دعت "هيئة الصحة الدنماركية"، اليوم الأربعاء، إلى بدء الموسم الدراسي القادم "خالياً من شرب الكحول". ويأتي ذلك على خلفية تصدّر اليافعين والشباب الدنماركيين لقائمة أوروبا لأكثر متعاطي الكحول الملتحقين بمؤسسات التعليم.
وعادة ما يبدأ الطلاب موسمهم الدراسي بعد إجازة الصيف بحفلات صاخبة تسيطر عليها مشاهد الشراب والموسيقى في الهواء الطلق. وترغب "الصحة الدنماركية" في الحد من هذا التقليد المتبع، وعلى الأقل في الشهرين الأولين من بدء الدراسة.
وتشمل الدعوة طلبة الثانويات والمدارس المهنية التي تعاني بالفعل من تناقض قوانين بيع الخمور لمن هم دون السادسة عشرة في المتاجر، وبالوقت نفسه انتشار الكحول بصورة مفرطة بين الفئات العمرية الشابة وبصورة جماعية.
وتأمل السلطات الصحية أن يكون العام الحالي خالياً من الكحول في أول أسابيع الدراسة، وهو ما أيدته العديد من المدارس الثانوية.
وتريد السلطات الصحية كسر التقليد السنوي المعروف باسم "التعارف" بين الطلاب، الذي تكون الكحوليات في العادة عنوانه الرئيس، إلى جانب ممنوعات كثيرة، التي يشعر خلالها بعض الطلاب بضرورة "مسايرة" الآخرين في تصرفاتهم.
وعبّر رئيس الوحدة في هيئة الصحة الدنماركية، نيلز ساندو، عن سروره "لأن المزيد من المدارس توافق على تشديد سياسة الكحول الخاصة بها"، متمنياً أن "يتمكن الشباب من الحصول على بداية أفضل لحياة دراسية".
ورأى ساندو في تصريحات للتلفزيون الدنماركي اليوم أن "الطلاب يحصلون على فرصة للتعرف إلى بعض بطريقة صادقة عندما لا يكون هناك كحول".
ويتفق الخبير الصحي مع فكرة أن "الكثيرين من الشباب يعانون من ضغوط من أجل تناول الكحول عندما يباشرون الدراسة، وباعتبارها المرة الأولى التي يشربون فيها، وعلى اعتبار أن الكحول تفتح بوابات العلاقات الاجتماعية، وتلك فكرة خاطئة".
لماذا ترفض بعض الثانويات توصية منع الكحول؟
بعض الثانويات الدنماركية لم تتشجع لفكرة حظر الكحول في الأسابيع الأولى، معتبرة أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى خيارات بديلة أكثر خطورة.
وتذهب توصية "الصحة الدنماركية" إلى منع الثانويات للكحول في حفلات التعارف مع انطلاق الموسم الدراسي القادم، غير أن بعض الثانويات ترى أن هذه التوصية يمكن أن تدفع الطلاب إلى عدم المشاركة في تلك الحفلات والذهاب إلى إقامتها بصورة خاصة، وربما في حدائق كما هو معتاد كل سنة وسط شكاوى السكان في عدد من المدن الدنماركية من الصخب والعراك المصاحبين لتلك الحفلات.
تبريرات بعض الثانويات رفضها الخبير في الصحة الدنماركية كريستنسن بقوله: "ذلك يذكرنا إلى حد ما بالقصة التي تقول إن من الأفضل للأطفال أن يتعلموا الشرب في المنزل بدل تعلمه في الشارع (تقليد دنماركي قديم يسري في بعض الأسر حتى اليوم)".
جدير بالذكر أن أرقام هيئة الصحة الدنماركية غير مبشرة حيال تصدر الشباب الدنماركي لقوائم الأكثر شرباً للكحول في أوروبا. ومع أن الشباب في أوروبا يعانون من فرط شرب الكحول، إلا أن الدنمارك تتميز بصورة سيئة في انتشار المشروب بين الصغار دون الخامسة عشرة، وهي تتصدر أوروبا لفئة الـ15 عاماً الذين جربوا الدخول في حالة سكر من الكحوليات.
وتفيد أرقام الهيئة أن استهلاك الكحول بين الشباب يزداد بشكل كبير عند الانتقال من المدرسة الابتدائية إلى التعليم الثانوي، وخصوصاً بين الشباب الذين يبدأون المدرسة الثانوية. فنحو 24 في المائة من الذكور، و14 في المائة من الإناث من النساء الذين تراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً، يشربون أكثر من 10 كؤوس خلال أسبوع عادي.
وترى الدراسات الطبية المحلية أن بدء الشرب في سنّ مبكرة يساهم في تدمير أدمغة الشباب التي تبقى تتطور حتى سن الـ25، وتساهم الخمور في تضرر الذاكرة والقدرة على التعلم، أضف إلى أنها تضر بضبط النفس وتقييم المخاطر.