استمع إلى الملخص
- **أسباب تفاقم الأزمة:** المستشفى يفتقر إلى بدائل للتخلص من النفايات الطبية، مما يجبره على حرقها يومياً. المحارق الحالية قديمة وتقع داخل أو قرب المستشفيات، مما يزيد من التلوث البيئي.
- **مطالبات وحلول مقترحة:** الأهالي والناشطون يطالبون بنقل المحرقة خارج المناطق السكنية وإنشاء محارق جديدة تتوافق مع المعايير الصحية. وزارة البيئة تحذر من المخاطر، لكن قلة التخصيصات المالية تعيق تنفيذ الحلول.
يتسبب التلوث في العراق في مخاوف لدى الكثير من الأهالي، حيث تشكو مناطق سكنية في قضاء أبو غريب غربي العاصمة العراقية بغداد، من غازات سامة تنبعث يوميا من المستشفى الحكومي في المنطقة، وهو ما يتسبب بتلوث بيئي وحالات اختناق بين الأهالي، وسط مطالبات بوضع حل للأزمة.
ويعمد مستشفى "أبو غريب العام" يوميا بعد نهاية الدوام الرسمي (مساء) الى إحراق النفايات الطبية الناتجة عن العمل، بواسطة محرقة تابعة للمستشفى تقع ضمن المناطق السكنية في القضاء، وتفتقر إلى الضوابط البيئية. وتلقت إدارة المستشفى ووزارة الصحة والجهات المسؤولة، شكاوى وطلبات كثيرة من قبل الأهالي، لوضع حل عاجل للملف، وإخراج المحرقة من المنطقة، إلا أن أي استجابة لا توجد بعد، كما أن إدارة المستشفى تواصل عمليات الإحراق بشكل يومي.
أهالي قضاء أبو غريب غربي بغداد يشكون من انبعاث غازات سامة من مستشفى القضاء بسبب حرق المخلفات الطبية#البغدادية pic.twitter.com/ReAeqe8KGR
— قناة البغدادية الفضائية (@baghdadiyagroup) August 20, 2024
ووفقا للحاج ماجد الزوبعي، وهو من وجهاء قضاء أبو غريب، فإن "مكان المحرقة التابعة للمستشفى غير صحيح. حيث تبدأ عمليات الحرق يوميا بعد العصر، ويغطي الدخان المتصاعد منها سماء المنطقة والمنازل القريبة المحيطة بها بشكل كثيف"، مبينا لـ"العربي الجديد" أن "تلك الغازات السامة تمنع الأهالي من الخروج من بيوتهم، وتتسبب بحالات اختناق وإغماء خاصة للمرضى المصابين بالربو وأمراض الصدر". مضيفا: "قدمنا شكاوى ومناشدات لإدارة المستشفى ووزارة الصحة، إلا أننا لم نحصل على حلول"، مشددا على "ضرورة الاهتمام بالملف وعدم إهماله لما له من مخاطر صحية وبيئية توثر على مئات العوائل".
من جانبها، لم تعلق إدارة المستشفى ولا وزارة الصحة رسميا على الموضوع، إلا أن مسؤولا في القسم الفني في المستشفى، أكد لـ"العربي الجديد"، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن "إدارة المستشفى لا تتوفر لديها البدائل، على الرغم من معرفتها بحجم الضرر الذي تسببه المحرقة"، مبينا أنه "تم إبلاغ وزارة الصحة بتلك الشكاوى وتقديم تقارير مفصلة عن الملف، إلا أنه لم نحصل على حل حتى الآن". مضيفا: "النفايات اليومية في المستشفى حجمها كبير، وتحتاج إلى إتلاف يومي، ولا حل لإدارة المستشفى غير الإحراق اليومي للتخلص منها، وتستمر عملية الحرق والإتلاف لساعات طويلة"، مشيرا الى أن "إدارة المستشفى تبحث الملف مع وزارة الصحة للتوصل إلى حلول بشأنه".
التلوث في العراق يتفاقم
ولا توجد محارق خاصة أو أماكن طمر صحي للنفايات الطبية في البلاد، ويتم اعتماد محارق قديمة داخل وقرب المستشفيات أنشئت مع إنشاء تلك المستشفيات، في وقت لم تكن هناك كثافة سكانية قربها، مما يفاقم أزمة التلوث في العراق.
من جهته، أكد الناشط البيئي في أبو غريب، جاسم الحيالي، أن "بقاء المحرقة داخل المناطق السكنية بات أمرا بالغ الخطورة. فسابقا لم تكن هناك كثافة سكانية في المنطقة كما هو الحال في السنوات الأخيرة، خاصة وأن أعداد مراجعي المستشفى بالآلاف يوميا، بسبب عدم وجود مستشفى بديل، وهو ما يتسبب بكميات نفايات كبيرة"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "النفايات الطبية ومنها بقايا الأدوية والحقن والسرنغات وغيرها خطيرة فهي تحوي على مواد مشعة وسموم خطيرة إذا ما أحرقت بشكل غير صحي".
وأكد الحيالي أن "المستشفى غير ملتزم بالمحددات البيئية للتعامل مع النفايات البيئية، ويتعذر بعدم توفير البدائل لها، وهو ما يحتاج إلى تنسيق وعمل من قبل وزارة البيئة ووزارة الصحة، وأن تتم متابعة هذا الملف وإنشاء محارق جديدة ضمن المحددات المعمول بها صحيا".
وكانت وزارة البيئة العراقية، قد حذرت في أوقات سابقة من مخاطر صحية وبيئية كبيرة تتسبب بها النفايات الطبية للمستشفيات والمراكز الصحية بالبلاد، والتي تقدر بعشرات الأطنان يوميا، إذ لا يتم إتلافها بطرق صحية، مؤكدة ضرورة وضع المعالجات للملف وعدم الاستمرار بإهماله.
ولا توجد نسب معلنة للتلوث في العراق، إلا أن تصريحات سابقة لوزارة البيئة ولمختصين، تؤكد أن التلوث في العراق يعد من الملفات الصعبة، حيث إن هناك ملوثات كثيرة داخل المدن وخارجها، ناتجة عن أسباب متعددة منها الحروب السابقة ومخلفاتها، ووجود المصانع داخل المدن، وشح المياه والزحف السكاني ومكبات الطمر الصحي وغيرها، وأن لها تأثيرات خطيرة على البيئة العراقية، وقد وضعت وزارة البيئة خططا لتحجيم التلوث، إلا أن قلة التخصيصات المالية حالت دون إنجازها.