استمع إلى الملخص
- شادي السقا و625 ألف تلميذ وتلميذة واجهوا تحديات كبيرة في مواصلة تعليمهم بسبب الحرب، حيث تحولت المدارس إلى مراكز للنازحين وتعطلت العملية التعليمية، مع محاولات معلمين لتقديم دروس في ظروف قاسية.
- الوضع التعليمي المتدهور في غزة يثير قلق الأهالي على مستقبل أبنائهم، مع عدم قدرة طلاب الثانوية العامة على الالتحاق بالاختبارات لأول مرة منذ 1948، ووصف الوضع بـ"إبادة تعليمية" تهدف لحرمان الفلسطينيين من مستقبلهم.
لم يستطع الفتى الفلسطيني شادي السقا إتمام دراسته في المرحلة المتوسطة بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية للشهر التاسع على التوالي، والتدمير الذي لحق بالمدارس والمنشآت التعليمية.
وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة تدمرت 103 مدارس وجامعات كليا، وأيضاً 309 مدارس وجامعات جزئياً، وقتل أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة في المدارس والجامعات.
وحاصر الاحتلال الإسرائيلي المدارس التي تحوّلت إلى مراكز نزوح، أكانت تلك التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أم تلك التي تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم الحكومية في غزة، ودمّر المنشآت وحوّلها إلى أكوام من الركام ضمن مسعاه لتجهيل الفلسطينيين الذين تعتبر نسبة الأمية في صفوفهم الأقل في منطقة الشرق الأوسط.
ورغم بعض المبادرات التي أطلقها معلمون ومعلمات لتأسيس مراكز تعليمية ذات طابع ترفيهي، انتهى فعلياً العام الدراسي لعشرات آلاف الطلاب من دون أن ينجزوا تحصيلهم العلمي بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وكان العام الدراسي بدأ في أغسطس/ آب 2023 حين التحق أكثر من 625 ألف تلميذ وتلميذة بمقاعد الدراسة في غزة، منهم 305 آلاف في مدارس حكومية، و300 ألف في مدارس "أونروا"، و21 ألفاً في مدارس خاصة، وفقاً لبيانات وزارة التربية والتعليم.
يقول الفتى شادي السقا لـ "العربي الجديد": "كنت أحلم بأن أحصل على شهادة الدرجة المتوسطة والانتقال إلى المرحلة الثانوية التي تؤهل الطلاب للدراسة الجامعية في أي تخصص يريدونه". يضيف أن الحرب حوّلته مع طلاب كثيرين إلى نازحين يعملون في جمع الخشب ويبحثون عن مياه الشرب بفعل تكرار النزوح من مكان إلى آخر جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويشير إلى أن تدمير مدرسته بالقصف الإسرائيلي الذي استهدف شمال غزة جعله يشعر بحزن وألم خصوصاً أنه لا توجد مدارس جديدة يمكن استخدامها لاستئناف الدراسة إذا توقفت الحرب على القطاع.
ويلفت إلى أنه شارك مع أفراد في المخيم الذي نزح إليه في مبادرة فردية نفذها معلم لمنح دروس علمية في ظل توقف التعليم جراء الحرب والنزوح المتواصل للشهر التاسع على التوالي.
أما هدى أسليم، وهي والدة طلاب في مراحل مختلفة، فتبدي خشيتها على المستقبل المجهول الذي ينتظر أبناءها في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع وعملية التدمير المتعمدة للمنظومة التعليمية. وتقول لـ "العربي الجديد": "يدرس أبنائي الثلاثة في مراحل سنية مختلفة، لكن العام الدراسي الحالي انتهى بالنسبة إليهم من دون أن يستطيعوا الدراسة أو تحصيل درجات أو حتى اكتساب متطلبات الدراسة". وتخبر أنها حاولت في بداية الحرب متابعة أبنائها في الدراسة، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل، ولم تكتمل مع استمرار الحرب وتكرر النزوح من مكان إلى آخر. وتوضح أنه يصعب الاستمرار في عملية التعلم في ظل الحرب والظروف الصعبة بسبب غياب أبسط مقومات الحياة، ومواصلة عمليات البحث اليومية عن الأكل والمياه. وتخشى أسليم من أن استمرار الحرب الإسرائيلية وعدم وجود آفاق لانتهائها سيؤثران على العام الدراسي المقبل، ويتسببان في ضياعه ما يجعل مستقبل أبنائها وآلاف الطلاب مجهولاً.
وللمرة الأولى منذ عام 1948 لن يستطيع طلاب الثانوية العامة في غزة الالتحاق بهذا الاختبار نظراً إلى تداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل، وتدمير البنى التحتية للمدارس والمنشآت التعليمية، وغياب الكوادر العاملة، وتحولّ المدارس إلى مراكز إيواء. وتقتصر مشاركة بعض الطلاب من خلال السفارات الفلسطينية التي تتواجد في دول استطاع بعض الطلاب الغزيين السفر إليها خلال فترة الحرب.
ويقول رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده لـ"العربي الجديد": "تعمّد الاحتلال تدمير 80% من مدارس قطاع غزة كلياً أو جزئياً، وهو ما وصفه خبراء الأمم المتحدة في بيان مشترك أصدروه في 18 إبريل/ نيسان الماضي، بأنه يمثل إبادة تعليمية تحرم جيلاً آخر من الفلسطينيين من مستقبلهم".
ويلفت إلى أنه "حتى المدارس التي تديرها أونروا تحوّلت إلى مراكز إيواء لمئات آلاف المدنيين النازحين قسراً، وتعرضت ولا تزال لهجمات إسرائيلية كثيفة، وبعضها بشكل متكرر وفي فترات متفرقة، بما في ذلك في المناطق التي صنّفها الجيش الإسرائيلي بأنها "آمنة".