التعليم في ليبيا... أزمات متلاحقة

07 يوليو 2024
في إحدى مدارس ليبيا (ندى حرب/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الوضع التعليمي في ليبيا**: يعاني القطاع التعليمي من مشاكل كبيرة بسبب الانقسامات السياسية والصراعات المسلحة، مما أدى إلى تدمير العديد من المدارس وتأثر العملية التعليمية.
- **تأثير الصراعات المسلحة**: منذ عام 2014، تضرر قطاع التعليم بشكل كبير، حيث تعرضت العديد من المدارس لأضرار مباشرة واستخدمت كثكنات عسكرية أو مراكز إيواء.
- **الكوارث الطبيعية وتفاقم الأوضاع**: تضررت 114 مؤسسة تعليمية في درنة والمنطقة الشرقية جراء الفيضانات، مما أدى إلى نزوح 17 ألف طفل، وزيادة المشاكل اللوجستية في المؤسسات التعليمية.

تشير الإحصائيات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم الليبية، العام الماضي، إلى أن عدد طلاب المرحلة الأساسية والثانوية بلغ مليوناً و794 ألفاً و271 طالباً وطالبة، منهم مليون و544 ألفاً و920 يدرسون في المرحلة الأساسية، و249 ألفاً و351 في مرحلة التعليم الثانوي، أما عدد المؤسسات التعليمية فيبلغ 4700. هذه الإحصائيات لا تتناول المشاكل التي تعصف بالقطاع التعليمي في ليبيا، وهي متعددة، تبدأ من انسداد الأفق السياسي الذي يعبر عن نفسه بوجود حكومتين لا تعترف إحداهما بالأخرى، وتعثر العملية السياسية في الوصول إلى خواتيمها بتوحيد مؤسسات وأجهزة الدولة. وهي المشكلة نفسها التي واجهت التعليم خلال السنوات العشر الأخيرة وعبرت عن نفسها بانفجار الاقتتال وتدمير مدارس كثيرة جزئياً أو كلياً نتيجة الصراعات المسلحة. ومع أن الشائع هو أن مشكلة المدارس المدمرة كلياً أو جزئياً بدأت تحل تدريجاً أيضاً، بعد صيانة جزء كبير من هذه المدارس المدمرة، إلا أن هذا الوضع لا يمكن الاعتداد به، إذ لا يستطيع أحد أن يتكهن بموعد نشوب القتال مرة أخرى.
ومن المعلوم بموجب تقارير أصدرتها منظمات معنية بالتربية والمؤسسات الرقابية أن قطاع التعليم كان من أكثر القطاعات التي تضررت، خصوصاً في الفترة الزمنية الممتدة بعد 2014، حيث اندلعت الصراعات المسلحة بين الأطراف السياسية المختلفة في البلاد، وتعرضت أعداد كبيرة من المدارس والمعاهد والكليات لأضرار مباشرة لوجودها في مواقع الصراعات المسلحة، وانقطاع سبل الوصول إليها.
وخلال هذه الفترة، جرى استخدام مدارس كثيرة من بعض التشكيلات المسلحة كثكنات لها، وخزنت الأسلحة والذخائر وتم إيواء الجنود وأقيمت معتقلات وسجون فيها. كما أن مدارس حكومية تحولت إلى مراكز إيواء للأسر المشردة من منازلها في المدن والأرياف. وارتفع عدد المدارس المتضررة بالعلاقة مع شدة القتال وتراجع حدته. ففي المكان الذي شهد جولات متتالية تضاعفت الأضرار والعكس. في مدينة بنغازي مثلاً، احتاجت 160 مدرسة لأعمال صيانة وتجهيز بالمستلزمات التي دمرت، كمقاعد الجلوس والكراسي والمكتبات وأجهزة الحاسوب والألواح والمختبرات وما شابه. لكن لا تنتهي مشكلة حتى تطل سواها.

ففي العام الماضي برزت قضية تضرر مدارس درنة والمنطقة الشرقية جرّاء الفيضان والسيول التي رافقته والتي بلغ عددها 114 مؤسسة، موزعة على 15 بلدية. وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، عدد النازحين من الأطفال في المناطق المنكوبة جراء العاصفة المدمرة بـ17 ألف طفل، من بين 43 ألف نازح، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة. ولم تتوفر لهؤلاء النازحين أي جهة حكومية لمساعدتهم بتحمل كلفة الإيواء للأسر الفقيرة خصوصاً، ولم تبادر لا حكومة الوحدة الوطنية ولا تلك المكلفة من البرلمان إلى تأمين مساكن للمتضررين من السيول، كما أن مدارس نجت في شرق ليبيا استخدمت كملاذات للعائلات المتضررة. وتقدر مصادر رسمية ليبية عدد المباني المدمرة بالكامل في درنة بـ891 مبنى. 
بالطبع برزت مشاكل ناجمة عن الأوضاع السياسية، وهي التي تتمثل بمشاكل لوجستية من نوع فقدان الكتاب المدرسي أو تأخر وصوله، ومع أن ذلك أمكن تجاوزه وجرى توزيع الكتب في بداية العام، إلا أن عائد التعليم في القطاع العام ما زال دون المستوى المطلوب. وتعاني مؤسساته من تزايد الأعداد التي وصلت في بعض الصفوف إلى 65 تلميذا، أي ثلاثة أضعاف العدد النموذجي، ما دفع بعدد من أهالي التلامذة إلى إرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة التي استفادت من الوضع، وفرضت أقساطاً لا تتلاءم مع قدرات الأهالي على دفع الرسوم.
(باحث وأكاديمي)

دلالات
المساهمون