قرّرت الحكومة الجزائرية، إحالة كل أساتذة الجامعات والباحثين الذين بلغوا سن الـ70 عاماً على التقاعد، بهدف توفير مناصب شغل للشباب الحاملين لشهادة الدكتوراه، بعد تزايد معدلات البطالة في صفوفهم.
وأصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر، في تعليمة مؤرخة في 25 إبريل/نيسان الجاري، موجهة إلى مدراء الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، لإحصاء الأساتذة الباحثين والباحثين الدائمين البالغين 70 سنة، ودعوتهم إلى الشروع في اتخاذ الإجراءات والترتيبات المتعلقة بإحالتهم على التقاعد، قبل الأول من سبتمبر/أيلول المقبل.
كما دعت الأساتذة البالغين 70 سنة إلى إيداع ملفاتهم قصد تسويتها على مستوى صناديق التقاعد.
وأبلغت وزارة التعليم العالي، مدراء الجامعات والمؤسسات البحثية، أنها تلقّت موافقة من رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن، بشأن إحالة الموظفين المنتمين لأسلاك الأساتذة الباحثين والباحثين الدائمين البالغين 70 سنة على التقاعد، ما يفرض على المدراء البدء في تنفيذ الأحكام المتعلقة بالإحالة.
ويسمح هذا القرار لوزارة التعليم العالي، بإجراء إحصاء لعدد المناصب التي ستتوفر مع الدخول الجامعي المقبل، قصد إجراء مسابقات توظيف جديدة لصالح حاملي شهادة الدكتوراه، ولتخفيف الضغط الحاصل بسبب ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل في صفوفهم.
وبحسب "اتحاد حاملي شهادات الدكتوراه والماجستير" المؤسس حديثاً، فإن هناك نحو 12 ألف خريج، يحملون شهادة الدكتوراه أو الماجستير، بينما فتحت الحكومة خلال هذا العام 1600 منصب عمل فقط في منصب أستاذ وأستاذ مساعد في الجامعات، وهو رقم ضئيل مقارنة بالاحتياجات الأساسية للدكاترة العاطلين عن العمل، والذين سبق لهم أن نظموا في وقت سابق عدة تحركات احتجاجية في العاصمة ومدن جزائرية للمطالبة بوظائف.
مخاوف من تفريغ الجامعات
لكن هذا القرار يثير مخاوف جدية لدى الأوساط الجامعية، من أن يتسبب في تفريغ المؤسسات الجامعية من خبرات أكاديمية تملك التجربة والقدرة على تأطير الطلبة.
ويبرر بعض الأساتذة مخاوفهم بضعف التكوين لدى حاملي شهادة الدكتوراه من الجيل الجديد، وضعف تحصيلهم العلمي. وقال النقابي والباحث الجامعي عمار سيغة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا القرار مرتبط بمحاولة الحكومة توفير مناصب شغل لحاملي الدكتوراه العاطلين، وامتصاص عدد من المناصب لصالحهم، لكنه قد يحمل في الوقت نفسه آثارا سلبية على الجامعة، من حيث فقدان الأساتذة والباحثين ذوي الخبرة الأكاديمية والمعرفية، خاصة أن البحث العلمي لا يشترط سنّاً معينة، والجامعة بحاجة إلى الخبرة، ومثل هذا القرار قد يؤثر على التحصيل العلمي من حيث الكيف والكم"، مضيفا "الفضاء الجامعي مختلف تماما عن الفضاءات والمؤسسات الإدارية الأخرى، لذلك من غير المجدي التعامل معه بالضوابط نفسها".
وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي، كانت الحكومة الجزائرية قد قررت توجيه خريجي الجامعات من حملة شهادات الدكتوراه والماجستير، للعمل في الإدارات والمؤسسات الاقتصادية، عبر إحداث مناصب مهنية لصالحهم، بصفة أستاذ باحث أو باحث دائم في المؤسسات والإدارات العمومية، بدلا من انتظار فرص توظيف في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والتعليمية، بعد تشبع التوظيف في هذه المؤسسات، ونقص المناصب المفتوحة مقارنة بعدد حملة الشهادات العاطلين عن العمل، على أن يتيح القرار الحكومي توظيف حاملي شهادة الدكتوراه بعقد عمل دائم لدى المؤسسات الاقتصادية، وفي مناصب عمل تتلاءم مع مؤهلاتهم.