تعتبر منطقة جبل الأربعين قرب مدينة أريحا في ريف إدلب الغربي، شمال غربي سورية، من أهمّ الوجهات السياحية في أيام الصيف لسكان المنطقة الشمالية، لارتفاعها وما تمتاز به من مناظر طبيعية وجوّها المعتدل صيفاً، لكنّ هذه المنطقة فقدت زوّارها منذ سنوات بسبب القصف الذي تعرّضت له من قبل النظام السوري وحملات النزوح المتكررة، وانشغال السكان بآثار الحرب والظروف الاقتصادية المتردية التي نتجت عنها.
ومع هدوء جبهات القتال وتراجع حدة القصف بشكل كبير، عاد قسم كبير من سكان المنطقة إلى منازلهم ومنشآتهم السياحية هناك، لكنّهم وجدوها مخرّبة وبحاجة لإعادة تأهيل. وفي مبادرة منه، أطلق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) حملة خدمية في منطقة أريحا تحت اسم "ربيع الأربعين"، وذلك تزامناً مع بداية شهر رمضان، بهدف تحسين الواقع الخدمي في المنطقة التي عاد إليها عدد كبير من السكان بعد الهدوء النسبي.
بهدف تحسين الواقع الخدمي في المنطقة التي عاد إليها عدد كبير من السكان بعد الهدوء النسبي
يقول المنسق الإعلامي للمشاريع في الدفاع المدني سراج محمود، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحملة تستهدف الطريق المعروف باسم "طريق الأربعين" السياحي، وستعمل الفرق على تنظيف الطرقات الفرعية وصيانة الأرصفة وبناء 40 مقعداً إسمنتياً، إضافة لتجهيز 25 مظلة شمسية معدنية.
ويشير إلى أن الفرق ستعمل على تشجير جوانب الطريق السياحي بأشجار جديدة وورود، كما ستسقي وتقلّم الأشجار القديمة التي ما زالت على قيد الحياة، بالإضافة لصيانة وطلاء الأرصفة، وستبني أيضاً سوراً في الأماكن الخطرة لمنع سقوط الأطفال أو تدهور الآليات في الوادي.
وبدوره، يقول مدير المكتب الإعلامي في المديرية الثانية التابعة للدفاع المدني محمد حمادة، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحملة ستستمر طيلة شهر رمضان، ليكون المشروع جاهزاً مع حلول عيد الفطر، وهو المناسبة التي تشهد إقبالاً شديداً من الأهالي على التنزه في المنطقة التي عاد إليها خلال الفترة الماضية أكثر من 50 ألفاً من المدنيين، ونهدف إلى أن يعود "طريق الأربعين" وجهةً مفضلة للسكان، لا سيما مع الارتفاع في درجات الحرارة.
ولفت إلى أن فرق الدفاع نفذت، خلال الأيام القليلة الماضية، مشروعاً لتركيب وحدات ألعاب في حدائق المدينة، بهدف نشر البهجة في نفوس الأطفال، كما شهد شهر سبتمبر / أيلول من العام الماضي حملة خدمية كبيرة تحت عنوان "أمل العائدين"، كانت متزامنة مع بدء عودة النازحين إلى المدينة.
وأكّد أن الدفاع المدني يسعى إلى تحسين الواقع الخدمي في أوقات السلم كهدف مهم يسعى لتحقيقه، ويبذل قصارى جهده ضمن برامج التعافي المبكر في تحسين ظروف حياة السكان وتسهيل معيشتهم، ولا سيما في المناطق التي تعرضت للقصف والتدمير من قبل النظام وحليفه الروسي.
محمد سالم، الذي عاد حديثاً إلى مدينة أريحا هو وعائلته، يقول لـ"العربي الجديد" إن مناظر الدمار موجودة في كل زاوية من المدينة، وهناك العديد من العائلات التي تقصد طريق الأربعين، الذي أتى الدمار على أجزاء كبيرة منه، بعد الإفطار، ويشير إلى أن إعادة تأهيل الطريق ستجلب عشرات آلاف السياح إلى المنطقة، التي كانت وجهة للمصطافين في كل عام.
ويؤكد أن إعادة تأهيل المرافق المدمرة أدت إلى عودة كثير من النازحين إلى منازلهم، والاستمرار فيها سيسهم في عودة آخرين، ما سينعكس على حياة المدنيين والمستثمرين في المنطقة وما حولها.
وتأسّس الدفاع المدني أواخر عام 2012 كفرق من المتطوعين بهدف الاستجابة للقصف الجوي على الأحياء، وبسبب سحب الخدمات الحكومية الأساسية مثل الإطفاء والرعاية الصحية وخدمات الطوارئ.
وتتألّف فرقه من نحو ثلاثة آلاف متطوعة ومتطوع، ينشطون في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام، شمالي سورية، وكان لهم دور بارز في إنقاذ المدنيين من الهجمات التي شنّتها قوات النظام وروسيا خلال السنوات الثماني الماضية.