بعد أيام قليلة من حوادث إطلاق النار والقتل وسط العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، حذّرت الشرطة من ممارسات يرتكبها "مجرمون منظمون، لا يدّخرون وسيلة لقتل خصومهم". وليل أول من أمس الثلاثاء، أكدت الشرطة، في مؤتمر صحافي، أنها تواصل بحث ما يجري مع السويد التي تواجه بدورها حرباً دموية بين عصابات. اندلعت موجة العنف الجديدة إثر مقتل شخص في الـ27 من العمر بطلقات نارية أمام المارة في وضح النهار، الخميس الماضي، وشهدت سلسلة من عمليات إطلاق نار شملت شوارع ومقهى "نرجيلة" وصالون حلاقة وغابة، وأودت بحياة شاب آخر في الـ17 من العمر داخل صالون حلاقة، وجرح أيضاً فتى في سن الـ15 ورجل في سن الـ28، ما رفع إلى 4 عدد القتلى خلال 4 أيام، في حين أصيب عدد من الأشخاص بطلقات مباشرة في العنق والرأس، ما يؤكد- بحسب الشرطة- تعمّد المعتدين استهداف المنطقة العلوية من الجسم.
وتعتبر الشرطة أن "ما يجري يجعل منطقة العاصمة كوبنهاغن في وضع استثنائي مع مجرمين عنيفين يلاحقون بعضهم بعضاً لتنفيذ عمليات تصفية"، علماً أن حروب العصابات في شوارع كوبنهاغن أدت إلى مقتل عابري سبيل بإطلاق نار عشوائي في السنوات الماضية. وتربط الشرطة العمليات تحديداً بعصابتين تتنافسان منذ سنوات، وتقول: "تقودنا كل خيوط التحقيقات إلى بيئة العصابات والمجرمين المنظمين". ودفع التوتر السائد الشرطة إلى نصب حواجز لتفتيش سيارات ومشاة قرب مناطق رود أوفر وفريدركسبيرغ ونوربرو في العاصمة، والتي شهدت صراعات مريرة بين العصابات، رغم أن القضاء أصدر سابقاً أحكاماً كثيرة في حق أفراد منها للحد من نشاطاتهم غير القانونية. يأتي ذلك على أبواب إحياء الدنماركيين احتفالات نهاية العام، ما يجعلهم في قلق كبير وتوتر ملحوظ، خصوصاً في المناطق القريبة من وسط العاصمة. وتؤكد الشرطة أنها تعلم جيداً "بحال التوتر الشديد التي تصيب المارة لدى رؤيتهم عبور طوابير سياراتنا بعد كل عملية لإطلاق النار، وتتفهم عصبيتهم الكبيرة خلال تحركاتهم". أيضاً، لم يخفِ السكان خوفهم من تنفيذ محاولة لإعدام شابين في غابة قريبة من منطقة هيرليف قرب كوبنهاغن، أول من أمس الثلاثاء. وهما أصيبا بجروح خطرة نتجت من أعيرة نارية استهدفت العنق والرأس.
صراع إجرامي "عنيف"
ووصف المفتش في الشرطة المتخصص في ملاحقة عناصر العصابات توربن سفرير الحال التي يعيشها أبناء كوبنهاغن بأنها استثنائية. وقال في مؤتمر صحافي عقده أمام مقر الجهاز وسط العاصمة: "يشعر المواطنون بأن الوضع يختلف عن حروب العصابات في السنوات السابقة"، في تلميح إلى مشاركة أفراد عصابات يركبون دراجات نارية في العمليات، علماً أن هذه الطريقة تنتشر في هولندا والسويد أيضاً، وينفذها رجال وشبان من مختلف الإثنيات يركزون تحركاتهم على أسواق المخدرات والمواد الممنوعة.
وأبدت الشرطة قلقها من اتساع عمليات القتل في كوبنهاغن، "فعمليات إطلاق النار الحالية لا تبدو عشوائية كما رأينا سابقاً، بل توحي بوجود جهوزية واستعداد كاملين للخروج وقتل الشخص المستهدف. ونرى مزيداً من علامات الصراع العنيف بين البيئات الإجرامية". ويشير المركز الوطني للتحقيق في الجرائم إلى أن العمليات الحالية تحصل بين عصابتي "ساتودارا" التي لديها فروع أوروبية، وأخرى منافسة لها تحمل اسم "إن إن في" وتنشط داخل البلاد وفي جنوب السويد. وتوضح أن "العصابتين تستخدمان أسلحة نارية ومتفجرات في النزاعات الدائرة بينهما. وقد اشتدت وتيرة العنف الشهر الماضي، ووصلت ذروتها في عمليات القتل التي ترتكب منذ الخميس الماضي".
تلويح بـ "العقاب الشديد"
وأكد قائد الشرطة الدنماركية ثوركيلد فوغدا أن عناصر الأمن باشروا باتخاذ تدابير حاسمة لاعتقال الجناة، وتأكيد سجنهم فترات طويلة، علماً أن الجهاز يستطيع تقديم الأشخاص الذين يشتبه في انضمامهم إلى عصابات إلى المحكمة، وطلب إصدار أحكام لفترات مضاعفة في حقهم، استناداً إلى قانون معدل للعقوبات صدر عام 2017. وقد تصل عقوبات السجن إلى فترات تتراوح بين 5 و6 سنوات، بمجرد تثبيت عضوية المتهم في عصابة وحيازته على سلاح حتى إذا لم يشارك في إطلاق نار.
وحالياً، تكثف الشرطة حواجز التفتيش في مناطق نوربرو وتينبيرغ وهوسوم التي تسمى "مناطق العقاب الشديد"، من أجل توقيف أي شخص يملك سلاحاً أو يمارس أنواعاً من جرائم العنف، تمهيداً لإحالته إلى المحكمة بموجب التعديل الصارم المعتمد في قانون العقوبات.