- المشروع بدأ في السبعينيات وتعرض للإهمال، مما أدى إلى مشكلات بيئية. في 2022، طلبت الحكومة تمويلاً دوليًا لاستكماله بهدف مكافحة التصحر وزيادة الغطاء الغابي إلى 4.7 ملايين هكتار بحلول 2035.
- إعادة بناء السد تأتي لمواجهة التحديات البيئية مثل زحف الرمال والحرائق الشديدة. الناشط البيئي أحمد برابح يؤكد على أهمية الخطوة للحد من الخسائر البيئية ويشدد على دور العمل التطوعي والشركات الشبابية في التشجير.
اتّخذت الجزائر قراراً بإعادة بناء "السد الأخضر"، وهو جدار طبيعي بيئي من شأنه منع زحف الرمال نحو الشمال وتثبيتها وزيادة استصلاح الأراضي وتكثيف الغطاء النباتي في المناطق الصحراوية والسهوب الفاصلة بين الصحراء في جنوب البلاد وشمالها.
وكلّف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الحكومة، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، مساء أمس الأحد "بإعداد دفتر شروط خاص بعملية إعادة بناء السد الأخضر"، الذي "ينبغي أن يشمل مناطق الكثبان أيضاً، باعتبارها من المواقع التي مسّتها ظاهرة تقدّم الرمال". وقد تقرّر في السياق نفسه حثّ الحكومة على إنشاء شركات شبابية تعمل في مجال التشجير والريّ والمتابعة، وتتولّى تنفيذ مشاريع خاصة بعمليات التشجير وبناء المحيطات البيئية في هذا السياق، إلى جانب دعم من خلال النشاطات التطوعية التي تنظّمها الجمعيات الأهلية والشبابية.
و"السد الأخضر" مشروع أطلقته الجزائر في عهد الرئيس الأسبق هواري بومدين في منتصف سبعينيات القرن الماضي، بهدف تثبيت الرمال ومنع زحفها إلى الشمال. وتولّى حينها جنود الخدمة الوطنية في الجيش الجزائري تنفيذ المشروع على طول مناطق الصحراء والسهوب، لكنّ السلطات الجزائرية التالية التي تعاقبت لم تجدّد هذا السد، وبالتالي أدّى إهماله إلى مشكلات بيئية كبيرة.
وفي يونيو/حزيران 2022، كشفت الحكومة الجزائرية أنّها طلبت تمويلاً من صندوق المناخ الأخضر الذي أُنشئ بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ ومن برنامج الأغذية العالمي وكذلك منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، وذلك من أجل دعم خطة استكمال مشروع "السد الأخضر"، بهدف مكافحة التصحّر ووقف زحف الرمال. وقد سعت الجزائر إلى الحصول على تمويل بقيمة 128 مليون دولار أميركي من أجل ترميم جدار "السد الأخضر" خلال سبعة أعوام، فهي تطمح إلى زيادة الغطاء الغابي إلى 4.7 ملايين هكتار بحلول عام 2035.
ومع إطلاق الحكومة الجزائرية في السنوات الأخيرة مشاريع شقّ طرق وسكة حديدية إلى مناطق الجنوب، برزت مشكلة زحف الرمال التي من شأنها أن تعطّل حركة السير. وفي الأيام الماضية، اضطرت السلطات في منطقة النعامة جنوب غربي الجزائر إلى التدخّل لإزالة أطنان من الرمال غطّت خط سكة حديدية يعبر المنطقة.
يُذكر أنّ الجزائر تكبّدت خسائر فادحة في الأعوام الخمسة الأخيرة، على خلفية موجات الحرائق التي اندعلت في البلاد، خصوصاً تلك التي شهدتها في موسمَي صيف 2021 و2022 والتي طاولت 16 ولاية في وسط البلاد وشمالها. ويأتي ذلك في إطار الدوافع التي شجّعت سلطات الجزائر لإعادة بعث مشروع "السد الأخضر"، إذ كشفت البيانات الحكومية أنّ الحرائق أتلفت أكثر من 140 ألف هكتار من الغابات ومحاصيل زراعية وأشجار زيتون تشتهر بها المنطقة، بالإضافة إلى أنّها دمّرت مئات المنازل.
وفي سياق متصل، قال الناشط البيئي أحمد برابح لـ"العربي الجديد" إنّ "تنبّه الحكومة إلى ضرورة إعادة بناء مشروع السد الأخضر خطوة مهمّة، وإن أتت متأخّرة. فالإهمال الذي تعرّض له السد الأخضر في العقود السابقة كلّف الجزائر خسارة كبيرة على المستوى البيئي، أكبر بكثير من كلفة الاهتمام به وتجديده بطريقة منظمة استناداً إلى مخططات".
وأوضح برابح أنّ "قرار مجلس الوزراء جاء في وقته، وقد فرضته جملة من العوامل، أبرزها المخاطر المتأتية من زحف الرمال والتصحّر وتغيّر المناخ التي تفرض مزيداً من الاهتمام بالبيئة والطبيعة". ورأى الناشط البيئي الجزائري أنّ "الحكومة اتّخذت خطوة جادة من خلال تشجيع الشباب على إنشاء شركات تُعنى بالتشجير وتعمل في مجال البيئة، لأنّ العمل التطوعي في هذا المجال، ومهما كان حجمه كبيراً، يبقى غير كافٍ، لكنّه لا بدّ من أنّ يكون بالفعل مساعداً لخطة حكومية لإعادة التشجير".