران، اليوم الثلاثاء، بالتسمم والإعياء ونقلت على أثره 35 طالبة إلى مستشفى "الغدير"، وفقا لوكالة "تسنيم" الإيرانية التي طمأنت أن حالة الطالبات "مستقرة" وأن التسمم لم يكن شديدا.
وبدأ مسلسل التسمم في مدارس البنات الإيرانية في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي في مدرسة "نور" للبنات في مرحلة الثانوية في مدينة قم الواقعة على بعد 120 كيلومترا من العاصمة طهران. واستنشقت الطالبات "رائحة كريهة" من دون معرفة مصدرها، وهو ما تسببت بتسممهن. لكن التسمم أو التسميم لم يتوقف عند قم ليتجاوزها إلى بروجرد، غربي إيران، ثم أردبيل، شمال غربها، واليوم طهران.
Yet another incident of poisoning Iranian schoolgirls in Tehran, suspected to have been carried out by hardline religious groups. The clerical establishment of Iran has so far failed to stem the Taliban-like attacks#MahsaAmini
— Maryam Moqaddam مریم مقدم (@MaryamMoqaddam) February 28, 2023
pic.twitter.com/xhLGPyOAlz
عشرات الطالبات الإيرانيات خلال الشهور الثلاثة الماضية أصبن بالتسمم في عدة مدارس في إيران، تكرر الحادث في مدارس بعينها لعدة مرات، غير أنه لم يعد يقتصر على مدارس البنات، بل تعداه إلى مدارس البنين، إذ أعلنت السلطات المحلية في محافظة لورستان، غربي إيران، أمس الإثنين، أن عددا من طلاب مدرسة "خيام" للبنين في مدينة بروجرد أصيبوا بالتسمم.
والأربعاء الماضي، ناشدت إدارة مدرسة "أحمدية" للبنات في الثانوية الواقعة في مدينة بروجرد، شمال غربي إيران، الطالبات بإخلاء الصفوف سريعا والنزول إلى ساحة المدرسة، لكن الطالبة برستو لاحظت غياب صديقتها نرجس عن الساحة، فعادت سريعاً وبحثت عنها في الصف 102، قبل أن يسوء وضعها الصحي هناك، إذ شعرت بدوران وفقدان الإحساس بقدميها إلى أن اضطرت إلى النزول بصعوبة على الأدراج.
ونقلت صحيفة "هم ميهن" الإيرانية عن زميلات برستو قولهن إنهن أيضا لم يكنّ بأفضل حال منها وبدت أعراض مشابهة ومختلفة عليهن.
للمرة الثالثة أصيبت طالبات مدرسة "أحمدية" في بروجرد بالتسمم والإعياء، السبت الماضي، ونقلن على أثره إلى المستشفى بعد ظهور أعراض كالدوران وارتفاع دقات القلب وألم في الظهر والرأس وأحيانا في الصدر وهبوط الأوكسجين عند بعضهن، وفقاً لوسائل إعلام إيرانية.
ونقلت صحيفة "هم وطن" الإيرانية، الإثنين، عن طالبتين في مدرسة " أحمدية" في بروجرد ومعلمة، قولهن إنّ شيئاً ما يشبه "قنبلة صغيرة" ألقيت داخل المدرسة وخرجت منها رائحة النعناع.
غموض وحالة ذعر بين الأهالي
أثارت حوادث التسمم الرأي العام الإيراني ودفعت إلى حالة ذعر بين أهالي طلاب المدارس وتساؤلات عن الأسباب، في ظل عدة روايات متناقضة، لكن لا إجابات رسمية مقنعة والغموض ما زال يلف واقعة تسمم الطالبات الإيرانيات.
نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وجهوا أصابع الاتهام للمحافظين المتشددين بالوقوف وراء هذه الحوادث بغية منع الطالبات من الدراسة، أسوة بما فعلته حكومة "طالبان" في أفغانستان، فيما كانت الحكومة الإيرانية من منتقدي هذه السياسة الطالبانية، ودعتها إلى العدول عن هذا القرار.
وزير الصحة: "سم خفيف جداً"
وزير الصحة الإيراني بهرام عين اللهي تحدث، اليوم الثلاثاء، على هامش مؤتمر للتلفزيون الإيراني عن "سم خفيف جدا"، وفقاً لما توصلت إليه تحقيقات فريق طبي، حسب قوله، مضيفا أنه زار الطالبات المصابات بالتسمم في المستشفى بمدينة قم وتبين أنهن لم يصبن بأعراض خطيرة، وبعد ساعات من استقرار وضعهن وانتهاء الشعور بالترهل في العضلات والإعياء والغثيان غادرن المستشفى.
وعن مصدر هذا السم وما إذا كانت هناك حالة "تعمد"، قال الوزير الإيراني إن ذلك ليس ضمن صلاحيات وزارة الصحة.
غير أن نائب الوزير لشؤون البحوث يونس بناهي لمّح إلى وجود "تعمد" في هذه الحوادث، وفق ما أوردته صحيفة "خراسان" الإيرانية، أمس الإثنين، لكنه لم يتهم جهة بعينها بالوقوف وراءه.
من جهته، نفى المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية بيدرام باكاين، في حديث مع وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، وجود أي "تعمد" في الحوادث، قائلا إن التحقيقات الطبية أظهرت أن التسمم لم يكن بسبب فيروس أو ميكروب والأعراض كانت "عابرة"، حسب قوله.
اتهامات لأعداء وتراشق
وفيما توجه أوساط إصلاحية ومواقع إيرانية، سواء في الداخل أو المعارضة في الخارج، أصابع الاتهام للمتشددين، بسبب معارضتهم لدراسة البنات، اتهم إعلاميون محافظون "أعداء" إيران بالوقوف وراء حالات التسمم في المدارس، إذ إن رئيس تحرير صحيفة "همشهري" المحافظة التابعة لبلدية طهران عبد الله غنجي وصف في تغريدة له حوادث التسمم في المدارس بأنها "غريبة"، ملحما إلى أنها "جزء من الحرب المركبة" ضد إيران.
مسموميت دانش آموزان پدیده عجیبی است-نمی دانم بخشی از جنگ ترکیبی است؟ -از قم به بروجرد رفت و استمرار دارد.وزیر بهداشت از تعمد سخن میگوید.توقع است دستگاه امنیتی کشور به صورت ویژه ورود و اطلاع رسانی کند.حین جنگ امنیتی-اقتصادی این روزها علیه مردم،این قوز بالا قوز اصلا قابل تحمل نیست
— عبدالله گنجی (@ab_ganji) February 26, 2023
إلى ذلك، أشعلت حوادث التسمم في مدارس البنات الإيرانية تراشقا إعلاميا أيضا بين المنصات الإعلامية الإيرانية المحافظة والإصلاحية، إذ اتهمت وكالة "فارس" المحافظة، أمس الإثنين، في تقرير لها، الإصلاحيين بـ"استغلال" هذه الحوادث لـ"مهاجمة المذهب"، منتقدة في الوقت ذاته وجود الغموض والمماطلة في منع تكرار حوادث التسمم.
نائبة الرئيس الإيراني السابق لشؤون المرأة معصومة ابتكار دعت في تغريدة إلى التصدي بحزم لـ"المرة الأولى والأخيرة" لمن وصفتهم بأنهم "متحجرون (متخلفون) معادون للمرأة"، مناشدة السلطات القضائية والشرطية بالتدخل سريعا، ومتساءلة عن وجود "المماطلة".
یکماه است که جنایت مسموم کردن دختران تکرار می شود
— معصومه ابتكار (@ebtekarm_ir) February 27, 2023
همه منتظرند بخشهای انتظامی و قضایی فورا اقدام کنند
چرا اینهمه تعلل؟
نکندمثل اسیدپاشان اصفهان شود!
آیا نسبتی بین عدم تصویب قوانین نفی خشونت علیه زنان و این وقایع وجود دارد؟
یک بار برای همیشه حجت را بر متحجران ضد زن تمام کنید.
تأتي حوادث التسمم أو التسميم في المدارس الإيرانية بعد فترة وجيزة من احتجاجات واسعة شهدتها إيران منذ سبتمبر/أيلول الماضي على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الأخلاق بتهمة عدم الالتزام بمعايير الحجاب الإجباري.
لا أرقام رسمية عن حالات التسمم
لا توجد أرقام وإحصائيات رسمية عن عدد المصابين بالتسمم في المدارس الإيرانية، لكن وسائل إعلام إيرانية تشير إلى أن العدد يبلغ أكثر من 200 شخص.
واجتاحت خلال الأيام الماضية أنباء عن وفاة الطالبة فاطمة رضايي (11 عاما)، في مدينة قم بسبب التسمم، لكن التلفزيون الإيراني ووكالات الأنباء الإيرانية نشرت مقابلة مع والدها ينفي بأن تكون وفاتها نتيجة التسمم، عازيا ذلك إلى "الالتهاب الشديد".
واليوم، بعد تكرار حوادث التسمم في المدارس الإيرانية وانتقالها إلى مدرسة للبنين أيضا في طهران، وإثر الغموض الذي يلف يتساءل الشارع الإيراني عن أسبابها إن كانت طبيعية أو متعمدة، مع أن تكرارها في عدة مدن، عزز الظن بوجود تعمد، وعندئد برزت تساؤلات أخرى عن أهدافها والجهات التي يمكن أن تقف وراءها.
وسبق أن أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية مسعود ستايشي في وقت سابق أن 30 أسرة إيرانية في مدينة قم رفعت دعاوى قضائية للبت في هذا الملف.